أجمل القصائد الرومانسية
On 4:10 م by علي السعيديالشعر الرومانسي
يُعتبر الشعر الرومانسي واحدًا من أجمل أنواع الشعر وأكثرها جاذبية، حيث يتناول موضوعات الحب والعواطف وآلام العشاق، مما يجعلك تشعر وكأنك تعيش في خيال حالم، مستمتعًا بأسرار الليل ونجومه، ومستمعاً لأغاني الطيور. لقد أُبدعت الكثير من القصائد الرومانسية التي تروي قصص عشاق أبهروا القلوب بكلماتهم الرقيقة.
من أبرز شعراء هذا النوع من الشعر في العصر الجاهلي، يأتي الشاعر امرؤ القيس الذي قدم لنا قصائد خالدة تعبّر عن حبه وشوقه. وفي العصر الأموي، عُرف العديد من شعراء الغزل مثل قيس بن الملوّح الذي خلد ذكريات حبه لـ ليلى ومعاناته في فراقها. في العصرك الحديث، أثرالشاعر نزار قباني بعمق على الشعر الرومانسي من خلال العديد من القصائد التي انسابت معانية الحب الرفيع والمشاعر الجياشة. إليكم باقة من اجمل الأشعار الرومانسية.
تسألني حبيبتي
تعد هذه القصيدة لنزار قباني، وفيما يلي أبياتها:
تسألني حبيبتي
ما الفرق بيني وبين السماء؟
الفرق ما بينكما
أنكِ إن ضحكتِ يا حبيبتي
أنسى السماء.
يا ربي قلبي لم يعد كافياً
لأن من أحبها تعادل الدنيا.
فضع في صدري واحدًا
غيره يكون بمساحة الدنيا.
ما زلت تسألني عن عيد ميلادي،
سجّل لديك إذاً ما أنت تجهله:
تاريخ حبك لي هو تاريخ ميلادي،
ذات العينين السوداوين،
ذات العينين الصاحيتين الممطرتين.
ما أطلب أبداً من ربي إلا شيئين
أن يحفظ هاتين العينين
ويزيد بأيامي يومين كي أكتب شعراً
في هاتين اللؤلؤتين.
أشكوكِ للسماء كيف استطعتي، كيف
أن تختصري جميع ما في الأرض من نساء؟
لو كنتِ يا صديقتي بمستوى جنوني،
رميتي ما عليكِ من جواهراً
وبعتِ ما لديكِ من أساور
ونمتِ في عيوني.
لعينَيْكِ ما يلقى الفؤاد وما لقي
قصيدة للمتنبي، وفيما يلي أبياتها:
لعينَيْكِ ما يلقى الفؤاد وما لقي
وللحُبّ ما لم يبقَ مني وما بقي.
وما كنتُ ممن يدخل الحب قلبه،
ولكن من يبصر جفونكِ يعشق.
بين الرضى والسخط والقرب والنوى
مجال لدمع المقلتين المتراقص.
وأحلى الهوى ما خاف في الوصل ربه،
وفي الهجر فهو الدهر يرجو ويتقي.
وغضبَي من الإدلال سكرى من الصبا،
شفعتُ إليها من شبابي بريئ.
وأشنب معسول الثنايا واضح،
سترت فمي عنه فقبل مفريقي.
وأجياد غزلان كجيدكِ زرني،
فلن أتبيّن عاطلاً من مطوق.
وما كل من يهوى يعف إذا خلا،
عفافي ويرضي الحب والخيل تلتقي.
سقى الله أيام الصبَا ما يسرها،
ويفعل فعل البابلي المعتق.
إذا ما لبستَ الدهر مستمتعاً به،
تخرقتَ والملبوس لم يتخرق.
ولم أرَ كالألحاظ يوم رحيلهم،
بعثن بكل القتل من كل مشفق.
قفَا نَبكِ من ذِكرَى حبيبٍ ومنزِلِ
قصيدة لامرؤ القيس، وفيما يلي أبياتها:
قفَا نَبكِ من ذِكرَى حبيبٍ ومنزِلِ
بسقط اللوى بين الدخول فحوملِ.
فتوضح فالمقراة لم يعف رسمُها
لما نسجتها من جنوب وشمألِ.
