أروع قصائد الشعر العربي القديم
On 11:11 ص by حسن العليأفاطم، تمهلي
يقول امرؤ القيس في معلقته الشهيرة:
أفاطِمَ، تمهلي قليلاً عن هذا التذلل
وإن كنتِ قد قررتِ فراقِي فكوني لطيفةً
ألا يُؤثِّر على قلبي حبك القاتل
وإلى أي مدى يمكن أن يأتمر القلب بأوامرك
وإن كان قد أغضبك مني خلقي
فلفي ثيابي من ثيابك تُنسل
وما دمعت عيناك إلا لتقصفي
بسهامي نحو قلبٍ جريح
وبِضَائِعةٍ لم يُرَ خباها
تمتعنا ببعض المرح، غير مستعجلين
تجاوزت حُرّاساً وصولاً إليكِ ومعتكفاً
عليَّ حُرّاسٌ لو قد أخفوا قتلي
فقالت: والله ليس لك مفر
فما أرى من غوايتك تنجلي
خرجتُ بها أمشي تتبعني
على آثارنا ذيل ثوبٍ مُهَدَّل
وعندما اجتزنا ساحة الحي، اقتربنا
إلى أرضٍ منخفضةٍ عميقة
جذبتُ بقُبُعَتِها، فتَمَيّزت
عليَّ هضيم الجنب، ناعم الجانب
مُهَفْهَفَةٌ بيضاء، غير خاضعة
ترايبها مصقولةٌ كالسَّجنجل
هل غفوت عيناك ليلة الأرمدا؟
يقول الأعشى:
هل غفوت عيناك ليلة الأرمدا؟
وبقيتَ كمن بات السليم مُتَيقِّظاً
وما كان ذلك من عشق النساء، وإنَّما
تناسيتَ قبل هذا حبيبة مهدداً
ولكني أرى الزمن، الذي يُعتبر خائناً
إذا أصلحت كفاي، عادت فأساءت
شبابٌ وشيبٌ، وفقرٌ وثروةٌ
لله هذا الزمن، كيف يتردد
وما زلتُ أطلب المال مذ كنتُ يافعاً
وليداً وكهلاً حين شِبْتُ وأعزماً
وأعطٍ المال من العيس المَرَاقيل
مقدار ما بين النجير والصخرِ
ألا أيها السائل، أين اتجهت؟
فإن لها في أهل يثرب موعداً
فإن سألتي عني، فليكن عند أحد
عاملاً عن الأعشى، حيث صعد
فأما عندما تظلم، فترى لها
رقيبين: جدياً لا يغيب وفارقدا
وفيها إذا ما هجرت عجرفية
إذا ارتكبت حرباء الظاهرة صيداً
أجادت برجليها النَجَاءَ، وراحت
يدها لم تُخفق، بل هي ناعمة
فآليتُ أن لا أُرثي لها في كل حال
ولا من حفا حتى تزار محمداً
متى ما تخيّمتِ عند باب ابن هاشم
ترتاحين، وتلقين من فضائله ندى
نبيٌ يرى ما لا يرونه، وذِكره
أغار لعَمي في البلاد وأنجد
له صدقاتٌ لا تغيب، ورزق
وليس عطاء اليوم مانعاً من الغد
أجدك لم تسمع وصية محمد
نبي الإله، حيث أوصى وأشهد
إذا لم ترحل بزادٍ من التقوى
وواجهت بعد الموت من قد تزود
ندمْتَ على أن لا تكون كمثله
فترصد للموت الذي كان أرصد
فاحذر والمَيتات، فلا تقترب
ولا تأخذن سهمًا حديدًا لتفصل
ولا المنصوبات، فلا تنسكنها
ولا تعبد الأوثان، بل اعبد الله
وذو الرحم القريبة، فلا تقطعها
لعاقبةٍ ولا الأسير المقيد
وصلِّ عند حِينِ العشيّات والضحى
ولا تحمد الشيطان، بل احمد الله
ولا السائل المحروم، فلا تتركه
لعاقبةٍ ولا الأسير المقيد
ولا تسخرن من بائسٍ ذا ضرارة
ولا تحسبن المال للمرء مخلداً
ولا تقربن جارةً إن سرها
