آداب تقديم النصيحة في الدين الإسلامي
On 6:15 ص by يوسف السعيدالنصيحة في الدين الإسلامي
يُعتبر مفهوم النّصيحة من الحقوق الأساسية التي يحتفظ بها المسلم تجاه إخوانه في الدين، وقد أولاها الإسلام أهميةً خاصة، حيث تميزت بمكانتها العالية. وقد ذُكرت العديد من النصوص الشرعية في القرآن الكريم والسنة النبوية تُؤكد على ضرورة النصيحة المتبادلة بين المسلمين والتعاون فيما بينهم. يقول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّـهَ إِنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ). كما أن للنصيحة آداب وضوابط يجب مراعاتها، ولها آثار إيجابية تعود بالنفع على الناصح والمنصوح، وكذلك على المجتمع بصورة عامة.
آداب النصيحة في الإسلام
توجد آداب عدة يجب على الناصح الالتزام بها ووضعها في اعتباره عند تقديم النصيحة، وفيما يلي بعض هذه الآداب:
أولاً: تجنب تقديم النصيحة أمام الملأ
يُفضل تقديم النصيحة في أوقات الخصوصية، مما يجعلها أكثر قبولًا. إذ أن النصيحة في العلن يمكن أن تُعتبر نوعًا من التوبيخ أو الإحراج للمنصوح، مما يعد مرفوضًا وفقًا لما قاله البعض: النصيحة أمام الناس تعتبر فضيحة.
ثانيًا: استخدام اللين والرفق في النصيحة
من الضروري أن يتم تقديم النصيحة بأسلوب لطيف يظهر المودة والرحمة، مما يُعزز فرص قبول المنصوح لها. قال الله تعالى: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّـهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ). فالنصيحة بأسلوب فظ قد تنفر المنصوح وتجعله يعانده، كما تجسد قصة الأعرابي الذي بال في المسجد، حيث كان لطيف النبي -عليه الصلاة والسلام- سببا لتفهّمه وقبوله للنصيحة.
ثالثًا: أن يكون الهدف من النصيحة الإصلاح والخير
لا ينبغي أن يكون الهدف من النصيحة هو النقد أو إحراج المنصوح، بل يجب أن تُقدم بنية خالصة لله تعالى، بعيدًا عن الرغبة في التفاخر أو الاستعلاء. من الضروري أيضًا تجنب أي نوع من الغش أو الاحتيال في النصيحة.
رابعًا: التحلي بالصبر من قبل الناصح
ينبغي للناصح أن يتحلى بالأخلاق الحميدة وأن يكون صبورًا في حالة ردود أفعال الآخرين. قد يُواجه الناصح الشتائم أو الانتقادات نتيجة لنصائحه، لذلك عليه أن يتحلى بالصبر وألا يرد بالمثل.
خامسًا: معرفة الناصح وعمله وفق النصيحة المُقدّمة
يجب أن يكون الناصح على دراية وفهم لما ينصح به، لضمان فعالية النصيحة. فجهل الناصح قد يؤدي إلى مشاكل إضافية. كما ينبغي أن يكون الناصح قدوة تُحتذى، حيث ذمّ الله أولئك الذين يأمرون بالمعروف ولا يطبقونه، كما جاء في قوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّـهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ).
سادسًا: اختيار الوقت والمكان المناسبين للنصيحة
من المهم اختيار اللحظة والمكان المناسبين لتقديم النصيحة، مما يزيد من احتمال قبولها من قبل المنصوح. المسلم الذكي هو من يسعى لتحييد الأوقات التي قد تشهد انفعالات قوية، ويستخدم أفضل الوسائل حسب طبيعة الموقف.
سابعًا: عدم الإطالة في النصيحة
إن أفضل الكلمات هي ما كانت مختصرة ومُباشرة. فالتطويل في النصيحة قد يؤدي إلى شعور المنصوح بالملل والضجر. وقد ورد عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أنه كان يُذكر الناس كل خميس، فقال له رجل: “يا أبا عبد الرحمن، لوددت أنَّك ذكّرتنا كل يوم؟”، فأجاب: “أما إنَّ ما يمنعني من ذلك أنني أكره أن أُمِلَّكم، وإنّي أتخوّلكم بالموعظة، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخوّلنا بها، مخافة السآمة علينا”.
اترك تعليقاً