قصيدة جميلة مشوقة ومليئة بالمشاعر
On 9:56 م by سمير القرويقصيدة للمتنبي
إنّ القلبَ هو الأعلمُ يا عذولُ بدائِهِ،
وهو أحقُّ بجفني وبمائه.
فمَن ذا الذي أحبُّ لأعصيَنَّكَ في الحبِّ،
أقسمٌ به وبحسنه وبهائه.
أأحبُّه وأحبُّ فيه ملامةً؟
إنّ الملامةَ فيه تأتي من أعدائه.
عجبَ الوشاةُ من حديثهم ومدحهم،
فاترك ما رأيتَ ضَعُفْتَ عن إخفائه.
ما الصديقُ إلا من أحببتُ بقلبه،
وأرى بعينٍ لا ترى بتفاصيله.
إنّ المعينَ على الصبابة بالأسى،
أولى برحمةٍ ربه وإخائه.
مهلاً، فإنّ العَذْلَ أسقامٌ،
وارفق، فالسمعُ من أعضائه.
وهب الملامةَ في اللّذاذةِ كالكَرى،
مطروحةً بسُهادِه وبكائه.
لا تعذل المشوقَ في أشواقه،
حتّى يكونَ حشاكَ في أحشائه.
إنّ القتيلَ مضرجاً بدموعه،
مثل القتيل مضرجًا بدمائه.
والعشقُ كالمعشوقِ يعذُّبُ قُربه،
للمبتلى وينال من حوائجه.
لو قلتَ للدنِفِ الحزينِ “فديته”،
مما به لأغرته بفدائه.
وقيَ الأميرُ هَوَى العيونِ، فإنّه،
ما لا يزول ببأسه وسخائه.
يستأسرُ البطل الكميَّ بنظرةٍ،
ويحولُ بين فؤاده وعزائه.
إنّي دعوتُكَ للنوازلِ دعوةً،
لم يُدْعَ سامعُها إلى أكفائه.
فأتيتَ من فوق الزمانِ وتحتَه،
متسلصلاً وأمامِه ووراءَه.
مَنْ للسيوفِ بأن يكونَ سميّها،
في أصلهِ وفيرندِهِ ووفائه.
طُبِعَ الحديدُ فكانَ من أجناسِه،
وعليٌ المطبوعُ من آبائه.
قصيدة لأبو العتاهية
لعَمرك، ما الدنيا بدارِ بقاءٍ،
كَفَاكَ بدارِ الموتِ دارَ فناءٍ.
فلا تعشقِ الدنيا، أخي، فإنما،
يُرى عاشقُ الدنيا بجُهدِ بلاءِ.
حلاوتُها ممزوجةٌ بمرارةٍ،
وراحتها ممزوجةٌ بعناءِ.
فلا تمشِ يوماً في ثيابِ مخيلةٍ،
فإنك من طينٍ خُلِقْتَ وماءِ.
لقَد قلَّ امرؤٌ تلقاه لله شاكراً،
وقلَّ امرؤٌ يرضَى له بقضاءِ.
وللهِ نعماءٌ علينا عظيمةٌ،
وللهِ إحسانٌ وفضلُ عطاءِ.
وما الدهرُ يوماً واحداً في اختِلافِهِ،
وما كلُّ أيامِ الفتى بسواءِ.
وما هوَ إلا يومُ بؤسٍ وشدةٍ،
ويومُ سرورٍ مرّةً ورخاءِ.
وما كلّ ما لم أرْجُ أُحرَمُ نفعَهُ؛
وما كلّ ما أرْجوهُ أهلُ رجاءِ.
أيها الدهرَ، عجباً لكَ لاَ بل لريبا،
يخرِّمُ ريبُ الدهرِ كلَّ إخاءِ.
وشتتَ ريبُ الدهرِ كلَّ جماعةٍ،
وكدرَ ريبُ الدهرِ كلَّ صفاءِ.
إذا ما خليلي حلَّ في برزخِ البلى،
فحسبِي بهِ نأياً وبُعدَ لقاءِ.
أزورُ قبورَ المترفينَ فلا أرى،
بَهاءً، وكانوا، قَبْلُ، أهل بَهاءِ.
وكلُّ زمانٍ واصلٌ بصريمةٍ،
وكلُّ زمانٍ مُلطَّفٌ بجفاءَ.
يعزُّ دفاعُ الموتِ عن كلّ حيلةٍ،
ويَعيا بداءِ الموتِ كلّ دواءِ.
ونفسُ الفتى مسرورةٌ بنمائها،
وللنقصِ تنمو كلُّ ذاتِ نماءِ.
وكم من مفديٍ ماتَ لم يَرَ أهلهُ،
حبَوْهُ، ولا جادُوا له بفداءِ.
أمامكَ، يا نوماَنُ، دارُ سعادةٍ،
يدومُ البقاء فيها، ودارُ شقاءِ.
خُلِقْتَ لإحدى الغاياتينِ، فلا تنمْ،
وكُنْ بينَ خوفٍ منهما ورجاءِ.
وفي الناسِ شرٌّ لو بدا ما تعاشروا،
ولكن كساهم الله ثوبَ غطاءٍ.
قصيدة لابن الرومي
ضحك الربيعُ إلى بكى الديم،
وغداً يُسوّى النبتَ بالقممِ.
من بين أخضرَ لابسٍ كمماً،
خُضراً، وأزهرَ غير ذي كُمَم.
متلاحق الأطراف متسقٌ،
فكأنّه قد طُمّ بالجَلَم.
مُتبلِّجِ الضحواتِ مُشرِقها،
متأرجُ الأسحار والعتم.
تجدُ الوحوشُ به كفايتَها،
والطيرُ فيه عتيدةُ الطعم.
فظباؤه تضحى بمنتطح،
وحمامُه تَضْحَى بمختصم.
والروضُ في قطع الزبرجد والـ،
ياقوتٌ تحت لآلىء تُؤم.
طلٌّ يرقرقه على ورقٍ،
هاتيك أو خيلانُ غاليةٍ.
وأرى البليغَ قُصورَ مُبلغه،
فغدا يهزُّ أثاثَ الجُمّم.
والدولةُ الزهراءُ والزمنُ الـ،
هارُ حسبُك شافياً قَرَم.
إنّ الربيعَ لكالشباب وإنْ،
صيفٌ يكسعه لكالهرم.
أشقائقَ النُعمانِ بين رُبَى،
نُعمانَ أنتِ محاسنُ النعم.
غدتِ الشقائقُ وهي واصفةٌ،
آلاء ذي الجبروت والعظم.
ترفٌ لأبصارٍ كُحلنَ بها،
ليُرين كيف عجائبُ الحكم.
شعلٌ تزيدك في النهار سنًى،
وتضيءُ في مُحلولك الظلم.
أعجب بها شعلةً على فحمٍ،
لم تشتعل في ذلك الفحم.
وكأنما لمَعُ السوادِ إلى،
ما احمرَّ منها في ضحى الرم.
حدَقُ العواشق وسّطتْ مُقلاً،
نهلت وعَلَت من دموع دمٍ.
يا للشقائق إنَّها قسَمٌ،
تُزهى بها الأبصارُ في القسم.
ما كان يُهدى مثلَها تحفاً،
إلا تطوّل بارئِ النسم.
اترك تعليقاً