عليك حرام، فمهما كنتَ فافعل
أعاذلتي، ألا لا تعذريني
يقول السموأل:
أعاذلتي، ألا لا تعذريني
فكم من أمرٍ عاذلةٍ عصيتُ
دعيني وأرشديني إن كنتُ مُغوى
ولا تغويني كما غويتُ
أعاذلةً لقد أطلتِ اللوم حتى
لو كنتُ مُنتهياً، لقد انتهيت
وصفراء المعاصم قد دعتني
إلى وصالٍ فقلتُ: أبتعد
وزقٍّ قد جَرَرْتُ إلى الندامى
وزقٍ قد شربتُ وقد سقيت
وحتى لو كان فتىً بين الناس
بكى من عذلَ عاذلةٍ، بكيتُ
ألا يا بيت بالعلياءِ بيتُ
ولولا حب أهلكَ ما جئتُ
ألا يا بيت أهلِكَ أوعدوني
كأنّي كل ذنبهُم جنيت
إذا ما فاتني لحم غريضٍ
ضربتُ ذراع بكري فاشتويت
ديمة هطلاء
يقول امرؤ القيس:
ديمةٌ هطلاء، فيها وَطَفٌ
طبقت الأرض، تجري وتدِر
تخرجُ الودّ، إذا ما أشجَدَت
وتواريهِ إذا ما تشتكر
وترى الضبّ خفيفاً ماهرًا
ثانياً بُرثُنُه، ما ينعفِر
وترى الشجراء في ريقِهِ
كرؤوسٍ قطعت فيها الخمر
ساعةً، ثم انتحاها وابلٌ
ساقة الأكنف، واهٍ مُنهَمِر
راحَ تمرّيه الصبا، ثم انتحى
فيه شُؤبوبٌ لجنبٍ منفجر
ثجّ حتى ضاق عن آذيه
عرض خيمٍ فخمٍ يسِر
قد غدا يحملني في أنفِهِ
لاحق الإطلين، محبوكٌ مُمِر
قصيدة دعيني
يقول عمرو بن مالك:
دعيني وقولي بعد ما شئتِ إنني
سيغدا بنعشي مرة فأتَغَيَّب
خرجنا فلم نعهد وقَلَّت وصاتنا
ثمانيةً ما بعدَها مُتَعَب
سراحينَ فتيانٌ كأن وُجُوهَهُم
مصابيح أو لونٌ من الماء مُذْهَب
نمرُّ برهو الماءِ صفحاً وقد طوى
شَمائلنا والزادُ ظنٌ مُغَيَّب
ثلاثاً على الأقدام حتى سما بنا
على العَوْصِ شَعْشاعٌ من القوم مِحْراب
فثاروا إلينا في السواد فهجموا
وصوت فينا بالصباح المثوب
فشنّ علينا هزّة السيف ثابِت
وصمّم فيهم بالحُسَام المُسيَّب
وظللتُ بفتيانٍ معي اتقيهُم
بهن قليلاً ساعة ثم خيّبوا
وقد خرّ منهم رجلان وفارسٌ
كمِيٌ صرَعناهُ وقَرمٌ مُسلّب
يشُنُّ إليهم كُل ريعٍ وقَلْعَةٍ
ثمانيةً والقومُ رجلٌ ومِقنب
فلما رأى قومُنا قيل: أفلحوا
فقلنا: كَسْأَلُوا عَنْ قائلٍ لا يُكَذّب
كم يُبعد الدهر من أرجو أقاربه
يقول عنترة بن شداد:
كم يُبْعِدُ الدهر من أرجو أقاربه
عني، ويبعثُ شيطاناً أحاربه
فيا له من زمانٍ كلَّما انصرفت
صروفه، فتكت فينا عواقبه
دهرٌ يرى الغدر من إحدَى طبائعه
فكيف يهنأ به حر يُصاحبه
جربته وأنا غِرّ، فهذبني
من بعد ما شيبت رأسي تجاربه
وكيف أخشى من الأيام نائبةً
والدهر أهونُ ما عندي نوائبه
كم ليلةٍ سرتُ في البيداء منفرداً
والليلُ للغربِ قد مالت كواكبه
سيفي أنيسي ورمحي كلما نهمت
أسد الدحالِ إليها مال جانبه
وكم غدير مَزَجْتُ الماء فيه دماً
عند الصباح ورحل الوحش طالبه
يا طامعاً في هلاكي، عد بلا طمعٍ
ولا ترد كأس حتفٍ أنتشاربه
اترك تعليقاً