الأماكن التاريخية والثقافية في لبنان
On 10:36 ص by راشد اليوسفالمعالم الأثرية في لبنان
قلعة الشهابية
تتواجد قلعة الشهابية بجنوب لبنان، وتطلّ على قرية حاصبيا. تاريخياً، اختارها الصليبيون كمركز لعملياتهم العسكرية نظرًا لموقعها الاستراتيجي، ويُعتقد أنهم أسسوا حصون القلعة المنيعة خلال القرن الحادي عشر الميلادي. في سبعينيات القرن الثاني عشر، تمكن الأمراء الشهابيون من السيطرة على القلعة بعد طرد الصليبيين، حيث قاموا بترميم جزء كبير منها لتصبح مركزًا عسكريًا وسكنيًا. استمرت عملية التوسيع والتجديد في قلعة الشهابية على مدى ثمانية قرون ونصف، ولا تزال تحتفظ بتصميمات وعناصر معمارية تعود للعصر المملوكي والعثماني.
القلعة البحرية في صيدا
تأسست القلعة البحرية في صيدا في القرن الثالث عشر الميلادي، وتحديدًا خلال عام 1228 على يد الصليبيين. بُنيت فوق أسس معبد يعود للحضارة الفينيقية، حيث كانت الجزيرة التي تُقيم عليها القلعة موطناً لمعبد الإله ملقرت، الذي عُرف لدى الفينيقيين بإلههم هيرقل. تعرضت القلعة لدمار جزئي خلال فترة سيطرة المماليك في العهد الصليبي، إلا أنهم أعادوها إلى الحياة وأنشأوا جسراً يربط الجزيرة بالبر. في القرن السابع عشر، استعادت القلعة من قِبل الأمير فخر الدين الثاني، وما زالت تحتفظ بمكانتها كأحد أبرز المعالم الأثرية في لبنان رغم الحروب التي مرت بها على مر العصور.
قلعة المسيلحة
شُيدت قلعة المسيلحة على يد الأمير الدرزي فخر الدين الثاني في القرن السابع عشر الميلادي، بغرض حماية الطريق التجاري الذي يربط طرابلس وبيروت. كانت القلعة نقطه دفاعية خلال العصور القديمة، ولا تزال حتى اليوم تقف شامخةً على جرف مرتفع تطل على الطريق السريع.
جامع طينال
يقع جامع طينال على الضفة اليسرى لنهر أبو علي بالقرب من مقبرة باب الرمل. يعكس الجامع تاريخًا عريقًا حيث يعود إنشاؤه إلى القرن الرابع عشر الميلادي في عهد الأمير سيف الدين طينال، حاكم طرابلس. زاره الرحالة الشهير ابن بطوطة، ويتميز المسجد بخصائص معمارية فريدة جعلته وجهة رائعة للزوار، منها التصميم الهندسي الفريد كالقوس الكبير المائل الذي يحتوي على باب مستطيل محاط بأحجار ملونة تحاكي فن العمارة الإسلامي المعروف بالحجر الأبلق.
قصر بيت الدين
يقع قصر بيت الدين على جرف شديد الانحدار، ويُطلّ على مناظر طبيعية مذهلة. بدأ العمل في القصر عام 1788 واستمر العمل لمدة ثلاثين عامًا تقريبًا، تحت إشراف الأمير بشير، الحاكم العثماني المعين. يُعتبر القصر واحدًا من أفضل الأمثلة من العمارة اللبنانية في القرن التاسع عشر، حيث يضم معالم متعددة كالساحات الواسعة والأسطبلات الكبيرة والمتاحف الصغيرة والنوافير الرخامية والبوابات الفاخرة.
معابد بعلبك
تم تصنيف بعلبك كأحد مواقع التراث العالمي من قبل اليونسكو وتقع في محافظة البقاع. اكتسبت هذه المدينة الفينيقية أهميتها التاريخية بفضل موقعها في سهل البقاع الخصيب، والذي زود الإمبراطورية الرومانية باحتياجاتها من المحاصيل. تتمتع بعلبك بعدد من المعابد، وأشهرها معبد باخوس، والذي يتميز بتصميمه الفريد، حيث ترتفع أعمدته إلى 20 مترًا.
يمتد مجمع المعابد في بعلبك على سفح الجبال الشرقية اللبنانية، ويصل ارتفاعه إلى 1150 مترًا في سهل البقاع. كانت بعلبك تُعرف في العصور القديمة باسم هليوبوليس أو مدينة الشمس بسبب ثالوث الآلهة الروماني فيها، المكون من إله المشتري والزهرة وعطارد. حافظت بعلبك على مكانتها الدينية في ظل الحكم الروماني، وشهدت ذروتها خلال تلك الفترة.
