أشعار الشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي
On 7:08 ص by راشد اليوسفكم تشتكي
كم من الشكاوى ترددت على لسانك وأنت ترى نفسك معدماً،
ولكنك تملك الأرض وما عليها، والسماء وما فيها من أنجم.
لك الحقول بما فيها من زهور ونخيل،
ونسيمها العليل وصوت البلبل المترنم.
والماء من حولك كفضة تتلألأ،
والشمس فوقك كعسجد متأجج.
والنور يبني في المنحدرات والجبال،
بيوتاً مزخرفة وفي أحيان يهدم.
فلماذا أنت واجم؟ إن الدنيا تبسمت لك،
وتبسمتَ، فلماذا لا تبتسم؟
إذا كنت مكتئباً لذكرى أيام مضت،
فلا أمل في إعادتها، فتندم.
أو إذا كنت تخشى من وقوع مصيبة،
فيا للأسف، الحزن لن يقيك ذلك.
أو إذا كنت قد تجاوزت مرحلة الشباب، فلا تقل،
أن الزمن شاخ، لأنه لا يعرف الهرم.
انظر حولك، فما زالت تطل من باطن الأرض،
صور تكاد تُنطق بجمالها.
الطلاسم
أشعر في داخلي بصراع مستمر وعراك.
وأرى نفسي أحياناً شيطاناً وأحياناً ملاكاً.
هل أنا شخصٌ مزدوج؟ أم أنني أعيش وهماً؟
لا أدري!
في قلبي يتحدث عن ذلك الصباح في أحد البساتين،
حيث الأزهار والطيور تغني والجداول تجري.
ولكن، جاء العصر محملاً بالحزن، كقفرٍ قاحل.
كيف تحول القلب من روضة خضراء إلى قفر؟
لا أدري!
أين ضحكاتي وبكائي عندما كنت طفلاً صغيراً؟
أين فرحتي وجهلي عندما كنت شاباً غريراً؟
أين أحلامي التي كانت ترافقني في كل خطوة؟
كلها ضاعت، فكيف حدث ذلك؟
لا أدري!
أيها الشاكي
أيها الشاكي، وما بك من داء،
كيف ستصبح إذا كنت عليلاً؟
إن أسوأ الجناة في هذه الأرض، هو من يحاول الفرار قبل أن تأتيه النهاية.
ويرى الشوك في الورود ويتجاهل رؤية الندى يزينها.
فإن الحياة ليست عبئاً ثقيلاً،
من يظن أنها أمراً ثقيل.
وشخصٌ لا يحمل جمالية في نفسه،
لن يرى في هذه الدنيا شيئاً جميلاً.
ليس أحدٌ أشقى من من يرى الحياة مؤلمة،
ويعتبر الملذات فيها مجرد فضول.
وأفضل الناس من يشعرون في الحياة،
فهم يعتنون بها ويعطونها قيمة.
أيها الشاكي، لا تحزن، كن جميلاً، وسرعان ما ترى الجمال في كل شيء.
قال السماء كئيبة وتجهما
قال: السماء كئيبة ومظلمة.
فقلتُ: ابتسم، فلن يكفي تعكر صفو السماء.
قال: لقد ذهب الصبا، فقلت له: ابتسم،
فالماضي لن يعود حتى تتأسف عليه.
قال: التي كانت سمائي في الهوى،
أصبحت للجحيم بالنسبة لي.
خانت عهودي بعدما ملكت قلبي،
فكيف أستطيع الضحك؟
فقلت: ابتسم واستمتع، فتئن عذابات الحزن.
قال: التجارة في صراعات عظيمة،
كالمسافر الذي يكاد يهلك من العطش.
أو كغادة محتاجة،
تحتاج إلى دم وتجعل الدموع تنزف.
فقلت: ابتسم، أنك لا تصنع لنفسك ضرراً.
إذا ابتسمت، فقد تتخطى الألم.
أإذ كنت وحدك فاشلًا،
هل ستجعل لنفسك وزراً كأنك المجرم؟
قال: الأعداء يحيطون بي،
كيف لي أن أسرّ والعدو يهددني؟
فقلت: ابتسم، فلن يطلبوا منك شيئًا،
لو لم تكن متميزًا وذا قيمة.
قال: سطعت الأعلام في المواسم،
وأنا مطلوب للأحباب،
ولكن يدي لا تملك المال.
فقلت: ابتسم، يكفي أنك ما زلت حيًا،
ولست من المحبين معدماً.
قال: الليالي جعلتني أشعر بالخذلان،
فقلت: ابتسم، حتى وإن شعرت بالخذلان.
لعل غيرك إذا رأى الشجاعة فيك،
تتغلب على الكآبة وتبتسم.
أترى تقف حائراً محطماً،
أم تخسر بابتسامة الأمل؟
يا صديقي، لا تنفصل عن الابتسامة،
فلتكن وجهك مجرد ابتسامة.
فاضحك، فحتى النجوم تتلألأ،
وذات الظلام يموج، لهذا نحب الأنجوم.
قال: الفرح لا يجعل أحداً سعيداً،
من يحضر إلى هنا محمولاً بإرادته.
فقلت: ابتسم مادام بينك وبين النهاية،
خطوة، لأنك بعد الآن لن تبتسم.
كن بلسماً
استيقظ لمشاعرك بالحب إذا غفوت،
لولا مشاعر البشر، لكانوا كالدمى.
أحب، فيصبح الكوخ قصراً مضيئاً،
وابغض، فيغدو الكون سجناً مظلماً.
ما الكأس بدون الخمر سوى زجاجة،
فكذلك المرء، بلا حب يظل حجراً.
إذا كره الليل، فسوف يسود، لكن الشهب،
تبقى لتضحك منه حين يواجه الغم.
لو كانت الصحراء تعشق، لأصبح رملُها،
زهراً، وتحوّل سرابها الخادع إلى واقع.
لو لم يكن في الأرض إلا السلبية،
لتبرمت الطبيعة بوجودهم.
جمال الحياة لمن يتفهم ويحبه،
والمعرفة تكون لذوي الفهم.
لا تطلب محبة من جهلاء،
فالشخص لا يحظى بالمودة حتى يستحقها.
كن لطيفاً مع أصحاب الفكر البسيط،
وكأنهم مرضى، فالجهل كما العمى.
احذر من الأشواك ومخاطرها،
وانسَ العقارب بينما تنظر إلى النجوم.
اترك تعليقاً