أشعار معروفة للشاعر المتنبي
On 2:07 م by جاسم البلوشيالخيل والليل والبيداء تعرفني
واحر قلباه، ممن قلبه مشغوف
ومن بجسمي وحالي عنده معاناة
ما لي أكتم حبا قد برى جسدي
بينما تدعي حب سيف الدولة الأمم
إن كان يجمعنا حب لغرته
فليت أننا نتقاسم الحب بقدر العاطفة
قد زرته، وسيوف الهند مغمدة
وقد نظرت إليه والسيوف تسفك الدم
فكان أحسن خلق الله جميعاً
وكان أحسن ما في الأحسن الخلق
فوت العدو الذي طمحت إليه ظفر
في طياته أسف وفي طياته نعم
قد ناب عنك شديد الخوف واصطنعت
لك الهيبة ما لا تصنع البهم
ألزمت نفسك شيئاً ليس يلزمها
أن لا يواريهم أرضٌ ولا علم
أكلما رمت جيشاً فانثنى هربا
تصرفت بك في آثار الهمم
عليك نصرهم في كل معترك
وما عليك بهم عار إن انهزموا
أما ترى ظفراً حلوً غير الظفر
تصافحت فيه بيض الهند اللمم
يا أعدل الناس إلا في معاملتي
فأنت الخصم والحكم في الخصام
أعيذها نظرات منك صادقة
أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
وما نفع أخي الدنيا بناظره
إذا استوت عنده الأنوار والظلمات
سيعلم الجمع ممن ضم مجلسنا
بأني خير من تسعى به قدم
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعت كلماتي من به صمم
أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جراءها ويختصم
وجاهل مده في جهله ضحكي
حتى أتته يد فراسة وفم
إذا رأيت نيوب الليث بارزة
فلا تظن أن الليث يبتسم
ومهجة مهجتي من هم صاحبها
أدركته بجواد ظهره حرم
رجلاه في الركض رجل واليدان يد
وفعله ما تريد الكف والقدم
ومرهف سرت بين الجحفلين به
حتى ضربت وموج الموت يلتطم
الخيل والليل والبيداء تعرفني
السيف والرمح والقرطاس والقلم
صحبت في الفلوات الوحش منفرداً
حتى تعجب مني القور والأكم
يا من يعز علينا أن نفارقهم
وجداننا كل شيء بعدكم عدم
ما كان أخلقنا منكم بتكرمة
لو أن أمركم من أمرنا أمم
إن كان سركم ما قال حاسدنا
فما لجرح إذا أرضاكم ألم
وبيننا لو رعيتم ذلك المعرفة
فإن المعارف في أهل النهى ذمم
كم تطلبون لنا عيبًا فيعجزكم
ويكره الله ما تأتون والكرم
ما أبعد العيب والنقص عن شرفي
أنا الثريا وذلك الشيب والهرم
ليت الغمام الذي عندي صواعقه
يزيلهن إلى من عنده الديم
أرى النوى تقتضينني كل مرحلة
لا تستقل بها الوخادة الرسم
لئن تركن ضميرا عن ميامننا
ليحدثن لمن ودعتهم ندم
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا
أن لا تفارقهم فالراحلون هم
شر البلاد مكان لا صديق به
وشر ما يكسب الإنسان ما يصم
وشر ما قنصته راحتي قنص
شبه البزاة سواء فيه والرخم
بأي لفظ تقول الشعر زعنفة
تجوز عندك لا عرب ولا عجم
هذا عتابك إلا أنه محتل
قد ضمن الدر إلا أنه كلم
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
قال المتنبي في مدح سيف الدولة:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم
وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم
يكلّف سيف الدولة الجيش همّه
وقد عجزت عنه الجيوش الخضارم
ويطلب عند الناس ما عند نفسه
وذلك ما لا تدعيه الضراغم
يفدي أتم الطير عمراً سلاحه
نسور الفلا أحداثها والقشاعم
وما ضرها خلقٌ بغير مخالبٍ
وقد خُلقَت أسيافه والقوائم
هل الحدث الحمراء تعرف لونها
وتعلم أي الساقيين الغمائم
سقتها الغمام الغُر قبْلَ نزوله
فلما دنا منها سقتها الجماجم
بناها فأعلى والقنا يقرع القنا
وموج المنايا حولها متلاطم
وكان بها مثل الجنون فأصبحت
ومن جثث القتلى عليها تمائم
طريدة دهرٍ ساقها فرددتها
على الدين بالخطيّ والدهر راغم
تفيت الليالي كل شيء أخذته
وهنّ لما يأخذن منك غوَارم
إذا كان ما تنويه فعلاً مضارعا
