أحبب شخصك المحبوب بلطف، فقد يصبح ذات يوم مكروهًا لك
On 5:29 ص by صالح الحربيتفسير حديث “أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما”
يُعتبر الاعتدال والتوازن من المبادئ الأساسية في الشريعة الإسلامية، حيث تم تضمين هذه القيم في جميع جوانب حياة المسلم، سواء كانت دنيوية أو أخروية. حتى في مشاعر الحب والبغض، يُشدد على أهمية الاعتدال، حيث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما”. لفهم معاني هذا الحديث وأغراضه، يجب النظر إلى مجموعة من النقاط ذات الدلالة كما يلي:
- تعبير النبي “أحبب”: هو توجيه لا يدل على الوجوب، ولا أيضًا على الاستحباب، بل يمثل توجيهًا إرشاديًا. هناك تباين بين توجيه الاستحباب وتوجيه الإرشاد، حيث يرتبط الأول بمسائل الآخرة ويترتب عليه الأجر والثواب، بينما يتعلق الثاني بالشؤون الدنيوية، ولا يرتبط به ثواب أو عقاب. بيد أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذكره لصالح المسلم واحتياجاته الحياتية.
- كلمة “هونًا”: تعني أن تحب بحب مريح ومعتدل، دون تكلّف أو مبالغة.
- الكلمة “ما”: هنا تستخدم لتأكيد المعنى، وقد تعكس أيضًا الإبهام، مما يعني أنه يجب أن تكون المحبة متوسطة وغير بارزة بشكل مفرط، ويحتمل أيضًا أن يقصد بها تقليل المشاعر.
- كلمة “عسى”: توحي بالشفقة، وهي أيضًا تعبر عن الترجي.
- المعنى العام للحديث: يوجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الاعتدال وعدم المبالغة في حب أو بغض أحد. يجب على المسلم ألا يفرط أو يُبالغ في مشاعره تجاه أي شخص، لأن القلوب متقلبة وقد يتحول الشخص الذي كان محبوبًا يوماً ما إلى مصدر كراهية. وبهذا، يُخلف المسلم ندمه، ربما بسبب مُبالغته في الكره، ثم يتغير الحال ويتحول الغير محب إلى صديق مقرب، مما يجعله يتردد في مشاعره السابقة، لذا يجعل الاعتدال خياراً مناسباً.
المحبة والبغض في الإسلام
المحبة في الإسلام
تعبر المحبة عن رغبة الشخص في شيء ما وما يود تحقيقه ويميل إليه قلبه، وهي مشاعر فطرية لدى البشر. تعامل الإسلام مع هذه المشاعر بترشيدها ولم يُلغها. إذ ينص الإسلام على ضرورة محبة الله أولاً، ثم محبة رسوله، ولا يُعتبر إيمان الشخص مكتملًا دون حبه لله ورسوله وتفضيلهما على نفسه. ومن ثم فإنه على المسلم محبة الأولياء والصالحين والعلماء، بالإضافة إلى محبة أهل البيت وصحابة الرسول الكرام.
واجب على المسلمين أن يتحابوا في الله، حيث تعُد هذه المحبة من أعظم الأعمال والقربات. ولقد حضر لهم الإسلام أجراً عظيماً، ووعدهم بالظل يوم القيامة، حيث تظل المحبة في الله قائمة على أساس الإخلاص بدون مساعٍ دنيوية أو مصالح شخصية.
البغض في الإسلام
البغض يعني نفور النفس وعزوفها عن شيء ما، وهو مصطلح مرادف للكراهية، حيث يعبر عن شعور غالبًا ما يكون قهرياً. يجب على المسلم تجنب أسباب البغض وتجنب الخوض فيها. ينقسم البغض إلى نوعين:
- بغض محمود ومطلوب: مثل كراهية المعاصي والمنكرات وكراهية الكفار والعصاة.
- بغض مذموم: وهو كره المسلمين لبعضهم البعض بلا مبرر، مما يدل على سوء الأخلاق. هذا النوع مذموم لأنه يعيق العلاقات الإنسانية ويدمر وحدة المجتمع.
ختامًا، يجب على المسلم أن يتوسط في مشاعره تجاه الآخرين، سواء بالحب أو بالكراهية، لأن الأحوال قابلة للتغيير، ويجب أن تكون محبته وبغضه لله ورضاه فقط.
اترك تعليقاً