قصائد تعبر عن الحزن لفقدان المتنبي
On 12:23 ص by طارق النابلسيألا لا أرى الأحداث مدحاً ولا ذماً
أحنُّ إلى الكأس التي شربت بها
وأهوى لمثواها التراب وما ضمّا
بكيتُ عليها خيفةً في حياتها
وذاق كلاهما ثكل صاحبته قِدماً
أتاها كتابي بعد يأس وتمرّد
فماتت سروراً بي فمُتُّ بها غماً
حرامٌ على قلبي السرور فإنني
أعدّ الذي ماتت به بعدها سمّاً
إني لأعلم واللبيب خبير
ما كنتُ أحسبُ قبل دفنكَ في الثرى
أن الكواكب في التراب تغورُ
ما كنتُ آملُ قبل نعشكَ أن أرى
رضوى على أيدي الرجال تسيرُ
خرجوا به ولكل باكٍ خلفه
صعقات موسى يوم دُكّ الطورُ
والشمس في كبد السماء مريضةٌ
والأرض واجفةٌ تكادُ تمورُ
وحفيف أجنحة الملائكة حوله
وعيون أهل اللاذقية صُورُ
حتى أتوا جدثاً كأن ضريحه
في قلب كل موحدٍ محفورُ
يا أخت خير أخ يا بنت خير أب
يا أُختَ خير أخٍ يا بنت خير أبٍ
كنايةً بهما عن أشرف النسبِ
أجِلُّ قدركِ أن تُسمى مؤَبّنةً
ومن يصفكِ فقد سماكِ للعربِ
لا يملكُ الطربُ المحزونُ منطِقَهُ
ودمعه وهما في قبضة الطربِ
غَدرَتِ يا موتُ كم أفنيتَ من عددٍ
بمن أصبتَ وكم أسكتَّ من لجبِ
وكم صحبتَ أخاها في منازلةٍ
وكم سألتَ فلم يبخل ولم تخبِ
طوى الجزيرة حتى جاءني خبرٌ
فزعتُ فيهِ بآمالي إلى الكذبِ
حتى إذا لم يدع لي صدقه أملاً
شرقتُ بالدمع حتى كادَ يشرقُ بي
تعثرت به في الأفواه ألسنُها
والبردُ في الطرق والأقلام في الكتبِ
كأن فعلتها لم تملأ مواكبها
ديار بكرٍ ولم تخلع ولم تهبِ
ولم ترد حياةً بعد توليةٍ
ولم تُغِث داعياً بالويل والحربِ
أرى العراق طويل الليل مذ نُعيَتْ
فكيف ليل فتى الفتيان في حلبِ
يظن أن فؤادي غير ملتهبٍ
وأن دمعة جفوني غير منسكبِ
بلى وحرمة من كانت مراعيةً
لحرمة المجد والقصاد والأدبِ
ومن مضت غير موروثٍ خلائقها
وإن مضت يدها موروثة النسبِ
وهمّها في العلا والمجد ناشئةً
وهمّ أترابها في اللهو واللعبِ
يعلمون حين تحيّا حسن مبسِمها
وليس يعلم إلا الله بالشأنِ
مسرّةٌ في قلوب الطيب مفرقُها
وحسرةٌ في قلوب البيض واليَلَبِ
إذا رأى ورآها رأس لابسِه
رأى المقانع أعلى منه في الرتبِ
وإن تكُن خُلِقَت أُنثى لقد خُلِقَت
كريمةً غير أُنثى العقل والحسبِ
وإن تكن تغلب الغلباء عُنصرُها
فإنّ في الخمر معنى ليس في العنبِ
فليت طالعة الشمسين غائبةٌ
وليت غائبة الشمسين لم تغبِ
وليت عين التي آب النهار بها
فداء عين التي زالت ولم تأبِ
فما تقلد بالياقوت مشبهُها
ولا تقلد بالهندية القضبِ
ولا ذكرتُ جميلاً من صنائعها
إلا بكيتُ ولا ودٌّ بلا سببِ
قد كان كل حجابٍ دون رؤيتها
فما قنعتِ لها يا أرضُ بالحُجُبِ
ولا رأيتِ عيون الإنس تُدركها
فهل حسدتِ عليها أعين الشهبِ
وهل سمعتِ سلاماً لي ألمّ بها
فقد أطلتُ وما سلمتُ من كذَبِ
وكيف يبلغ موتانا التي دفنت
وقد يُقصِّرُ عن أحيائنا الغيبِ
يا أحسن الصبرِ زُر أولى القلوبِ بها
وقل لصاحبها يا أنفع السحبِ
وأكرم الناسِ لا مستثنياً أحداً
من الكرام سوى آبائك النجبِ
