قصة أبو بصير: رمز الشجاعة والوفاء في الإسلام
On 11:31 ص by ياسمين العبداللهأبو بُصير
يعدُّ أبو بُصير أحد الشخصيات البارزة من رجال قريش الذين اعتنقوا الإسلام، وهو معروف أيضاً باسم عُتبة بن أُسيد بن جارية بن أُسيد، ويُنسَب إلى قبيلة ثقيف. يقال أن اسمه الحقيقي هو عُبيد بن أُسيد بن جارية. لقد كان له دورٌ مؤثر في التاريخ الإسلامي، حيث هرب بعد صلح الحديبية وعهد النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- مع قريش، متوجهاً من مكة إلى المدينة المنورة. غير أن قريش أرسلت مبعوثيها إلى النبي تطلب عودته وفق شروط الصلح، التي تضمنت عدم استقبال أي فرد من قريش إلا بموافقة وليه. وبالفعل، سلم النبي أبا بُصير لهم، لكنه لم يستسلم. وفي أثناء العودة، تمكن من قتل أحد المبعوثين بينما فرَّ الآخر، حتى وصل إلى مسجد رسول الله، حيث استطاع الإفلات منهم.
قريش تستنجد من أبي بصير
بعد هروبه من مبعوثي قريش، عاد أبو بُصير إلى النبي طالبًا المساعدة، فهو كان يدرك تمامًا أن قريش ستعذبه حتى يتخلى عن دينه. فقال رسول الله: (ويْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ، لو كانَ له أحَدٌ). وعندما أدرك أبو بُصير أنه سيسلم مرة أخرى، غادر إلى أرض جُهينة، حيث بدأ في اعتراض قوافل قريش وقتل من فيها. انضم إليه عدد من المسلمين الهاربين من مكة، حتى أصبحت قوافل قريش لا تمر دون أن يتمكنوا من الاستيلاء عليها وقتل رُكّابها. وعندما زادت الأمور تعقيدًا، أرسلت قريش وفوداً إلى رسول الله تطلب منه أن يقبل ويعيد أبو بُصير ومن معه، معلنةً عدم وجود حرج في احتضان أي مسلم يهرب من مكة. توفي -رحمه الله- وهو يستعرض بين يديه رسالة من رسول الله تطلب منه القدوم إلى المدينة وتم دفنه في مكانه.
دروسٌ مهمّةٌ من قصة أبي بصير
لا شك أن قصة أبي بصير تزخر بالعديد من الدروس والعبر. فقد تجلى فيها الوفاء بالعهد من قِبل رسول الله، رغم علمه يقيناً بأن قريش ستقوم بتعذيب أبي بصير وتؤثر على دينه. إن الوفاء بالعهد يُعتبر واجباً أساسياً على المسلمين، بالإضافة إلى نشر الأمان والسلام. فلولا أن المشرك الذي هرب من أبي بُصير كان على علم بذلك، لما لجأ إلى رسول الله ومسجده بحثًا عن الحماية. ومن العبر المهمة أيضاً، أن الله -تعالى- ناصر عباده المؤمنين بالنظر إلى قدرته وحكمته. كما أن إرادة أبو بُصير كانت واضحةً في دفاعه عن دينه، وصبره على عقيدته وثباته عليها، وهذه من أسباب دعم الله ورعايته له.
اترك تعليقاً