آداب الاستماع إلى تلاوة القرآن الكريم
On 11:26 ص by ريم العزيآداب الاستماع إلى القرآن الكريم
أنزل الله -سبحانه وتعالى- القرآن الكريم ليكون مرشدًا لنا نحو الطريق المستقيم. وقد أمرنا بتلاوته والاستماع إليه وتأمل معانيه والعمل بتوجيهاته. كما وعد الله بالثواب على ذلك وحذرنا من إهماله، ومهد لنا الأسس الصحيحة للاستماع والتلاوة. قال تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ).
وفي تفسيره، أوضح السعدي الفرق بين الاستماع والإنصات، حيث أن الإنصات يعني ترك الحديث أو الانشغال بما يمنع الاستماع، بينما الاستماع هو إيلاء السمع والانتباه القلبي وتفكر في ما يسمع. وفيما يلي، نستعرض آداب الاستماع للقرآن الكريم.
حضور القلب
يجب على مستمع القرآن الكريم أن يُركز قلبه أثناء الاستماع، لنيل الفهم العميق لمعاني المسموع. وقد أثنى الله تعالى على من يستمعون للقرآن الكريم وجعل ذلك سببًا لرزقهم الرحمة، في حين ذم المعرضين عنه فقال -تعالى-: (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ).
ويعتبر السماع أمرًا مهمًا للمأموم في الصلاة الجهرية خلف الإمام، ويستحب للمستمع أن يُسبّح عند وجود تسبيح في الآية، ويدعو عند وجود دعاء، ويستعيذ عند وجود عذاب. فقد كان الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (إذَا مَرَّ بآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وإذَا مَرَّ بسُؤَالٍ سَأَلَ، وإذَا مَرَّ بتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ).
تنقسم أنواع الاستماع إلى ثلاث فئات: سماع إدراك، سماع فهم، وسماع قبول وإجابة. حيث إن سماع الإدراك هو السماع بواسطة الأذن، بينما سماع الفهم مرتبط بالوعي، وقد وصفهم الله -تعالى- بالصم البكم. أما سماع القبول والإجابة فهو خاص للمقربين، لأنه يجمع مختلف أنواع السماع.
التفكر والتدبر
قد أمر الله -تعالى- بالتفكر والتدبر في القرآن، فقال -سبحانه وتعالى-: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ). ويعني التدبر التفكير في مغزى الأمور وعواقبها؛ وقد شبه الله -تعالى- الذين لا يتدبرون القرآن بمن وضع قفلاً على قلبه.
تجدر الإشارة إلى الفرق بين التدبر والتأثر عند سماع القرآن، حيث يعتقد بعض الأفراد أن الوجل والبكاء من خشية الله دليل على التدبر، ولكن هذا تصور خاطئ، لأن التدبر هو عملية فكرية لفهم الآية، بينما التأثر هو استجابة عاطفية قد تنجم عن التدبر أو حالة الشخص أثناء الاستماع.
سجود التلاوة
تعددت آراء العلماء حول حكم سجود التلاوة للذين يقصدون الاستماع، حيث رأى البعض وجوبه، ورأى آخرون أنه سنة. والراجح أنه سُنَّة. كما تنوعت الآراء حول حكم سجود التلاوة لأولئك الذين لا يقصدون الاستماع إلى أربعة أقوال؛ بين الوجوب والسنية والاستحباب وعدم المشروعية، ورجح أنه سنة في حق السامع كما هو في حق المستمع.
يعتبر سجود التلاوة تعبيرًا عن الخضوع لله -تعالى-، ويمتاز هذا الحكم بخلاف الصلاة، حيث يتبع المأموم الإمام؛ فإذا سجد الإمام فعليه السجود، وإذا لم يسجد الإمام فلا يُسجد المأموم.
تعظيم القرآن الكريم واحترامه
يتجلى تعظيم القرآن الكريم في الالتزام بآداب الاستماع قدر الإمكان، لأن التخلي عن هذه الآداب يؤدي إلى إغفال السنن، مما قد يفضي إلى ترك الواجبات وارتكاب المحرمات. وينبغي للمستمع أن يحترم تلاوة القرآن الكريم ويتجنب ما يُشغله عن الاستماع، كالأحاديث غير المجدية والضحك، والنظر إلى أمور تلهيه.
اترك تعليقاً