أسباب الحصول على رزق وفير
On 4:26 ص by فراس الحارثيرؤية الإسلام للرزق
تشغل قضية الرزق بال كل إنسان بشكل يومي، حيث يسعى الجميع لتوفير المال لأنفسهم ولأسرهم من أجل تلبية احتياجاتهم الأساسية من مأكل ومشرب وملبس وتعليم. لهذا السبب، أولى الإسلام اهتمامًا كبيرًا لقضية الرزق، وقام بوضع المبادئ الأساسية التي يجب أن يؤمن بها المسلم أثناء سعيه للحصول على حاجاته. من بين هذه المبادئ تُبرز أهمية العمل، ورفض الكسل والتواني. لقد حثت العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية على العمل الجاد والاجتهاد. من الآيات الكريمة قال الله تعالى: (وَقُلِ اعمَلوا فَسَيَرَى اللَّـهُ عَمَلَكُم وَرَسولُهُ وَالمُؤمِنونَ). كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الذل وطلب المساعدة من الآخرين، واعتبر العمل شرفًا للإنسان بغض النظر عن طبيعته. وأوضح الإسلام أن الرزق ليس محصورًا في المال فحسب، بل يتضمن أيضًا الإيمان وحُب الله ورسوله، والزوجة الصالحة، مما يدل على تنوع الأرزاق التي تأتي من الله -تعالى- الرازق. علاوة على ذلك، يؤكد الإسلام على أن كل أرزاق العباد هي بيد الله عز وجل، فلا رازق سواه، وأن سؤالات الناس لن تنقص من ملكه شيئاً.
أشار الإسلام أيضًا إلى أن الرزق الذي يقدره الله لشخص ما لن يفوته أبدًا، بل هو محقق له. فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ نفساً لن تموتَ حتى تستوفِيَ رزقَها). هذا المبدأ يعزز من إيمان الناس بأن ما كتبه الله لهم من أرزاق سيصلهم لا محالة، وأن ما لم يكتبه لهم لن يصلهم أبدًا، مما يُعفيهم من اللجوء إلى أساليب غير مشروعة للحصول على الرزق. كما يُقرر الإسلام أنه لا توجد علاقة بين محبة الله تعالى للعبد ومقدار الرزق الذي يعطيه، حيث أن الله -عز وجل- يرزق الكل، وقد يعظم رزق من يضل عن الطريق في هذه الدنيا، بينما يقتر على المؤمنين. لذا، الله يُعطي الدنيا لمن يحب ومن لا يحب، بينما الإيمان هو فقط لمن يحب. وأيضًا، من قواعد الإسلام في الرزق أن البركة تكون مع الطاعة، بينما يُمحق بالمعاصي حتى وإن كان كثيرًا، وإن استعجال الحصول على الرزق بطرق غير مشروعة قد يمنع الحلال عن العبد.
عوامل تحقيق الرزق الواسع
يبذل الجميع في الحياة سعيًا لتوسيع أرزاقهم وزيادتها، فالرزق الواسع يُعتبر من النعم التي تُزين الحياة الدنيا. كما قال الله تعالى: (الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا). لقد أعد الله -تعالى- أسبابًا يمكن للناس من خلالها تحقيق الرزق الواسع، كما يحصلون على الأجر والثواب من خلال مواظبتهم على تلك الأسباب، مما يؤدي بهم إلى نعيم الدنيا والآخرة. فيما يلي بعض من هذه الأسباب:
- تقوى الله، فقد أوضح الله في كتابه الكريم أنه يرزق المتقين بغير حساب، كما جاء في قوله: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ).
- كثرة الاستغفار، فهو له فوائد عظيمة وأسهل ممارسة، ويُعتبر سببًا من أسباب الرزق الوفير. كما ذكر الله -تعالى- على لسان نوح عليه السلام: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا*وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا).
- الإلحاح في الدعاء، فهو أحد وسائل التواصل بين العبد وربه، حيث يمكنه من خلاله طلب مختلف الحاجات، سواء كان ذلك الرزق أو الشفاء أو تيسير الأمور. من المهم أيضًا أن يكون الدعاء خالصًا وأن يتجنب الحرام في المأكل والمشرب.
- المواظبة على التسبيح في كل وقت ومكان، حيث يُعزز ذلك من حسناته ويمنحه الرزق.
- التوكل على الله، أي الإيمان بأن الله هو المعطي والمانع، وأن ما كُتب له من رزق لن يتمكن أي مخلوق من منعه.
- المواظبة على صلاة الضحى، فقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، ولها فضائل عظيمة، وتعمل على جذب الرزق بأنواعه.
- الزواج، فهو نعمة كبيرة لها فوائد كبيرة للفرد والمجتمع. وقد حرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على التأكيد أن الله يُعين من يرغب في الزواج بقوله: (ثلاثةٌ حقٌّ علَى اللهِ عونُهم: المجاهِدُ في سَبيلِ اللهِ، والمكاتَبُ الَّذي يريدُ الأداءَ، والنَّاكِحُ الَّذي يُريدُ العفافَ).
- إخراج الصدقات، حيث أن الصدقة لا تُنقص من مال صاحبها، بل تُنميها وتبارك فيها كما قال الله -تعالى-: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ).
أهمية شكر الله على الرزق
إن شكر الله يزيد النعم ويُعظمها، فقد قال الله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأْزِيدَنَّكُمْ). إن شكر النعمة يعكس توازن النفس الإنسانية. فالأصل هو شكر الله على الخير، وهذا هو جزاء المؤمنين. وعلى الإنسان الذي يشكر الله -تعالى- أن يتحلى بالتواضع، وأن لا يستخدم نعمته كوسيلة للاستعلاء على الآخرين أو في الأعمال السيئة. إن ذلك يُسهم في تزكية النفس ودفعها للعمل الصالح ويُعزز الروابط الاجتماعية، مما يساعد في تنمية ثروات المجتمع بشكل آمن. بهذا، يظهر لنا أن شكر النعم لا يعود بأي نفع على الله -تعالى-، فهو الغني الحميد.
اترك تعليقاً