أحكام صلاة القصر و شروطها
On 4:18 ص by أحمد الزهرانيأحكام قصر الصلاة للمسافر
يعتبر قصر الصلاة من السُّنن الثابتة للمسافر، حيث يفضل أن يؤدي الصلاة الرباعية بركعتين، ويكون إتمام الصلاة مكروهًا لغير سبب، في حين أن الشافعية والحنابلة يجيزون الإتمام. أما الحنفية فيرون أن القصر واجب وليس مجرد خيار، ويعتبرون أن هذه الواجبات أقل مرتبة من الفرض ومساوية للسنة المؤكدة، لذا يُكره للمسافر الإتمام. إذا أكمل الصلاة، فإنها تُعد صحيحة، لكن يجب عليه الالتزام بالجلوس الأول لأنه فرضٌ بالنسبة له، ومع ذلك يُعد مسيئًا للشأن بتركه واجب القصر. من جهة أخرى، يُشير المالكية إلى أن القصر من السُّنن المُؤكدة، ويعتبر أكثر أهمية من صلاة الجماعة. وعلى الرغم من أنه لا إثم عليه في حال تركه، إلا أنه يُحرم من ثواب السنة. لذا يُعتبر القصر رخصة جائزة وفقًا للجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، بينما الحنفية يعتبرون ذلك عزيمة واجبة ويرون عدم جواز الإتمام.
شروط قصر الصلاة
تقتصر صلوات القصر على الصلاة الرباعية فقط، وهي الظهر، والعصر، والعشاء، حيث لا يشرع القصر في صلاتي الفجر والمغرب. وهناك عدة شروط تتعلق بالقصر، وهي كما يلي:
- مسافة السفر التي تبيح القصر؛ حيث لم يحدد الشرع مقدار هذه المسافة، ولكن تختلف الآراء بين العلماء حول توضيح المسافة المسموح بها. يرى بعض الفقهاء أن القصر يُباح إذا كانت المسافة تعادل سفر يومين أو أكثر، وهو ما يساوي 80 كيلو مترًا، وهو الرأي الذي يتبناه جمهور المالكية والشافعية والحنابلة. ومنهم من يراها مسافة ثلاثة أيام، بينما يعتبر بعض العلماء أنه لا يوجد حد معين، بل يتعلق بالعُرف، حيث يُقبل كل ما يُطلق عليه اسم السفر في السياق.
- كون السفر مُباحًا؛ فلا يجوز القصر في السفر الهادف إلى المعصية، وذلك لما يتضمنه من مساعدة على المعصية والدعوة إليها، بينما أباح المالكية والشافعية القصر في حالات السفر المكروه، وهو ما يمنعه الحنابلة.
- مفارقة المُسافر لحدود قريته، حيث يُشترط أن يبدأ القصر عند انطلاقه في السفر وفقًا للآية الكريمة: (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ)، ويجب على المسافر تجاوز عمران القرية من الجهة التي يعتزم السفر منها، ولا حاجة لأن تغيب البيوت عن نظره. أما سكان البادية فيعتبر تجاوز خيام قبيلتهم، وسكان الجبال يتجاوزون أماكنهم، وأيضًا يبدأ القصر عند انطلاق السفينة في البحر.
- عدم حضور الصلاة وهو في الحضر؛ فإذا وجد الوقت للصلاة وهو في حالة الحضر، وجب عليه إتمامها في هذه الحالة.
- عدم الاقتداء بمُقيم؛ فمن اقتدى بمقيم في سفره يتعين عليه أن يؤدي الصلاة كاملة.
- زمن الإقامة الذي يسمح بالقصر، وسيتم توضيح المدّة عند الفقهاء لاحقاً.
- تحديد القصد في السفر، بحيث يجب أن يكون هناك وجهة معينة أو نية محددة.
- الاستقلال بالرأي؛ فلا يُجيز للمسافر التبعية لغيره كالحالة التي تكون فيها الزوجة أو الجندي الذي لا يعرف هدف السفر.
