تأثير الفقر على مستوى التعليم
On 5:25 م by كريم الجباليالتعليم وأهميته
تعتبر أهمية التعليم من القضايا المحورية، خصوصًا في دول العالم النامي. فالتعليم يعد بمثابة المفتاح الأساسي لتحرير الأفراد والمجتمعات من براثن الفقر. فالمعرفة المكتسبة من التعليم تمنح الأطفال الثقة الضرورية لاستكمال مسيرتهم التعليمية، مما يسهل عليهم تحقيق أحلامهم ويسهم في مساعدة الأجيال القادمة. كما يسهم التعليم أيضًا في إحداث تغييرات ملحوظة في حياة البالغين اليومية، سواء في مجالات التغذية، التعليم، أو الرعاية الصحية، مما يجعلهم قدوة حسنة لأبنائهم ويشجعهم على الالتزام بالتعليم.
أثر الفقر على التعليم
يعرف الفقر بأنه حالة نقص في الممتلكات المادية مثل المال والموارد الأساسية التي تلبي الاحتياجات الضرورية. يرتبط الفقر بمجموعة من التحديات مثل سوء الصحة، انخفاض مستويات التعليم، وعدم القدرة على العمل، إلى جانب سلوكيات سلبية مثل التخريب والإسراف. وتترتب على ذلك آثار سلبية تؤثر على الأفراد والمجتمعات على حد سواء.
برغم أن التعليم يُعتبر السبيل الأمثل لتحسين حياة الفقراء، فإن الأبحاث قد أظهرت تأثيرات مباشرة للفقر على التعلم وتعليم الأطفال. حيث أثبتت الدراسات وجود ارتباط واضح بين انخفاض الدخل والمشكلات الصحية المزمنة والاضطرابات النفسية، وكذلك التحديات الاجتماعية والأكاديمية. كما تقدم أبحاث أخرى أدلة على أن الفقر يقلل من استعداد الأطفال للمدرسة، نتيجة لعوامل مثل انتشار الفقر وعمقه ومدته، بالإضافة إلى تأثير الجريمة على المجتمعات التي يعيش فيها هؤلاء الأطفال.
يساهم الفقر في خلق تحديات كبيرة تعيق حياة الأطفال، خاصة في مجال التعليم. إذ تنفق الحكومات حصصاً محدودة من الناتج المحلي على التعليم، مما يؤدي إلى تدني جودته وعدم توفره للعائلات الفقيرة. تعاني هذه العائلات من ظروف مثل الاكتظاظ في الصفوف الدراسية، وتعطل الأجهزة التكنولوجية، ونقص الكفاءة لدى المعلمين، مما يعيق تلبية احتياجات الطلاب. وفي حين أن التعليم غالبًا ما يكون مجانيًا، إلا أن هناك تكاليف إضافية مثل الأزياء المدرسية، والكتب، ووسائل النقل، مما يزيد العبء المالي على الأسر الفقيرة التي تفقد فرصة العمل عندما ترسل أبنائها إلى المدارس.
توجد العديد من الإحصائيات التي تُظهر تأثير الفقر على التعليم، منها إحصائيات المعهد الحضري التي أظهرت أن 30% من الأطفال الذين يعانون من الفقر لا يكملون التعليم الثانوي، مما ينعكس سلبًا على فرص نجاحهم الاقتصادي واندماجهم في سوق العمل، مما قد يؤدي بدوره إلى تفاقم الفقر في مراحل البلوغ. وهذه الإحصائيات تبرز بشكل واضح تأثير الفقر على قدرات الطلاب التعليمية، من خلال:
الإعداد المدرسي
يعتمد الإعداد المدرسي بشكل كبير على التطور المعرفي للأطفال. فالأطفال الذين يعيشون في فقر يكونون غالبًا أقل استعداداً للانضمام إلى رياض الأطفال، التي تلعب دورًا حيويًا في تعزيز تعليمهم. تعاني الأسر ذات الدخل المنخفض من عدم القدرة على تخصيص الوقت للقراءة لأطفالهم أو توفير تكاليف التعليم، مما يؤدي إلى بيئة أسرية غير مستقرة. بالمقابل، تمتلك الأسر الغنية القدرة على استثمار الأموال اللازمة لتطوير المهارات المعرفية لأطفالهم وتأهيلهم للانتقال إلى مرحلة رياض الأطفال.
الحضور في المدارس
تشير الدراسات إلى أن معدلات التغيب عن المدرسة تتراوح بين ثلاثة إلى أربعة أضعاف في المناطق الفقيرة. إذ يُظهر معظم الطلاب الغائبين من الأسر ذات الدخل المنخفض معاناتهم من ضغوط الحياة اليومية مثل رعاية الأشقاء، وارتفاع معدلات المرض، والعنف في مجتمعاتهم، بالإضافة إلى التنقل المستمر بحثًا عن فرص عمل.
التنمّر
تشير بعض الدراسات إلى أن طلاب الأسر الفقيرة هم أكثر عرضة للتعرض للتنمّر. المدارس التي تعاني من تفاوت اقتصادي بين الأسر تشهد مستويات أعلى من التنمّر، حيث يتواجد فيها طلاب من أسر ثرية وأخرى فقيرة بشكل كبير.
التحصيل العلمي والمعرفي
غالبًا ما يتعرض الأطفال في بيئات فقيرة إلى مستويات عالية من التوتر والإجهاد، مما يؤدي إلى تدني معدلات الذكاء والإدراك وغياب المهارات الاجتماعية. تؤثر هذه التحديات سلبًا على انتباه الأطفال وتركيزهم، مما ينتج عنه تحصيل علمي ومعرفي منخفض جدًا في المجتمعات الفقيرة. حيث لا يتعرضون للاحتكاك بالحوارات اليومية ولا يساهمون فيها بفاعلية، لذا فهم يعانون من نقص في المفردات اللازمة للتواصل. لذلك يُعتبر توفير بيئة بديلة ومحفزة للأطفال أمرًا بالغ الأهمية. الأهل يُعتبرون الجهة المسؤولة عن هذا التعاون، حيث يمكن للأطفال التكيف بسهولة مع الظروف التي تُهيأ لهم. توفير الأمل في حياتهم يمكن أن يُعزز تعلقهم بالمستقبل ويساهم في تحسين جودة حياتهم.
السلوك المدرسي
إن العلاقات الأسرية القوية والمستقرة تساعد الأطفال على تطوير سلوكيات إيجابية وتعلم استجابات عاطفية صحية تساعدهم في مواجهة المواقف اليومية. ومع ذلك، فإن الأطفال من الأسر الفقيرة يميلون لعدم تعلم هذه المهارات نتيجة نقص العلاقات الإيجابية، مما يؤثر سلباً على أدائهم الدراسي.
تؤثر الضغوط التي يتعرض لها الطفل بسبب بيئة منزلية غير مستقرة على تعلمه وسلوكه. حيث يُعبر الطفل عن ضغوطه من خلال سلوكيات سلبية في المدرسة، ويكون غالبًا غير قادر على التركيز أو التفاعل بشكل إيجابي، مما ينعكس على تحصيله الأكاديمي وصحته النفسية، ويزيد من احتمالية حدوث الاكتئاب مما يقلل من مهاراته الاجتماعية والإبداعية.
اترك تعليقاً