قد كان قاسمكَ الشخصين دهرهما
وعاش دُرهما المَفديّ بالذهبِ
وعاد في طلب الممتروك تاركهُ
إنّا لنغفل والأيام في الطلبِ
ما كان أقصر وقتاً كان بينهما
كأنه الوقت بين الورد والقربِ
جزاك ربك بالأحزان مغفرةً
فحزن كل أخي حزن أخو الغضبِ
وأنتم نفرٌ تسخو نفوسكمُ
بما يهبنَ ولا يسخون بالسلبِ
حللتمُ من ملوك الناس كلهمُ
محل سمر القنا من سائر القصبِ
فلا تنالكم الليالي إن أيديها
إذا ضربن كسرن النبع بالغربِ
ولا يعنّ عدواً أنت قاهرهُ
فإنهنّ يصدن الصقر بالخربِ
وإن سررن بمحبوبٍ فجئن به
وقد أتينك في الحالين بالعجبِ
وربما احتسب الإنسان غايتها
وفاجأته بأمر غير محتسبِ
وما قضى أحدٌ منها لُبانتهُ
ولا انتهى أربٌ إلا إلى أربِ
تخالف الناس حتى لا اتفاق لهم
إلا على شجبٍ والخلف في الشجبِ
فقيل تخلص نفسُ المرء سالمةً
وقيل تشرك جسم المرء في العطبِ
ومن تفكر في الدنيا ومهجته
أقامه الفكر بين العجز والتعبِ
عيدٌ بأيّة حالٍ عدتَ يا عيد
عيدٌ بأيّة حالٍ عدتَ يا عيدُ
بما مضى أم بأمرٍ فيك تجديدُ
أما الأحبة فالبيداء دونهمُ
فليت دونك بيداً دونها بيدُ
لولا العلى لم تجب بي ما أجوبُ بها
وجناءُ حرفٌ ولا جرداءُ قيدودُ
وكان أطيب من سيفي معانقةً
أشباه رونقه الغيدُ الأماليدُ
لم يترك الدهر من قلبي ولا كبدي
شيئاً تُتيمُه عَينٌ ولا جيدُ
يا ساقيّ أخمَرٌ في كؤوسكما
أم في كؤوسكم همٌ وتسهيدُ؟
أصخرَةٌ أنا، ما لي لا تحركني
هذه المدام وهذه الأغاريدُ
إذا أردتُ كميتَ اللون صافياً
وجدته وحبيب النفس مفقودُ
ماذا لقيتُ من الدنيا وأعجبهُ
أني بما أنا شاكٍ منه محسودُ
أمسيتُ أروح مُثرٍ خازناً ويداً
أنا الغني وأموالي المواعيدُ
إني نزلت بكذابين، ضيفهمُ
عن القرى وعن الترحال محودُ
جود الرجال من الأيدي وجودهمُ
من اللسان فلا كانوا ولا الجودُ
ما يقبض الموت نفساً من نفوسهمُ
إلا وفي يدِه من نتنها عودُ
أكُلما اغتال عبد السوء سيّدهُ
أو خانه فلَهُ في مصر تمهيدُ
صار الخصي إمام الآبقين بها
فالحُرّ مستعبد والعَبْدُ معبودُ
نامت نواطير مصر عن ثعالبها
فقد بشمن وما تفنى العنـاقيدُ
العَبْدُ ليسَ لِحُرٍّ صالحٍ بأخٍ
لو أنّه في ثياب الحُرّ مولودُ
لا تشتري العبْدَ إلا والعصا معهُ
إنّ العَبيدَ لأنجاسٌ مَنَاكيدُ
ما كنتُ أحسبُني أحيَا إلى زمنٍ
يسئ بي فيهِ عبدٌ وهوَ محمودُ
ولا تَوَهّمْتُ أن الناسَ قد فقدوا
وأن مثلَ أبي البيضاء موجودُ
وأن ذا الأسود المثقوبَ مشفرهُ
تطيعُهُ ذي العَضَاريطِ الرّعاديد
جوعانُ يأكلُ من زادي ويُمسكني
لكي يُقالَ عظيم القدر مقصودُ
ويلُمها خطةً ويلُم قابلها
لمثلها خُلِقَ المهريّة القودُ
وعندها لذّ طعم الموت sharibu
إنّ المنيةَ عند الذل قنديدُ
من علّم الأسود المخصيُّ مكرمةً
أقوامه البيضُ أم آباؤه الصيدُ
أم أذنه في يد النخاس داميةً
أم قدره وهو بالفلسين مردودُ
أولى اللئام كُويفرٌ بمَعذرةٍ
في كل لؤمٍ، وبعض العذر تفنيدُ
وذاك أن الفحولَ البيضَ عاجزةٌ
عن الجميل، فكيف الخصية السُودُ؟
اترك تعليقاً