أرسطو وأهمية علم النفس في الفلسفة الإنسانية
On 1:31 م by يوسف السعيدأرسطو وعلم النفس
سعى الفيلسوف أرسطو إلى مغزى الطبيعة وتصنيف الكائنات التي تسكنها. وقد تناول دراسة الحيوانات من جوانب عدة تشمل تشريحها وسلوكياتها في بيئتها الطبيعية. كان اهتمامه بهذا المجال دافعًا له للغوص في موضوع النفس، التي كانت تعني بالنسبة له أعلى مراحل السمو والكمال. وقد كتب في هذا الشأن مؤلفًا يحمل عنوان “النفس”، والذي يُعتبر بمثابة العمل التأسيسي في علم النفس، لا سيما وأنه أول من خصص دراسة مستقلة لهذا الموضوع، مما يعكس رغبته في تحويل النفس إلى علم مستقل بحد ذاته، حيث عرّفها بأنها الظواهر المشتركة بين الروح والجسد.
علم النفس
خصص أرسطو دراسة النفس كعلم يبحث في طبيعتها وخصائصها. حيث اعتبر أن النفس تمثل المبدأ العام للحياة، لذلك كان من الضروري أن يشمل علم النفس كافة الكائنات الحية، بدءًا من النباتات، مرورًا بالحيوانات، وصولاً إلى الإنسان. وهذا ما جعله يقدم في كتابه “النفس” وصفًا دقيقًا وفق معايير عصره للأنشطة التي تقوم بها جميع الكائنات الحية. وقد كان علم النفس عند أرسطو شاملاً ومتنوعًا، بما في ذلك طبيعة الحياة ذاتها، وهو ما يبرز الفارق بين مفهوم النفس الأرسطي وعلم النفس المعاصر.
مواضيع كتاب النفس
تناول أرسطو في كتابه “النفس” العديد من الإشكالات والمسائل المتعلقة بالطبيعة النفسية للظواهر وعلاقتها بالنفس والروح من جهة، وبالجسد من جهة أخرى. فقد طرح في كتابه تساؤلات حول ما إذا كانت جميع الكائنات ذات نفسٍ تتشارك في الخصائص النفسية، أم أن بعضها ينفرد بسمات خاصة. وقد أشار إلى أن النفس، في معظم الحالات، لا تؤدي أو تتأثر إلا بالجسد، مثل الغضب والشجاعة والإحساس، في حين أن التفكير قد يكون فعلاً خاصًا بالنفس. ولكن إذا كان هذا الفعل نوعًا من التخيّل، فلا يمكن للعقل أن يوجد بمعزل عن الجسد. وقد أوضح أنه حتى المظاهر النفسية مثل الوداعة والغضب والخوف تتعزز دائمًا ارتباطًا بالجسد. كما تناول أرسطو موضوع المنهج المتعلق بدراسة الظواهر النفسية المعقدة، وأظهر تشابهًا في وضع أسس المنهج النفسي مع ما يطرحه باحثو علم النفس في العصر الحديث، مع اختلاف المناهج بناءً على طبيعة الظواهر المحددة.
تختلف المنهجيات التي اعتمدها أرسطو لدراسة علم النفس بناءً على كيفية تصوره للحالات النفسية. فإذا كانت الحالات النفسية مرتبطة بالجسد (حيث لا يمكن الفصل بينهما)، فإن دراستها تصبح من اختصاص عالِم الطبيعة. وإذا كانت النفس تحمل خصائص معينة، فإن هذا يستدعي منهجاً تحليلياً يلتزم بمبادئ معينة. وقد طُرحت هذه المسألة واحتلت مكانة مهيمنة في النقاشات النفسية حتى يومنا هذا، مع اختلاف المناهج التي يستخدمها الباحثون بناءً على تصورهم للمواضيع محل الدراسة والتحليل.
أشكال النفس
توافق أرسطو مع أستاذه أفلاطون في وجود ثلاثة أشكال للنفس، تتمثل في:
- النفس النباتية: تمثل هذه النفس القوى الغذائية للكائنات الحية.
- النفس الحيوانية: تنشأ عن هذه النفس القدرة على الحركة الذاتية.
- النفس الإنسانية: وهي تلك التي تعبر عن القوى العقلية.
نظر أرسطو إلى النفس من خلال مقولات فيزيائية وأحيانًا ميكافيزيائية، ورأى فيها المبدأ الفعلي لوجود الجسد. فبفضل النفس، يتحقق وصف الكائن ووجود أهدافه وغاياته، مما يجعل النفس الكمال الأول للجسد.
اترك تعليقاً