أبرز مقامات الشاعر ابن الوردي
On 7:33 ص by دلال الفرجأبرز مقامات ابن الوردي
تتألف مقامات ابن الوردي من خمس مقامات، تناولت المواضيع التي كانت تشغل بال المجتمع في عصره، متمحورة حول الإصلاح والتوجيه الاجتماعي. ومن أبرز هذه المقامات ما يلي:
المقامة الصوفية
تتناول هذه المقامة قصة إنسان يسافر إلى القدس بهدف البحث عن حقيقة معينة. خلال هذه الرحلة، يوضح ابن الوردي لنا مفهوم التصوف وخصائصه، داعيًا الله أن يحقق له أسباب هذه التجربة. ثم يلتقي بعشرة رجال، من بينهم شيخ مسن، ويبدأ في استفساره عن التصوف.
يسأله عن المبادئ الأساسية للتصوف وصفات المتصوفين الحقيقيين، وعندما تصل أسئلته إلى تسعة، يضيف الشيخ سؤالًا عاشرًا، يسلط فيه الضوء على الفهم العميق للمنهج الصوفي. وقد اتخذ ابن الوردي في هذه المقامة أسلوبًا إصلاحيًا، مع الإشارة أيضًا إلى عيوب التصوف.
“رُوي أن شخصًا من معرة النعمان قال: سافرت إلى القدس الشريف، سفرًا متخفيًا، بعد التعريف، وواجهت في طريقي وادٍ تعاني فيه من لظى الظمأ، فوجدت فيه عينًا كعين الخنساء، تجري على صخر، وماؤها يقول: أنا سيّد مياه هذا الوادي ولا فخر. فاستسقيت من تلك العين، لكنني تذكرت ظمأ الحسين، وهذا الماء يجري منسجمًا مع الجميع سواء العاكف أو البادِ”.
المقامة الأنطاكية
تبدأ هذه المقامة برحلة إلى أنطاكيا، حيث يظهر إعجاب ابن الوردي بجمال المدينة وطبيعتها. وعند وصوله إلى الوالي، يلاحظ حزنه بسبب تزايد العناصر الأجنبية على حساب العرب، وافتقار العرب لوعي الخطر الأجنبي. تنم هذه المقامة عن حس قومي بارز.
“قلت: لله در فصاحتك، فما سبب حزن قلبك؟ قال: لقد اجتمعت في هذه المدينة العرب والروم. وأنا بينهم في الحياة، لا أستطيع السكوت، لو عاينتهم لهربت هاربًا. فمن يستطيع الجمع بين المتناقضات؟ ومن يملك موالاة العدو؟ وكيف يمكن لسكان أنطاكية تحقيق آمالهم، وقد انحنى ظهرهم من العجم؟”
المقامة المنبجية
في هذه المقامة، يستعرض ابن الوردي رحلة الإنسان إلى مدينة منبج، ملاحظًا التغيرات التي طرأت على معالمها وأماكنها. ينتقل إلى المدرسة النورية، حيث يجد المعلم صغير السن، ويقرر إحراجه ببعض الأسئلة في السياسة والقومية. وينتقد ابن الوردي المدينة بناءً على التغيرات التي شهدتها.
“حدثني إنسان من معرة النعمان، فقال: دخلت منبج أثناء إحدى رحلاتي، فرأيتها مدينة كغيرها، لكن الزمن صغر معالمها، وأصبح حدودها وغامضًا للمتحدثين. مساجدها قد خفت صوتها، وأماكن العبادة تتأمل غياب من افتقدتهم، وكرّاسات التعليم قد انطفأت إلا واحدة”.
المقامة المشهدية
تتناول هذه المقامة موضوع المشاهد، أي القبور، حيث يقرر ابن الوردي زيارة هذه القبور. وبعد قطع مسافات طويلة، يظهر له شخص يسأله عن هدفه من هذه الزيارة، فيبين له أنه بلا جدوى؛ فتتناول المقامة قضية فقهية وتوضح حرمانية هذا الفعل، لأن زيارة القبور تذكر الإنسان بشغفه بالدنيا وحساب الآخرة.
“روى إنسان من معرة النعمان، فتغلبت عليه النفس اللوامة، وارتدى ثياب السفر، فبدأت رحلتي بسرعة. بينما كنت أرتاد الفيافي، انبعث غبار فوقي، فإذا بأمير كبير يتوجه نحوي. سألني عن قصدي، فأخبرته بما في جعبتي، فقال لي: لقد بطل ذلك أيها البطل، وظهر لأئمة الأمة في ذلك الخطأ والخطل”.
مقامة صفو الرحيق في وصف الحريق
كان ابن الوردي في زيارة لدمشق عندما شهد حريق المدينة الشهير عام 740 هـ، ووصف حال دمشق، معالمها التاريخية وأسواقها، حتى كادت الليالي تتحول إلى نهار بفعل اللهب. كما يتحدث عن دور الوالي في محاولته لإنقاذ المدينة، ويتناول الواقع السياسي الذي منع حرية التعبير وتداول الحقائق.
“كان الحريق في دمشق، وذهب فيه أموال وأنفس، واحترقت المنارة الشرقية…. وتم صلب تنكز لأحد عشر رجلًا ثم سُلب منهم ما يعادل ألف ألف درهم وأسلم بعضهم….”، ويقول أيضًا:
وعادت دمشق فوق ما كان حسنها
وأمست عروسًا في جمال مجدد
وقالت لأهل الكفر موتوا بغيظكم
فما أنا إلا للنبي محمد
ولا تذكروا عندي معابد دينكم
فما قصبات السبق إلا لمعبد
اترك تعليقاً