- النية بالقصر عند الإحرام بالصلاة، وهذا يُعد شرطًا لدى الشافعية والحنابلة، في حين يكتفي الحنفية بنيّة السفر قبل الصلاة.
- البلوغ، حيث يُشترط ذلك لدى الحنفية، على عكس ما يرى الجمهور الذين يسمحون للصبي بإجراء قصر الصلاة.
- استمرار السفر من بداية وقت الصلاة إلى نهايتها، وهو شرط يُعتبر من قبل الشافعية.
مدة قصر الصلاة أثناء السفر
اختلفت آراء العلماء حول المدة التي يُمكن للمسافر أن يقصر فيها الصلاة، وهذه هي الآراء:
- مالكية وشافعية: إذ يرون أن المسافر يمكنه قصر الصلاة إذا كان ينوي الإقامة لأربعة أيام أو أقل، وإذا نوى إقامة في مدة أكثر، عليه إتمام الصلاة كاملة ابتداءً من اليوم الأول.
- حنفية: تعتبر أن المسافر يمكنه القصر إذا أقام في أي بلد مدة خمسة عشر يوماً أو أقل، وإذا نوى بالإقامة لفترة أطول فعليه الإتمام. ويستند الحنفية في رأيهم إلى قياس ذلك على مدة الطهر للمرأة، حيث يعود الشخص إلى الأصالة بعد انقضاء هاتين المدتين، وإذا لم يعرف مدة سفره، يستمر في القصر حتى لو استمرت المدة لسنوات. وعلى عكس الشافعية الذين قيدوا ذلك بثماني عشرة يوماً غير يومي الدخول والخروج.
- حنابلة: يؤكدون أن المسافر يتم صلاته إذا نوى الإقامة أربعة أيام.
- ابن تيمية: يذهب إلى أن المسافر يبقى يقصر الصلاة ما دام مسافراً حتى عودته.
الحالات التي يُمنع فيها قصر الصلاة
هناك العديد من الحالات التي يمنع فيها الفقهاء المسافر من قصر الصلاة، وهي كما يلي:
- الحنفية: لا يجوز للمسافر القصر إذا نوى الإقامة نصف شهرٍ ببلد واحد ثم العودة لوطنه، وعند اقتدائه بمقيم، وعدم استقلاله بالرأي، وعدم قصده وجهةً معينة، ويكفي مجرد نيّة العودة حتى وإن لم يعد.
- المالكية: يدخل في ذلك حالته إذا رغب بالعودة إلى بلد يُريد العودة إليه حتى لو لم يكن وطنه، أو في حال مروره بوطنه، أو عند نيته الإقامة لأربعة أيام.
- الشافعية: إذ يمنعون القصر عند الاقتداء بمقيم، أو بشخص مشكوك في سفره، وعند عدم وجود هدف معين، والتبعية لغيره، أو عند كون السفر معصية، وإذا انقطع السفر أثناء الصلاة، أو عند عدم نيّة القصر أثناء الإحرام.
- الحنابلة: يمتنع القصر في حال مروره بوطنه، أو بلد يشترط فيه وجود زوجة، أو مدينة تزوج فيها، أو إذا أحرم مقيماً ثم سافر، أو بدأ الصلاة وهو في حالة الحضر، أو إذا أحرم في سفر ثم أقام، وكذلك الحال إذا أراد قضاء صلاة نسيها في الحضر، أو اقتدى بمقيم، أو كان مشكوكاً في سفره، وفي حال بدء الصلاة دون أن ينوِ القصر، وعند عمده ترك الصلاة في السفر بعد خروج وقتها، يتعين عليه الإتمام، بالإضافة إلى حاله إذا غيَّر نيته من طاعة إلى معصية، أو تراجع عن نيته في السفر للمعصية، أو إذا نوى الإتمام عند بداية الصلاة، أو نوى الإقامة المطلقة في البلد المراد السفر إليها.
اترك تعليقاً