ترى بعر الآرام في عرصاتها
وقيعانها كأنه حب فلفلِ.
كأني غداة البين يوم تحملوا
لدى سمرات الحي ناقف حنظلِ.
وقوفاً بها صحبي علي مَطيَّهمُ
يقولون لا تهلك أسىً وتجمّلِ.
وإن شفائي عبرةٌ مهراقةٌ،
فهَل عند رسمٍ دَارسٍ من معوّلِ؟
قصائد عن حب قديم
للشاعر محمود درويش، وفيما يلي أبياتها:
على الأقاض وردتنا
ووجهانا على الرمل،
إذا مرّت رياح الصيف
أشرعنا المناديل
على مهل.. على مهل،
وغَبنا طيّ أغنيتين، كالأسرى
نراوغ قطرة الطّل.
تعالي مرّة في البال
يا أختاه!
إن أواخر الليل
تُعرّيني من الألوان والظلّ
وتحميني من الذل!
وفي عينيك، يا قمري القديم،
يشدّني أصلي
إلى إغفاءته زرقاء
تحت الشمس.. والنخل.
بعيداً عن دُجى المنفى..
قريباً من حمى أهلي.
تشهّيت الطفولة فيك.
مذ طارت عصافير الربيع،
تجرّد الشجر،
وصوتك كان، يا ما كان،
يأتي
من الآبار أحياناً،
وأحياناً ينقطه لي المطر
نقيّاً هكذا كالنار،
كالأشجار.. كالأشعار ينهمر.
تعالي.
كان في عينيك شيء أشتهيه
وكنت أنتظر.
وشدّيني إلى زنديك
شدّيني أسيراً
منك يغتفر.
تشهّيت الطفولة فيك.
مذ طارت عصافير الربيع،
تجرّد الشجر!
ونعبر في الطريق
مكبّلين،
كأنّنا أسرى.
يدي، لم أدرِ، أم يدك
احتست وجعاً
من الأخرى؟
ولم تطلق، كعادتها،
بصدري أو بصدرك..
سروة الذكرة
كأنّا عابرا درب
ككلّ الناس.
إن نظرا
فلا شوقاً
ولا ندماً،
ولا شزراً
ونغطس في الزحام
لنشتري أشياءنا الصغرى.
ولم نترك لليلتنا
رماداً.. يذكر الجمر.
وشيء في شراييني
يناديني
لأشرب من يدك ترمد الذكرى.
ترجّل، مرّة، كوكب،
وسار على أناملنا
ولم يتعب.
وحين رشفت عن شفتيك
ماء التوت،
أقبل، عندها، يشرب.
وحين كتبت عن عينيك
نقّط كلّ ما أكتب
وشاركنا وسادتنا..
وقهوتنا.
وحين ذهبت..
لم يذهب.
لعلّي صرت منسيّاً
لديك
كغيمة في الريح
نازلة إلى المغرب.
ولكنّي إذا حاولت
أن أنساك..
حطّ على يدي كوكب.
لك المجد
تجنّح في خيالي
من صداك..
السّجن، والقيد.
أراك، استند
إلى وساد.
مهرة.. تعدو،
أحسّك في ليالي البرد
شمساً
في دمي تشدو.
أسمّيك الطفولة،
يشرئب أمامي النهد.
أسمّيك الربيع،
فتشمخ الأعشاب والورد.
أسمّيك السماء،
فتشمت الأمطار والرعد.
لك المجد،
فليس لفرحتي بتحيّري
حدّ.
وليس لموعدي وعد.
لك.. المجد.
وأدركنا المساء..
وكانت الشمس
تسرّح شعرها في البحر،
وآخر قبلة ترسو
على عينيّ مثل الجمر.
خذي منّي الرياح
وقبّليني
لآخر مرة في العمر.
وأدركها الصباح
وكانت الشمس
تمشّط شعرها في الشرق،
لها الحنّاء والعرس،
وتذكرة لقصر الرّق.
خذي منّي الأغاني
واذكريني..
كلمح البرق.
وأدركني المساء
وكانت الأجراس
تدقّ لموكب المسبية الحسناء،
وقلبي بارد كالماس،
وأحلامي صناديق على الميناء.
خذي منّي الربيع
وودّعيني..
