قواعد الصيام للزوجين
On 5:59 م by منى الشاميرابطة الزوج بزوجته خلال فترة الصيام
لقد أقرّ الله سبحانه وتعالى الزواج وجعل فيه المودة والرحمة بين الزوجين، وجعل منه الأساس لتكوين الأسرة المسلمة، التي تُعتبر عماد المجتمع. ومن المهم الإشارة إلى أن التوجيهات الشرعية المتعلقة بالعلاقة الزوجية في شهر رمضان تدعو الزوجين إلى الحذر من الأفعــال المرتبطة بالشهوة. يُستحسن أن تكون هناك لحظات من الجلوس والمزاح والكلام المفيد والتعلم، ولكن يجب تفادي كل ما يؤدي إلى الجماع، مثل القبلات أو الأحضان أو المجامعة، لأن هذه الأفعال تُعتبر شهوات قد تم مدح الصائم لتركها تقرباً إلى الله، حيث ورد في الحديث القدسي: (يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، والصيام لي وأنا أجزى به، والحسنة بعشر أمثالها). يجب على الصائم أن يكون واعياً أن هذه المحظورات تتفاوت في درجة الخطورة، حيث تُعتبر المجامعة الأكثر خطراً، إذ قد تؤدي إلى إنزال المني وبالتالي إفساد الصيام. وعلى الرغم من إباحة بعض أهل العلم للتقبيل وما شابهه أثناء الصيام، إلا أنهم وضعوا شروطاً لذلك، منها: تأكد الصائم من عدم احتمال الانتقال إلى ما بعد التقبيل. لذلك، يُنصح الأزواج بالتعرف على الأحكام الخاصة بصيام رمضان، وسنستعرض فيما يلي بعضاً منها.
أحكام الصيام للمتزوجين
حكم الجماع للصائم
يُعتبر الجماع محظوراً على الصائم في نهار رمضان، حيث يُعتبر بمثابة الأكل والشرب من حيث تأثيره على الصيام. قال الله تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ). هذه الآية توضح إذن المباشرة ليلاً، مما يعني أن الصيام يشمل الامتناع عن الطعام والشراب والجماع وغيرها من المُفطرات.
يعود سبب تحريم الجماع في نهار رمضان إلى الهدف من عبادة الصيام أن يتجنب الإنسان مغريات الشهوات، مثل الأكل والشرب. في هذا الإطار، يُسبب الاستغراق في الشهوات انشغال الذهن ويضعف العزيمة على العبادة. لذلك، حرّم الله تعالى الجماع في نهار رمضان واعتبره من المفطرات، وأوجب كفارة على من أفطر بسبب الجماع.
قد أوضح العلماء أن من جامع زوجته في نهار رمضان فإنه يرتكب إثماً، ويُفطر صيامه، ويجب عليه الامتناع عن باقي اليوم. وبالإضافة إلى ذلك، يجب عليه قضاء ذلك اليوم وكفارة تتضمن عتق رقبة، فإن لم يجد، فعليه صيام شهرين متتابعين، وإن لم يستطع، فيجب عليه إطعام ستين مسكيناً. أما إذا كان الصيام نافلة، ولم يرتكب الفعل خلاله، فلا كفارة عليه.
كما أوضح الفقهاء حكم من جامع زوجته في نهار رمضان ناسيًا، حيث لا تُبطل صيامه بالنظر إلى حكم من أكل أو شرب ناسيًا، فهذا الفعل مسموحٌ.
حكم التقبيل للصائم
التقبيل الذي يفسد صوم الصائم هو الذي يؤدي إلى إنزال المني، وهذا ما أجمع عليه أهل العلم، أما إذا لم يؤدي إلى ذلك، فقد يعتمد الحكم على طبيعة الصائم، فإذا كانت القبلة تُثير فيه الشهوة، فحكمها الكراهة، وإن لم تُثِر الشهوة، فلا بأس بها، لكن يُحبذ تجنبها. وقد رواه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبل وهو صائم)، مما يُوضح جواز التقبيل تحت ظروف معينة. وعليه، فإن حكم التقبيل يختلف بحسب ما يترتب عليه من آثار.
استنادًا إلى ما تقدم، يُشير أهل العلم إلى الحديث الذي رواه أبو هريرة -رضي الله عنه-، حيث تم تفسير المباشرة على أنها ملامسة وليس جماعًا. وقد بين العلماء أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُرخّص للشاب، مما يُؤكد على ضرورة الاعتدال في مثل هذه الأفعال.
الأحكام المتعلقة بنزول المني للصائم
يعرّف المني بأنه سائل يحتوى على خصائص معينة ويخرج عند اشتداد الشهوة، ويعقبه فتور في الجسم، بينما المذي هو سائل لزج يخرج من دون شدة. ويؤثر نزول أي منهما على صحة الصيام، إذا حدث في سياق ملامسة أو تقبيل، إذ يتطلب قضاء ذلك اليوم. ومع ذلك، في حال انزال المني نتيجة تفكير أو حلم، فلا يؤثر على صيامه.
أما الاستمناء، فهو مُحرم، ويُعتبر مؤثراً في الصيام. وقد تم تضارب الآراء بين الفقهاء في كيفية تأثير الاستمناء على الصيام، لكن أغلب المذاهب توافق على إبطاله للصيام.
حكم صيام الجنب
أفاد علماء الدين بجواز تأخير الغسل لمن جامع زوجته في الليل حتى الصباح، دون أن يؤثر هذا على صحة صيامه. وقد أشار النووي إلى إجماع العلماء حول هذا الحكم بناءً على ما ورد عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- في حديث نبوي.
حكم المداعبة بين الزوجين أثناء الصيام
تُعتبر المداعبة بين الزوجين أثناء الصيام جائزة بشرط عدم الاشتغال في الأمور التي قد تثير الشهوة بشكل قد يؤدي إلى إنزال المني أو المذي. إذا شعر أحدهما بالخطر، تجب التوقف عن المداعبة لتفادي إفساد الصيام. وهناك أحاديث مؤكدة من الرسول حول هذه المسألة توضح جواز المداعبة وتناقلها بين الزوجين أثناء فترة الصيام.
اترك تعليقاً