مضى قبل أن تُلقى عليه الجوازم
وكيف ترجّي الرّوم والروس هدمها
وذا الطعن أساسٌ لها ودعائم
وقد حاكمُوهَا والمنَايا حَوَاكِمٌ
فما مات مظلومٌ ولا عاش ظالم
أتوكَ يجرّون الحديد كأنهم
سارا بجيادٍ ما لهن قَوام
إذا برَقُوا لم تُعرف البيض منهم
ثيابُهم من مثلها والعُمائم
خميسٌ بشرق الأرض والغرب زحفُه
وفي أذن الجوزاءِ منه زَمَازِمُ
تجمع فيه كلّ لسن وأمّة
فما يفهم الحداث إلا الترَاجِمُ
فلله وقتٌ ذوّبَ الغش نارُه
فلم يبقَ إلا صارمٌ أو ضُبارِمُ
تقطّع ما لا يقطع الدرع والفنا
وفرّ من الفرسان من لا يصادم
وقفت وما في الموت شك لواقفٍ
كأنك في جفن الردى وهو نائم
تمُرّ بك الأبطال كلمى هزيمةً
ووجهك وضاح وثغرك باسم
تجاوزت مقدار الشجاعة والنُهى
إلى قول قوم أنت بالغيب عالم
ضممت جناحيهم على القلب ضمةً
تموت الخوافي تحتها والقوادم
بضرب أتى الهامات والنصر غائبٌ
وصار إلى اللّبّات والنصر قادم
حقّرت الرُدَينيّات حتى طرحتها
وحتى كأن السيف للرّمح شاتم
ومن طلب الفتح الجليل فإنما
مفاتيحه البيض الخفاف الصوّارم
نثرتهمُ فوق الأُحَيدب كُلّهِ
كما نثرت فوق العَروس الدراهم
تدوس بكَ الخيل الوكور على الذرى
وقد كثرت حول الوكور المطاعم
تظنّ فراخُ الفتخِ أنك زرتهَا
بأُمّاتِها وهي العتاق الصّلادم
إذا زلقَت مشيّتها ببطونها
كما تتمشّى في الصعيد الأراقِم
أفي كُلّ يومٍ ذا الدُّمستُقُ مُقدِمٌ
قفاه على الإقدام للوجه لائمُ
أينكر ريح الليث حتى يذوقهُ
وقد عرفت ريح اللّيوث البهائم
وقد فجعتهُ بابنه وابن صهره
وبالصهر حملات الأمير الغواشم
مضى يشكر الأصحاب في فوته الظُّبَى
لما شغلتهَا هامهُم والمعاصم
ويفهم صوتَ المشرَفيّة فيهمِ
على أن أصواتَ السيوف أعاجِمُ
يسرّ بما أعطاك لا عن جَهَالةٍ
ولكن مغنومًا نجا منكَ غانم
ولستَ مليكًا هازماً لنظيره
ولكنك التوحيد للشرك هازم
تشرف عدنانٌ به لا ربيعةٌ
وتفتخر الدنيا به لا العواصم
لك الحمد في الدّر الذي لي لفظه
فإنّك مُعطيه وإنّي ناظم
وإنّي لتعدو بي عطاياك في الوغى
فلا أنا مذموم ولا أنت نادم
على كل طيّارٍ إليها برجله
إذا وقعت في مسمعيه الغماغم
ألا أيها السيف الذي ليس مغمداً
ولا فيه مرتابٌ ولا منه عاصم
هنيئاً لضرب الهام والمجد والعلى
وراجيك والإسلام أنك سالم
ولم لا يقي الرحمن حدّيك ما وقى
وتفريقه هام العدى بك دائم
أظبية الوحش لولا ظبية الأنس
قال المتنبي شاعر العصر العباسي:
أظَبْيةَ الوَحشِ لولا ظَبيةُ الأَنَسِ
لمَّا غَدَوتُ بجَدٍّ فِي الهَوَى تَعِسِ
ولا سَقَيتُ الثَرى والمُزنُ مخلِفةٌ
دَمعاً يُنشِّفُهُ من لَوعَةِ نفَسي
ولا وقَفَت بجسمٍ مُسيَ ثالثةٍ
ذِي أرسُمٍ دُرُسٍ في الأرسُم الدُرُسِ
صريعَ مقتلِها سأل دِمنتها
قتيلَ تكسيرِ ذاك الجَفنِ واللَعَسِ
خريدةٌ لو رَأَتها الشمس ما طَلَعَت
ولو رآها قضِيبُ البانِ لم يَمِسِ
ما ضاقَ قَبلَكِ خَلخالٌ على رَشَإٍ
ولا سَمِعتُ بدِيباجٍ على كُنُسِ
إن ترمِنِي نَكَباتُ الدهرِ عن كثبٍ
ترمِ امرَأً غير رعديد ولا نَكِسِ
يَفدي بَنيكَ عُبيدَ اللهِ حاسدُهم
بجبهة العَيرِ يُفدَى حافرُ الفَرَسِ
أبا الغطارِفَةِ الحامين جارَهُمُ
وتاركي الليثِ كلباً غير مفترسِ
من كل أبيضَ وضَّاحٍ عِمامتُهُ
كأنَّمَا اشتَمَلَت نُوراً على قَبَسِ
دانٍ بعيدٍ محبٍ مبغضٍ بََهجٍ
أغرَّ حُلوٍ مُمرٍ لَيِّنٍ شرسِ
ندٍ أبي غرٍٍ وافٍ أخي ثقةٍ
جَعدٍ سَرِيٍّ له نَدبٍ رَضٍ نَدُسِ
لو كان فيضُ يديه ماء غادية
عزّ القطافي الفَيافِي مَوضِعَ اليَبَسِ
أكارمٌ حَسَدَ الأرضَ السماء بهم
وقصَّرَت كلُّ مصرٍ عن طَرابُلُسِ
أي الملوكِ وهم قَصدي أُحَاذِرُهُ
وأَيُّ قرنٍ وهم سيفي وهم تُرُسي
اترك تعليقاً