أروع قصائد الشاعر حامد زيد
On 8:23 م by كريم الجباليقصائد حامد زيد المتميزة
من بين روائع الشعر الخليجي، تتألق قصائد الشاعر حامد زيد باللهجة المحلية، ومن أبرزها:
قصيدة أهل الجنوب
وأعيني التي كلما نعشعت من هبوب الغربي،
تتلألأ باللون الغائب الذي يذوب أمامها.
وفي كل مرة يظهر فيها ذلك اللون الجميل،
أسترجع ذكرى الريم المتألق وسرد سفرها.
وكلما جاءتني ذكرى تلك الريم،
تجرّ قلبي بعنف، حرمت نفسي من مدّ يدي على ما لا أتمكن منه.
منذDepartureت ريم الحُسن، ابتعدت عن جميع المسارات،
ليس بعيب في العذارى، بل هي وحدها فقط.
من رحيلها، لم يسرق قلبي من الحور أحد المحبوب،
ولم أجد الجادل التي تستحق أن أعيش لأجلها.
لأن القلوب، إن لم تخلص لأحبائها، ليست بقلوب حقيقية.
والمودة التي لا تعيد الروح لا نسعى خلفها.
أما الوفاء الذي يحمي الرجال من العيوب،
أو الجفاء الذي يستر عيوب العرب في رحالهم،
فما أصعب الفراق من أهل الجنوب.
يا ويلي على التي كلما زعلت شدّت رحالها،
التي يديرها العتاب، حين ينشب في صدري لهب.
قد تعبت أراضيها وهي لم تطل في انتظارها.
كانت معي كما النصيب، تحدّني من كل الاتجاهات،
كانت دروبي مليئة بمتاهات الظلال.
كانت ملجأي حين أشعر بأنني بحاجة للهروب،
كانت سمائي عندما ضاقت بي الحياة.
لماذا تتحداني وأنا في كل الأحوال ضعيف؟
لماذا حرمتني من قهر أعدائي ومآسيها،
لماذا تتجاهلني وأنا لست جبانًا أو كاذبًا؟
لماذا رخصت دمعي وأنا لم أبكِ إلا لأجلها؟
لا ترحم من له سنين، كأنه على النار محروب.
لم تزدها دمع الفقيد الذي بكته الأطلال.
لم تخف أن تهدم السنين التي بنينا جدارها.
لم تفكر في التخفيف عن حالتي، وترحم حالها.
قولوا لها، لو لم تذوب، أنا سأجعلها تذوب.
قولوا لها، لو لم تكن تعني لي، أنا مستعد أن أحملها.
إذا غفرت لي هذا الخطأ، سأغفر لها كل الذنوب.
وإن جلبت لي الخير، ستبشر بعشر أمثالها.
سأفرد لها صدري وطناً وأجمع من ضلوعي شعوباً.
وسأرفع لها مكانة لم يستطع أحد الوصول إليها.
إذا كنت مخطئًا، فأنا لست معفى من العيوب.
العذر مغفور، والبشر تنال جزاء أعمالها.
فالغياب قاسي، والفراق يضيّق صدر الحياة.
لقد تعبت من البحث عن حيلة، لأعود إليها.
قولوا لها، تعودي، فأنا لست مجبرًا على البعد.
وإلا أرى نذرًا عليّ أنه ليس بجوالها.
أما أن تتجنب هذه المتاعب وتترك البعد وتتوب،
أو أنها ستبشر بالجنون الذي لا ينتهي أمرها.
يكفي غيضًا، فالحياة مغلقة من كل جانب.
لقد تحملت من الهموم ما لا يُحتمل،
يكفيني أنني كلما هبّت عليّ العواصف.
تتمنى عيني للجنوب وتلتفت بحالتها.
والمشكلة أنني كلما نظرت نحو الجنوب،
تطري لي الريم اللعوب وحكاية سفرها.
والله إني كلما تذكرت هذه الريم،
حرمت نفسي من أن أمد يدي إلى ما لا يمكنني.
قصيدة الجمهرة
مشكلتي أنني لم أحسب حسابهم في عدم اهتمامهم.
فقد دخلوا صدري على ذكرى قصيدة وصوت جذاب.
صوتٌ يصول على المنبر وكلماته فريدة.
والطيبة التي زعزعت صوت الخطيب ومنبره.
لم يكن هناك دموع من أحبائي على وشي، ولم أخسر.
ولا زرق حزني على بعيد، ولا كف تضيع به.
كل الرحلات معي ذكريات من أصدقائي الذين رحلوا.
والذي بقى لي من عذاب أشجع طريقي وأخطره،
لأنني تجنبت الغرق، تجاوزت السحاب.
لأن أغلب أصدقائي ورق، ولم أرى للطيبة ثمر.
والله لم أضع بين الحقد والوفاء حجابًا.
حتى غدَوا أصحابي يحدوني على الضيق، أشكرهم.
البارحة كانت رقابهم تعلو، فأثقلوني.
البارحة، كان البغض هدفًا.
أثر المصائب لا تأتيك إلا من المقربين.
وفي هذا الزمن، حتى الأخ الذي تثق به، أحذره.
يا وجه الحسد، كيف تجمعهم وتغيب؟
كيف يمكن أن تتعرض السنين لبعثرة؟
لا بارك الله في الرفيق الذي يزعله كلام العتاب.
ولا اجتمع الله الرجال الذين تفرقوا مرة.
الصاحب الذي لا يجلب سوى العذاب.
نذرٍ لي إذا ما هجرتني، وإلا سأكون من الهاربين.
من يفتح باب الفراق، سأفتح له عشرين باب.
وإذا لم يستطع صديقي، فلا أقدره.
علمت نفسي أنني كلما شدت للملم، أركب.
