طرق التعبير عن الأوامر في سورة لقمان
On 4:44 م by عمر الهذليسورة لقمان
تعتبر سورة لقمان من السور المكية إذ تضم أربعًا وثلاثين آية. وقد نزلت هذه السورة الكريمة بعد سورة الصافات، وسُميت بهذه التسمية نسبة إلى قصة لقمان مع ابنه التي وردت في هذه الآيات. يُعرف لقمان بأنه رجل حكيم وصالح، قام بتوجيه ابنه ووصيته بمكارم الأخلاق.
تتناول الآيات الأولى من هذه السورة، كونها مكية، صفات المؤمنين الذين يقتربون من الله تعالى. وتشير بعض المواضع إلى التهديد بعذاب الله لمن يسخر من القرآن الكريم أو لا يستمع إليه، خاصةً التاجر الذي كان يجمع أحاديث الفرس والعجم لإبعاد الآخرين عن الاستماع للقرآن. وتحتوي السورة أيضًا على جزء هام وهو وصايا لقمان لابنه، التي تُعتبر وصايا من الله تعالى للمسلمين للتقيد بها وتطبيقها.
أساليب الأمر في سورة لقمان
ذكر الله تعالى في سورة لقمان: (وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ* وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) سورة لقمان {12 – 19}.
دلالات استخدام أسلوب الأمر
يمكن ملاحظة أسلوب الأمر في الآيات السابقة من خلال الأفعال الجازمة ونهي الفعل، وتشير إلى معاني مهمة في سياق قصة لقمان مع ابنه، ويمكن تلخيص ما يلي:
- يظهر فعل الأمر “اشكر” في الآية الأولى، حيث يأمر الله تعالى لقمان بالشكر لما أعطي من حكمة تعينه في العبادة ومهمة الحياة.
- في الآية الثانية، يتضح استخدام حرف النهي “لا” الذي يدخل على الفعل المضارع “تشرك” (لا تُشرِكْ)، مما يُظهر تحذير لقمان لابنه عن الشرك بالله لما فيه من ظلم للنفس وعقاب من الله.
- أوصى لقمان ببر والديه، مذكّرًا ابنه بمشقة أمه خلال الحمل والتربية، مما يعكس أهمية طاعة الوالدين في المعروف شرط عدم الشرك بالله، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
- وتظهر أيضًا في الآية “أقمِ الصلاة” أسلوب الأمر الواضح لإقامة الصلاة والدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- وفي عبارة “اصبر على ما أصابك”، يستعمل أسلوب الأمر من خلال فعل “اصبر”، مشيرًا إلى أهمية الإيمان بالقضاء والقدر، بالإضافة إلى النهي عن المشي بتكبر وضرورة الاعتدال.
- يأمر لقمان ابنه بتخفيف صوته عبر فعل “اغضض”، مشيرًا إلى أن الزيادة في الصوت تشبه صوت الحمار، والذي هو من الأصوات المنكرة في القرآن.
- وفي الآية 33، يخاطب الله الناس جميعًا بالقول “اتَّقُوا رَبَّكُمْ” مؤكدًا على أهمية التقوى والخوف من الله عز وجل وتذكير اليوم الآخر عبر أسلوب الأمر.
اترك تعليقاً