قصائد أحمد شوقي التي تمجد مصر
On 2:29 ص by عائشة الملاإذا سألتِ عن مصر، أم القرى
إذا تسألين عن مصر، أم القرى
ووطناً للتاريخ والآثار
فصباحها في منفٍ واضحٌ
من ذا يواجه الصباح بالنكران؟
بالهيل من منفٍ ومن ضواحيها
مجدع أنفٍ في الرمال الكفار
مرت الدهور وما التقت أجفانها
وأتت عليه ليلاً ونهاراً
ما فل ساعده الزمان، ولم ينل
منه اختلاف جوارف وظوار
كالدهر لو ملك القيام لفتكةٍ
أو كان غير مقلم الأظفار
وثلاثةٍ قد شبت مع الزمان
شمٌ في مر الزمان، كبار
قامت على النيل العهد عهدٍ
تكسوه ثوب الفخر وهي عوار
من كل مركوزٍ كرضوى في الثرى
متطاولٍ في الجواء كالإعصار
الجن في جنباتها مطروعةٌ
ببدائع البنائين والحفار
والأرض أضيع حيلة في نزعها
من حيلة المصلوب في المسمار
تلك المقابر أضنت من غيب بما
أخفت من الأعلاق والأذخار
نام الملوك بها الدهور الطويلة
يجدون أرواح ضجعة وقرار
كل كأهل الكهف فوق سريره
والدهر دون سريره بهجار
ملوك مصر القاهرون على الثرى
المنزلون منازل الأقمار
هتك الزمان حجابهم، وأزالهم
بعد الصيانة إزالة الأسرار
هيهاتَ! لم يلمس جلالهم البلى
إلا بأيدٍ في الرغام قصار
كانوا وطرفُ الدهر لا يسمو لهم
ما بالهم عرضول على النظار؟
لو أُمهلوا حتى النشور بدورهم
قاموا لخالقهم بعير غبار!
أبناء مصر، مكانكم تهيأ
أبناء مصر، مكانكم تهيأ
فهيأوا للمُلك إن الشأن قد هيأ
خذوا شمس له حليّاً
ألم تكن تاج أوليكم مليّاً؟!
على الأخلاق الملك، وابنوا
فليس وراءها للعز ركن
أليس لكم بوادي النيل عدنُ
وكوثرها الذي يجري شهيا؟!
لنا وطن بأنفسنا نقيه
وبالدنيا العريضة نفتديه
إذا ما سيلت الأرواح فيه
بذلناها كأن لم نعطِ شيئاً
لنا الهرم الذي صاحب الزمانا
ومن حداثه أخذ الأمانا
ونحن بنو السنا العلي، نمانا
أوائل علموا الأمم الرُقى
تطاول عهدهم عزا وفخرا
فلما آل للتاريخ ذخرا
نشأنا نشأةً في الجد أخرى
جعلنا الحق مظهرها العليا
جعلنا مصر مِلَّة ذي الجلال
وألفنا الصليب على الهلال
وأقبلنا كصفٍ من عوالٍ
يشد السمهري السمهريّا
نروم لمصر عزا لا يرامُ
يرف على جوانبه السلام
وينعم فيه جيران كرام
فلن تجد النزيل بنا شقياً
نقوم على البناية محسنينا
ونعهد بالتمام إلى بنينا
إليك نموت – مصر – كما حيينا
ويبقى وجهك المفدى حيّا
يا ساكني مصر، إننا لا نزال على
يا ساكني مصر، إننا لا نزال على
عهد الوفاء وإن غبنا مقيمين
هلا بعثتم لنا من ماء نهركم
شيئاً نبلُّ به أحشاء صادينا
كل المناهل بعد النيل آسنةٌ
ما أبعد النيل إلا عن أمانينا
أبناء مصر، ارفعوا الغار
أبناء مصر، ارفعوا الغار
وحيوا بطل الهندِ
وأدوا واجباً، واقضوا
حقوق العلم الفرد
أخوكم في المقاساة