ما صددت وجهي عن أهداف إلا عندما حصلت على خبر،
أنهم رحلوا، فأنا بريء منهم ليوم الحساب.
وإن جرحوا، أنتم تقولوا لهم: لم يحركوا شيء في عددي.
انظروا لهم كأنهم حول السنين، ولا تأخذوا مني جواب.
أفضل دواء للمحاولة عدم الاستفزاز، تجاهلهم.
ما كنت أهتم بهم صغيرًا، إلا أنني أهتم بهم شبابًا.
الصاحب الذي لا أعتمد عليه في الأيام الصعبة، لا أعتمد عليه.
انظروني جمعت أوراقهم بكتاب وأغلقت الكتاب.
يا وقت الذي يجمع أجزاؤه، وينثر ما تبقى.
من يخاف من العطش، يترك لنا طرد السراب.
والذي ليس في قدر الظلام ووحشته لا يسهر.
بعد اكتئاب البارحة، لم أعد أتحمل الاكتئاب.
الطيب جذبني وأنا لست في حاجة لجذب.
لقد تحملت العطش حتى احترق وجهي وذاب.
لقد كسرت بخاطري قبل أن تكسر الصداقة.
لقد خسرت من غاب غير كل الغياب.
لقد سامحت لمن لا يستحق الغفران.
أنا أكثر إنسان تعلم من كثرة ما أخطأ وقد أصاب.
أنا آخر صوت يتحدث في زمن الثرثرة.
أنا القصيدة التي صادفت مليون ناب في دفتره.
أنا الوحيد الذي جمع مليون ناب في دفتره.
جفني وجرحني السهر، حيلتي وهددتها المصاعب.
دموعي هدر، وضحكي ندرة، وعُمري ضاع أكثره.
الشيب بعقول العرب، هيبة رؤوس لا تخاف.
جمعت الناس الذين لا يعرفون معنى الجماعة.
لم أكن ذئبًا إلا لكوني في مجابهة الذئاب.
لم أكن أغيب إلا لأني أعفوا عند القدرة.
ترى حالتك، إذا حملت لصديقك كلمة عتاب.
إذا لم تنطق بها في وجهه، فلا تذمه في غيابه.
في هذا الزمن، لا يملي عيون الحاسد إلا التراب.
أو المحظوظ، الطلقة التي لا تصيبه، تذكره.
تودك إذا جاءت لك الغلطة من الناس القريبين.
الصاحب الذي لم أحقق محبته، لا أخسره.
قصيدة حد علمي
حد علمي بالحب يوم كنت أقل أهمية.
يوم كانت ضحكتي طبيعية، وعنفواني سمة.
حد علمي بالحب يوم كنت خفاق ضرير.
قبل أن أهدم العشق ثم أبنيه، ثم أعود فأهدمه.
حد علمي بالبكاء يوم كان لي قلب وضمير.
قبل أن أرى مسلمًا يموت بيد مسلمة.
ليلٍ عجز عن أن تأتي، وجاءتني بظلمتها،
منذ أن عرفت إحساسها كأنه نذير في قلبي.
والنهار المكتئب واضح من مقدمته.
ليلٍ شعرت أنه لا يُجور ولا يُجير.
كطفلٍ لم أحقره، وعجز عن إحراجه.
وأصبحت كالشعرة، وأقسمت ظهر الجمل.
وبدأ في موته الجرح من حيث أنهيته.
صار لي بالعشق ما لم أتوقعه أن يحدث.
انظلمت بعشرة إنسان لم أتوقّع أن يُظلم.
الصاحب الذي تبرأ من صدع الأصدقاء.
الحسن عزّز خطاياه والحظ خدمه.
لا تبتسم، يكسر النور في عيون البصير.
وكأن شمس المغربية تستقر بمبسمها.
معتدل في قامته، لا هو طويل ولا قصير.
ممتلئ بالزين من معصمه، لي معصمه.
فيه ألوان، الهدب لون مختلف ولون مختلف.
كما أن للرمش قصة غامضة في العين.
كانها تشبه تكس وتؤدي إلى غدير.
ومثلما تجمعت الشتات، جمعت الجلد.
كأن الريح تمتصه.
قصيدة الليالي السرمدية
منذ أن عرفت العلم وأنتِ، يا ليالي السرمدية.
والوصول أغلى طموحات الشاب في بداية شبابه.
والمهابة لا تُقدّر إلا لنفوس رديئة.
ليت في قلب الليالي للفتى قدر ومهابة.
دنياً تجمع بين صفات الخجل والعنجهيّة.
كأنها بنت يُعزّز حسنها ثقل وضخامة.
يوم جئتني، امتحنتني في زمن الجاهلية.
جيتها إنسانًا تحلى في تقاليد الصحابة.
من العطاء تبخل علي، وبالعذاب تتمنى لي الموت.
عشت قلبًا رحيمًا يكرهه الضيم ويهابه.
لكنني عرفت، ما هو نهاية وصلك وآخر هديتك.
وهو صحيح أن القصائد للجريح طبعًا تعذبه،
ومن عرفك، يا ليالي، وأنت أكثر من هوية.
ومن تحلف في ترابك، مقتنع بما حدث له.
من يستطيع فرض طموحه في زمن المعمعة؟
من من الناس يتجرأ على تركك وأنت ترابها؟
السؤال يتكرر، والإجابة مبدئية.
ليتَّ والله ما تكوني مبدئية، يا أجابة.
الرحيم يخون ناسه، والخوي ينسى خويه.
والقلوب التي تخالف ودها صارت كالأخوة.
والخلايق لا تسوي طيبها، جود وحماية.
كلنا نضحك في وجه مبتسم للغدر الناعم.
اترك تعليقاً