شؤون صغيرة
وهذه قصيدة لنزار قباني، وفيما يلي أبياتها:
شؤون صغيرة
تمرّ بها أنت.. دون التفات
تساوي لديّ حياتي
جميع حياتي..
حوادث.. قد لا تثير اهتمامك،
أعمّر منها قصور
وأحيا عليها شهور
وأغزل منها حكايا كثيرة
وألف سماء..
وألف جزيرة..
شؤون..
شؤونك تلك الصغيرة
فحين تدخّن أجثو أمامك
كقطّتك الطيبة
وكلي أمان،
ألاحق مزهّوةً معجبة
خيوط الدخان
توزّعها في زوايا المكان،
دوائر.. دوائر
وترحل في آخر الليل عنّي
كنجم، كطيب مهاجر
وتتركني يا صديق حياتي
لرائحة التبغ والذكريات،
وأبقى أنا..
في صقيع انفرادي
وزادي أنا.. كلّ زادي
حطام السجائر،
وصحناً.. يضم رماداً
يضّم رمادي..
وحين أكون مريضة
وتحمل أزهارك الغالية
صديقي.. إليّ،
وتجعل بين يديك يدي،
يعود لي اللون والعافية،
وتلتصق الشمس في وجنتي،
وأبكي.. وأبكي.. بغير إرادة،
وأنت ترد غطائي عليّ
وتجعل رأسي فوق الوسادة..
تمنيت كل التمني
صديقي.. لو أنّي
أظلّ.. أظلّ عليلة
لتسأل عنّي،
لتحمل لي كل يوم
وروداً جميلة..
وإن رن في بيتنا الهاتف
إليه أطير
أنا.. يا صديقي الأثير،
بفرحة طفل صغير،
بشوق سنونوّة شاردة،
وأحتضن الآلة الجامدة
وأعصر أسلاكها الباردة،
وأنتظر الصوت..
صوتك يهمي عليّ،
دفيئاً.. مليئاً.. قويّ،
كصوت نبي،
كصوت ارتطام النجوم،
كصوت سقوط الحلي.
وأبكي.. وأبكي..
لأنك فكرت فيّ
لأنك من شرفات الغيوب
هتفت إلي..
ويوم أجيء إليك
لكي أستعير كتاب
لأزعم أنّي أتيت لكي أستعير كتاب،
تمدّ أصابعك المتعبة
إلى المكتبة..
وأبقى أنا.. في ضباب الضباب،
كأنّي سؤال بغير جواب..
أحدّق فيك وفي المكتبة
كما تفعل القطّة الطيبة،
تراك اكتشفت؟
تراك عرفت؟
بأنّي جئت لغير الكتاب
وأنّي لست سوى كاذبة.
.. وأمضى سريعاً إلى مخدعي،
أضمّ الكتاب إلى أضلعي
كأنّي حملت الوجود معي،
وأشعل ضوئي.. وأسدل حولي الستائر،
وأنبش بين السطور.. وخلف السطور،
وأعدو وراء الفواصل.. أعدو
وراء نقاط تدور،
ورأسي يدور..
كأنّي عصفورة جائعة
تفتّش عن فضلات البذور.
لعلك.. يا صديقي الأثير،
تركت بإحدى الزوايا..
عبارة حبّ قصيرة..
جنينة شوق صغيرة،
لعلك بين الصحائف خبّأت شيئاً
سلاماً صغيراً.. يُعيد السلام إليّ..
وحين نكون معاً في الطريق
وتأخذ – من غير قصد – ذراعي،
أحسّ أنا يا صديق..
بشيء عميق،
بشيء يشابه طعم الحريق
على مرفقي..
وأرفع كفّي نحو السماء
لتجعل دربي بغير انتهاء،
وأبكي.. وأبكي بغير انقطاع
لكي يستمر ضياعي،
وحين أعود مساء إلى غرفتي
وأنزع عن كتفيّ الرّداء،
أحسّ – وما أنت في غرفتي –
بأن يديك
تلفّان في رحمة مرفقي،
وأبقى لأعبد يا مرهقي
مكان أصابعك الدافئات
على كمّ فستاني الأزرق..
وأبكي.. وأبكي.. بغير انقطاع
كأنّ ذراعي ليست ذراعي.
اترك تعليقاً