أبو حيان التوحيدي: المفكر الفيلسوفي البارز في العصر الإسلامي
On 5:26 ص by ليلى الخطيبأبو حيان التوحيدي
يُعتبر أبو حيان التوحيدي من أبرز الأدباء والفلاسفة في القرن الرابع الهجري، كما أنه يُعد من رواد زمانه في مجالات الأدب والتصوف. كان يتميز بعمق ثقافته وحضوره الذهني الفائق، بالإضافة إلى أسلوبه التعبيري المميز وغناه بالتنوع. وقد عُرفت مؤلفاته بغزارتها وتنوعها في الأسلوب والمحتوى، حيث كان حريصًا على حضور مجالس العلم والفكر، وكذلك التواصل مع معاصريه من الأدباء والعلماء.
اسمه الكامل هو علي بن محمد بن العباس التوحيدي البغدادي، وقد عُرف غالبًا بلقب أبو حيان التوحيدي. وتقول بعض المصادر إن أصوله تعود إلى شيراز أو نيسابور، ويعود سبب نسبته إلى “التوحيد” إلى أن والده كان يتاجر بكميات معينة من التمر المعروفة بتسمية “تمر التوحيد” في العراق.
المولد والنشأة
وُلِد أبو حيان التوحيدي في بغداد عام 310 هجري، وعاش يتيمًا بعد وفاة والده، حيث تولى عمّه رعايته لكن بطريقة قاسية. بدأ حياته المهنية في مجال الوِراقهـ (نسخ الكتب) حتى اشتد عوده، فنجح في احتراف هذه المهنة وأصبحت عونًا له على الحياة. ورغم أن هذه المهنة لم تُحقق له جميع آماله، إلا أنها أضافت له الكثير من المعرفة والثقافة، وجعلته مطلعًا على التراث العلمي والمعرفي لعصره. ورغم طموحه الواسع، واجه صعوبات لتحقيق ما يسعى إليه، إذ لم يجد الدعم من المتنفذين في ذلك الحين، مما أثر سلبًا على نفسيته وجعله يشعر بنقص التقدير.
تعلم أبو حيان بطرق مختلفة مثل السؤال والمشافه، إضافة إلى سفره إلى البادية. استقى علمه من المدرسة الإسكندرية، ولازم كبار العلماء في عصره لتعلم النحو والأدب والعلوم الشرعية، متأثراً بأسلوب الجاحظ الذي سعى لتقليده، حيث اعتبره بعضهم متفوقًا عليه. كما تأثر بالثقافة اليونانية من خلال قراءة ترجماتها إلى العربية، وكان لديه نظرة مميزة حول الفن، حيث اعتبره تجسيدًا لأفكار ومشاعر الإنسان.
مصنفات أبي حيان
كتب أبو حيان العديد من المؤلفات، بعضها وصل لنا وتم نشره، بينما لم يتمكن البعض الآخر من الوصول إلينا. وفيما يلي قائمة ببعض الكتب التي نُشرت:
كتاب الإمتاع والمؤانسة
يعتبر من أكثر كتب التوحيدي متعةً وفائدة، حيث يُعَد مصدرًا ثمينًا لفهم البيئة الاجتماعية والثقافية والفكرية في زمانه.
كتاب البصائر والذخائر
يحتوي مجموعة من الحكم والنوادر والشعر والتاريخ واللغة، وقد جمعه التوحيدي على مدار خمسة عشر عاماً.
كتاب المقابسات
يتضمن هذا الكتاب أكثر من مئة اقتباس من الحوارات التي عاشها التوحيدي مع العلماء في مجالات متنوعة، ويدل أسلوبه الأدبي في الكتاب على رقي التفكير.
كتاب الهوامل والشوامل
يمكن من خلاله الاطلاع على القضايا التي كانت تهم المجتمع في زمن التوحيدي، حيث تناول الأسئلة المتعلقة بالأدب واللغة والفلسفة والقضايا النفسية والأخلاقية.
كتاب أخلاق الوزيرين
تألف الكتاب نتيجة خصومته مع الوزيرين ابن العميد والصاحب بن عباد، حيث وصف فيه حالهما بأسلوب هجائي بارز ويعتبر من أشهر ما كتب في الهجاء.
كتاب الإشارات الإلهية والأنفاس الروحانية
يُعبر عن تجربة أبو حيان في الورع والتصوف، ويتضمن رموزًا مثيرة وأفكارًا عميقة تجعل منه من أبرز كتب الأدب والتصوف.
هناك أيضًا بعض الرسائل التي قام بكتابتها، مثل “الصداقة والصديق”، و”رسالة في علم الكتابة”، و”رسالة الحياة”.
مصير كتبه ووفاته
عبر التوحيدي في كتبه عن آلامه ومعاناته من الفقر والحرمان، حيث قوبل عمله وتراثه بالتجاهل من المجتمع. وعانى من كثرة الجفاء مما دفعه إلى إحراق جميع كتبه، مشيرًا إلى خيبة أمله في الحصول على التقدير الذي يستحقه. وأكّد أن الوضع أصبح له كغريب بمشاعره وأفكاره.
ورغم الانتقادات التي وُجهت إليه بسبب إحراق كتبه، فقد برر أفعاله بأنه لم يشعر برغبة المجتمع في التقدير. تُوفي أبو حيان التوحيدي عام 414 هجري، وما زال اسمه يتردد حتى اليوم بفضل إسهاماته الأدبية والفلسفية.
المراجع
- ↑ أحمد مراد (15-8-2012)، “أبو حيان التوحيدي شيخ الفلاسفة الذي أحرق كتبه بعد أن جاوز التسعين”، www.alittihad.ae، اطّلع عليه بتاريخ 20-4-2018. بتصرّف.
- ^ أ ب “نبذة حول الأديب: أبو حيان التوحيدي”، www.adab.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-4-2018. بتصرّف.
- ↑ جمال الغيطاني (1995)، خلاصة التوحيدي (الطبعة الأولى)، القاهرة: المجلس الأعلى للثقافة، صفحة 5. بتصرّف.
- ^ أ ب ت محمد متولي (24-3-2017)، “أبو حيان التوحيدي: الفيلسوف الذي أحرق كتبه”، www.ida2at.com، اطّلع عليه بتاريخ 20-4-2018. بتصرّف.
اترك تعليقاً