قصائد من الشعر الحديث
On 4:09 ص by هدى الشارخأدموع النساء والأطفال
- قصيدة الشاعر إبراهيم طوقان في مأساة نابلس:
أدموع النساء والأطفال
تجعل القلب ينزف مثل دموع الرجال.
بلدٌ كان مصدراً للهدوء والطمأنينة
حتى اصطفاه القضاء بالزلزال.
هزة تلو الأخرى جعلته
أطلالاً مدمرة.
اهتزت الأرض ثم تداركت وألقت
ما على عاتقها من أثقال.
فتهاوت المنازل على اليمين
وابتلعت أهلها، وعلى الشمال.
في عاصفة من الغبار تثيرها، تركت الدنيا
في ظلامٍ مع شمسها في الغروب.
فإذا الدور، إما أن تكون قبوراً
تحتها أهلها، أو ملامحٍ عابسة.
وإن لم تلمس النسمات الرفيعة،
فإنها تفتقر إلى الخلود.
لا تسأل عن حال نابلس الحزينة،
فليس هناك مجيبٌ لسؤالك.
أترى الطيور تفرّ ذعراً
من حضور الخفافات والثقيل.
هكذا فُرّق أهلها عن المنازل
التي كانت رمزاً للرفاه.
كانت ذات روابي عالية،
فما بالك بما حدث لها بعد الركود.
فالآن نمنا تحت السماء بلا ستائرٍ
وحياتنا مُعطلة بعد التقلبات.
وليالي الأعراس، كم يؤلمني قلبي،
قد عادت مع تغييرات الأيام.
يضحك الدهر، لكن أيا ابن ودي، يأبى الحزن أن يغادر
في يوم لم يخطر لنا الحزن.
رب وادٍ كأنه النهر،
يختال في سكون الجمال.
نسيمٍ يمر بأناقة،
فيه أغصان مائلة.
تتغنى فيه الطيور بأصواتٍ
تمتد بين الصباح والمساء.
نغمات مُنشدَة تملأ الأفق
وتتراقص مع الألحان.
يا طيور الوادي، قد كبحت فؤادي،
وكنت أشعر برودة ظللكم.
يا طيور الوادي، ما أحزان بلادي،
قد مزجت لي الغناء بالأوجاع.
كان واديك ملاذَ السعادة،
لكن الآن هو قبرٌ للآمال.
كان جبل عيبال يهتز بدوي الأنس،
فماذا سمعت في عيبال؟
كان جبل جرزيم مكاناً للفرح والفتيات،
تحت ظلاله ومياهه النقية.
أدموع عينيه أطلقت آهات،
وزفرات الأرامل والأثقال.
يا يد الموت، ما عهدت الظروف،
مشت نحو الاغتيال.
غمرتنا الحرب بخمسة عقود،
كأنها دقائق مرت بغير قتال.
ووجوه الموت انبثقت في كل هذه الكوارث،
كلها تحت تأثير هذه المآسي.
من وحيد لأمه وأبيه،
جمعوه متفرق الأوصال.
ومكباً على صغاره بوجهٍ
تداخل فيه الدمع بالثرى المنهمر.
وفتاة اتخذت تقاويم والدها
وقد عانت، ترجو الفرج.
وكان ثمة من رأى ابنه يغادر الحياة،
كذلك كان يميل إلى البعد.
ومريضٌ ومحزون قد علاه الألم،
كانوا يسعون لنيل الطمأنينة.
هُدم البيت بالمريض ومن داخله،
وبالبنات والأطفال.
لقد شهدنا في لحظة، وسمعنا
كيف تستخف المنون بالأعمار.
هنا نساءٌ جائعات بلا مأوى،
قد سترن الأجساد بالأسمال.
هنا أسرٌ تهاجر، والألم كبديلٍ
للأثاث فوق الرمال.
هنا مبتلى بفقد ذويه،
وهنا معدم الكثير من العيال.
الحزن قد ملأ كل قلب، وأودت
ريح اليأس بنضرة الآمال.
غرباء في بلادنا، إن فلسطين
تملك ثرواتٍ من النكبات.
حتى عذرك قد استُخدم، فخذوه
عن بنيها واذنوا بالترحال.
ربي، إليك من الاثم نداء،
جاءتنا من بعد هذا الشقاء.
وشرٌ وكل آتٍ قريب،
أوَ بعد الانحسار من إمحال؟
ربي، إن الأزمات تتكاثر علينا،
حسبنا كرب الغربة والاحتلال.
ثلاث مفاجآت لامرأة رومانسية
- قصيدة نزار قباني في حب المرأة:
ستفاجأ – سيدتي – لو علمتِ
أني أجهل ما تعريف الحب!
وستحزنين كثيراً.. حين تعلمي
أن الشاعر ليس بعالمٍ للمستقبل!
أنا آخر رجل في هذا العالم
يتنبأ عن أحوال القلب!
سيدتي،
إنني حين أحبكِ..
لا أحتاج إلى “أل” التعريف!
سأكون غيباً إن حاولت،
وهل يمكن لشمس أن تدخل في ثقب!
إذا كان لديكِ تعريفٌ للشعر.
فأنا لدي تعريفٌ للحب،
ستفاجأين يا سيدتي لو علمتِ
أنني أمي جداً في علم التفسير!
إن كنتُ قد نجحتُ قلمي في حبك،
فما نفع الكلمات؟
أيصدِّق أحدٌ أن ملك العشق،
والصائد للكلمات،
والذي تُعدُّه الأقوى في كل الحلبات،
لا يعرف أين.. وكيف..
تبللنا أمطار الوجد،
ولماذا هندٌ تُدخلنا في زمن الشعر،
ولا تدخلنا دعد؟
أيصدِّق أحد أن فقيه الحب، ومرجعه،
لا يُحسن تفسير الآيات؟
ستفاجأين يا سيدتي لو علمتِ،
أنني لا أهتم بتحصيل الدرجات،
وأنني رجلٌ لا يرعبه تكرار السنين!
وتفاجأين أكثر،
حين تعلمي أني رغم الشيب، ورغم الخبرة،
لم أتخرج من جامعة الحب!
إني تلميذ، سيدتي،
إنني تلميذكِ، سيدتي،
وسأبقى – حتى يأذن ربي – طالباً للعلم!
وسأبقى دوماً عصفوراً،
يتعلم في مدرسة الحلم…
عن إنسان
- قصيدة للشاعر محمود درويش عن ظلم الإنسان الفلسطيني:
وضعوا على فمه السلاسل،
وربطوا يديه بصخرة الموتى،
وقالوا: أنت قاتل!
أخذوا طعامه والملابس والبيارق،
ورموه في زنزانة الموتى،
وقالوا: أنت سارق!
طردوه من كل المرافئ،
أخذوا حبيبته الصغيرة،
ثم قالوا: أنت لاجئ!
يا دامي العينين والكفين!
إن الليل زائل،
لا غرفة التوقيف باقية،
ولا زرد السلاسل!
نيرون مات، ولم تمت روما …
بعينيها تقاتل!
وحبوب سنبلة تجف،
ستملأ الوادي سنابل…
اترك تعليقاً