وعرك الموقف النكد
وفي التضحية الكبرى
وفي المطلب، والجهد
وفي الجرح، وفي الدمع
وفي النفي من المهد
وفي الرحلة للحق
وفي مرحلة الوفد
قفوا حيوه من قربٍ
على الفلك، ومن بعد
وغَطُّوا البر بالآس
وغَطُّوا البحر بالورد
على إفريز راجيوتا
ن تمثالٌ من المجد
نبيٌ مثل كونفشيوس
أو من ذلك العهد
قريب القول والفعل
من المنتظر المهدي
شبيه الرسل في الذود
عن الحق، وفي الزهد
لقد عَلَّم بالحق
وبالصبر، وبالقصد
ونادي المشرق الأقصى
فلباه من اللحد
وجاء الأنفس المرضى
فداوَاها من الحقد
دعا الهندوس والإسلام
للفتة والورد
سحرٍ من قوى الروح
حوى السيفين في غمد
وسلطانٍ من النفس
يقوي رائض الأسد
وتوفيقٍ من الله
وتيسيرٍ من السعد
وحظٍ ليس يعطاه
سوى المخلوق للخلد
ولا يأخذ بالحول
ولا الصول، ولا الجند
ولا بالنسل والمال
ولا بالكدح والكد
ولكن هبة المولى
– تعالى الله – للعبد
سلام النيل يا غndi
وهذا الزهر من عندي
وإجلالٌ من الأهرام
والكرنك، والبردي
ومن مشيخة الوادي
ومن أشباله المرد
سلامٌ حالب الشاة
سلامٌ غازل البرد
ومن صد عن الملح
ولم يقبل على الشهد
ومَنْ يركب ساقيه
من الهند إلى السند
سلامٌ كلما صليت
عريانا، وفي اللبد
وفي زاوية السجن
وفي سلسلة القيد
من المائدة الخضراء
خذ حذرك يا غndi
ولاحظ ورق السير
وما في ورق اللورد
وكن أبرع من يلعب
بالشطرنج والنرد
ولاقي العبقريين
لقاء الند للند
وقل: هاتوا أفاعيكم
أتى الحاوي من الهند!
وعُد لم تحفل الذام
ولم تغتر بالحمد
فهذا النجم لا ترقى
إليه همّة النقد
ورد الهند للأمة
من حدٍ إلى حدٍ
أبكيك إسماعيل مصر وفي البكا
أبكيك إسماعيل مصر، وفي البكا
بعد التذكر راحة المستعبر
ومن القيام ببعض حقك أنني
أرقى لعزّك والنعيم المدبر
هذي بيوت الروم، كيف سكنتها
بعد القصور المزريات بقيصر؟
ومن العجائب أن نفسك أظهرت
والدهر في إحراجها لم يقصر
ما زال يخلّي منك كل محلة
حتى دفعت إلى المكان الأقفَر
نظر الزمان إلى ديارك كلها
نظر الرشيد إلى منازل جعفر
اختلاف النهار والليل ينسي
اختلاف النهار والليل ينسي
أذكرا لي الصبا وأيام أُنسي
وصِف لي ملاوةً من شبابٍ
صُورت من تصوراتٍ ومَسِّ
عصفت كالصبا اللعوب ومرّت
سنةً حلوةً، ولذة خلس
وسلا مصر: هل سلا القلب عنها
أو أسا جرحه الزمان المؤسي؟
كلما مرّت الليالي عليه
رقّ، والعهد في الليالي تقسّي
مستطارٌ إذا البواخر رنَّت
أول الليل، أو عوت بعد جرس
هم بنو مصر لا الجميـل لديهمُ
بمضاعٍ ولا الصنيع بمنسي
من لسانٍ على ثنائك وقفٌ
وجنانٍ على ولائك حبسِ
حسبهم هذه الطلول عظاتٍ
من جديد على الدهور ودرسِ
وإذا فاتك التفاتٌ إلى الما
ضي فقد غاب عنك وجه التأسي
اترك تعليقاً