استغرق بناء المعابد العظيمة في بعلبك حوالي عقدين، مما جعلها واحدة من أهم المقدسات الدينية وأبرز نماذج فن العمارة الرومانية، حيث كانت وجهة لأولئك الذين يأتون لأداء الطقوس الدينية. تحتوي بعلبك أيضًا على معالم أثرية عديدة أخرى، مثل:
- الأعمدة الضخمة.
- الأعمال الحجرية المتقنة.
- المقدسات الدينية القديمة.
صور
تقع مدينة صور جنوب العاصمة بيروت، على بعد حوالي 80.5 كم. أسسها الفينيقيون في الألفية الثالثة قبل الميلاد ولعبت منذ ذلك الحين دورًا بارزًا كمدينة تجارية وميناء رئيسي. مما جعلها هدفًا للعديد من الإمبراطوريات المجاورة، حيث تعرضت لعدة حملات عسكرية من مصر وبابل واليونان وفارس وروما، وحتى الصليبيين والعثمانيين.
قام التجار في صور بتأسيس المستعمرات على طول البحر الأبيض المتوسط، وواجهوا تحديات كبيرة للوصول إلى مناطق بعيدة مثل قادس في إسبانيا، حيث تمكنوا أيضًا من الاستقرار في أجزاء من شمال إفريقيا واليونان. عاشت صور عبر التاريخ مقسمة إلى مركزين تعاونيين، هما:
- المستوطنة الرئيسية: التي تقع على جزيرة محصنة وتعتبر مركزًا بحريًا غنيًا بالثروات.
- مجتمع السكان المحليين: الذين يعيشون في الأراضي الرئيسية ويزودون المستعمرات بالموارد الأساسية مثل الماء والخشب.
تعرضت صور لعمليات استعمارية من قبل المماليك في القرن الثالث عشر، وبقيت جزءًا من الدولة العثمانية حتى الحرب العالمية الأولى قبل أن تصبح جزءًا من الدولة اللبنانية الحديثة. تم إدراج صور على قائمة التراث العالمي لليونسكو عام 1979، حيث تعتبر إحدى أهم المعالم الأثرية في المنطقة.
عنجر
تعتبر مدينة عنجر رمزًا لثقافة الدولة الأموية، حيث بناها الخليفة الوليد بن عبد الملك بين عامي 705 و715 الميلادي. تم اكتشاف المدينة في أربعينيات القرن العشرين من قِبل علماء الآثار، وتُعد مركزًا تجاريًا محورياً بسبب موقعها الاستراتيجي عند تقاطع طريقين مهمين: الطريق من بيروت إلى دمشق والطريق عبر سهل البقاع إلى حمص وطبريا.
أدت عمليات التنقيب إلى اكتشاف مدينة محصنة بأبراج يصل عددها إلى 40 برجًا، تمتد على مساحة مستطيلة بحجم 385 * 350 مترًا، محاطة ببوابات وممرات، وتتكون من أربعة قطاعات رئيسية، وهي:
- الربع الجنوبي الشرقي: حيث يقع قصر الخليفة الكبير وجامع بارتفاع أعلى نقطة في المنطقة.
- الربع الشمالي الشرقي: الذي يحتضن قصور النساء الحمامات لتسهيل عملية صرف المياه.
- الربعان الشمالي الغربي والجنوبي الغربي: الذي خُصص للخدمات الثانوية والسكن.
تشمل الآثار القديمة لمدينة عنجر بقايا من التيترابايلون – البوابات التذكارية الأربعة – وهي أبراج يونانية. كما تضم المدينة جدرانًا وأعمدة من القصر الأموي لا تزال صامدة، بالإضافة إلى عناصر زخرفية ومعمارية تعود للحضارة الرومانية.
جبيل
تقع مدينة جبيل على بعد 40 كم شمال بيروت، وقد كانت مأهولة بالسكان منذ العصر الحجري الحديث قبل حوالي 8000 عام. يُعتبر الموقع الأثري لجبيل واحدًا من أقدم المواقع المعروفة حيث تظهر أقدم أبجدية في النقوش الفينيقية على تابوت أحيرام. كانت جبيل ميناءً مهمًا لنقل أوراق البردي من مصر إلى اليونان لاستخدامها في الكتابة.
تضم جبيل بقايا مدرج روماني، وسور المدينة العائد للعصور الوسطى، والقلعة الصليبية التي تحتوي على أبراج دفاعية. لا تزال جبيل تحتفظ بشخصيتها كمنتجع راقٍ، حيث تضفي اليخوت في مرفئها منظرًا خلابًا.
تاريخيًا، شهدت جبيل نشأة الحضارة الفينيقية، ويتجلى ذلك من خلال الآثار المعمارية المنتشرة في المنطقة، والتي تعود لفترات تاريخية مختلفة، من العصور الوسطى إلى العصر البرونزي. استمرت أعمال البناء والتجديد في المدينة دون انقطاع منذ تأسيس أول مستوطنة فيها، مما جعلها محتفظة بهويتها الفريدة والمعمارية على مر العصور.
اترك تعليقاً