أبو صخر الهذلي: الشاعر العربي المعروف ومساهماته الأدبية
On 2:31 م by أحمد الزهرانينسب أبي صخر الهُذلي وحياته
هو عبد الله بن سَلْم السهَمي، من قبيلة مرمض، وهو ما ذكرته عدة مصادر عن نسبه، الذي جاء مختصراً على غير المعتاد عند ذكر الأنساب. وقد أكد أبو الفرج في ترجمته هذه المعلومات، حيث اعتمد على نسخة السكري، التي تُعتبر من أتم النسخ. من الجدير بالذكر أن تفاصيل حياة الشاعر تظل غامضة، حيث أشار نوري القيسي في كتابه إلى أن حياة الشاعر استمرت حتى عام 126هـ، وظهرت بعض أخباره في عام 127هـ. كما يُذكر أن له ابناً يُدعى داوود، توفي في حياته، مما أصابه بحزنٍ عميق، وقد رثاه في قصيدة تتألف من أربعة وستين بيتاً.
كما أشار الشاعر في البيت الثاني من القصيدة إلى ابن آخر يُدعى محمد، رغم عدم توفر أخبار عنه. وفقاً لأبي الفرج، يُقال إنه لم يكن لأبي صخر الهذلي إلا ابن واحد. على صعيد آخر، كان لأبي صخر حبٌ عميق لامرأة من بني قضاعة تدعى ليلى بنت سعد، كانت تُلقب بأم حكيم. استمرت العلاقة بينهما لفترة، إلا أنها تزوجت رجلًا آخر وغادرت إلى قومها، مما أثار في نفسه مشاعر الشوق والحنين، وجعله يكتب فيها قصائد. يُعتبر أبو صخر الهذلي شاعراً إسلامياً من شعراء الدولة الأموية، وكان معروفاً بتعصبه لبني مروان، حيث نظم قصائد مدح لعبد الملك بن مروان وأخيه عبد العزيز.
موضوعات شعر أبي صخر الهذلي
يُصنف أبو صخر الهذلي ضمن الشعراء الذين كان لهم مواقف واضحة؛ فقد دافع عن آرائه وتحمل الصعوبات في سبيلها. ورغم ذلك، لا يُذكر كثيراً بين الشعراء الإسلاميين في الدراسات النقدية. فعند تناول الشعر الإسلامي، لا يجد القارئ الكثير من الشواهد لشعره للتدليل على مضامينه، كما أنه لم يتم تصنيفه مع جماعة من الشعراء الذين يتشاركون خاصيات معينة. كذلك الحال في دراسات الشعر الأمي، حيث لا تُدرس حياته بشكل خاص على الرغم من شهرة قصائده.
لقد جُمعت أشعار الهذلي في ديوان الهذليين، وتم نشرها في شرح أشعار الهذليين لأبي سعيد السكري. وعند إلقاء نظرة على شعره، نجد أن بعض قصائده اتخذت الشكل التقليدي للقصيدة، حيث تناول مواضيع الغزل، وذكر المرأة التي يحب مستخدماً رموزًا وأسماء وهمية تدل عليها، مما يعكس عواطف عميقة وصادقة تترسخ في قلوب القرّاء. ومن المثير للاهتمام أن أبا صخر الهذلي برع في شعر الوصف؛ فقد صور طبيعة هذيل بمكوناتها من ثرى، أراضٍ، ورياح، وندى، وذكر الأماكن التي تحمل ذكريات جميلة في حياته. كان من الشعراء الذين استخدموا شعرهم في مدح الأمويين، بالإضافة إلى ذلك، كان الرثاء حاضراً بشكل واضح في أشعاره، حيث يمكن للقارئ أن يشعر بالحسرة في مرثيته لابنه، والتي بلغت أربعًا وستين بيتاً، متبعًا أسلوباً مشابهاً لما استخدمه في مقدمة رثائه لعبد العزيز بن عبد الله بن خالد.
قطوف من أشعار أبي صخر الهذلي
قال أبو صخر يمدح أبا خالد عبد العزيز بن خالد بن أسيد:
أَرَائحٌ أنتَ يَوْمَ اثنَينِ أمْ غَاديولمْ تُسَلِّم عَلى ريحانَةِ الوَادِيومَا ثَناكَ لَها والقوْمُ قَدْ رَحَلُواإلّا صَبَابةُ قلبٍ غَيرِ مِرْشادِإنّي أَرَى مَن يُصاديني لأهْجرَهاكزَاجرٍ عَن سَبيلِ اللهِ صَدَّادِلولا رَجاءُ نوالٍ مِنكِ آمُلُهُوالدهرُ ذُو مِرَرٍ قَد خَفَّ عُوادييا حبَّذا جُودُها بالبَذلِ تَخلطُهُبالبخلِ بَعدَ عِتابيها وَتعدَاديوحبَّذا بُخْلُها عَنّا وقد عَرَضتْدُونَ النوالِ بِعلّات وألدَادِتَجلو عوارضَ ذِي ظُلمٍ إذا ابتسمتْكلَوْحِ مُزْنَةِ عَرضٍ ذَاتِ أرصادِممكورةُ الخَلقِ مُرتَجٌّ رَوادِفُهاراقتْ على حَاضرِ النسوانِ وَالبَادييُصبي تَبسُّمهَا مَن لا يكلِّمُهَابِمِثلها يَشتفي ذُو النيقَةِ الصَّادييا أَطيبَ الناس أرداناً ومُبْتَسماًكيف العزاءُ وَقدْ زَوَّدتني زَاديوقرَّة العَيْن قد عادَ الهوى ذِكراًوعَادَ لي منك وَسْواسي وَأفناديقامت تُودّعُنا والعينُ مُشعِلَةٌفي واضحٍ مِثلِ فَرقِ الرأسِ مُنقادِتَغشى عوائده طُوراً وتنظمهُنَشْطَ النَّواسجِ في أنيار جُدّادِوالطَّرفُ في مُقلةٍ إنسانُها غرقٌبالماءِ تَذري رَشاشاً بعد أجوادِلولا الحفيظةُ شقَّت جَيْب مُجسدِهَامِن كَاشحينَ ذوي ضغنٍ وأحقادِماذا غَداة ارْتَحلنا من مُجَمِجَمةٍتُخفي جَوى قدْ أسرته بآبادِومن مسرٍ سَقاماً لا يَبُوحُ بهِعلى الذي كان يخفي قبل مزدادِومن عيونٍ تَساقى الماء ساجمةًومن قُلوبٍ مريضات وأكبادِإنَّ القُلوبَ أقامت خَلفنا وثوتْفما غَدت عِيرُنا إلا بأجسادِيا أمَّ حسَّان أنَّي والسرى تعبٌجُبت الفلاةَ بلا نعتٍ ولا هَاديإلى قلائصَ لم تُطرح أزمَّتهاحتى وَنينَ وملَّ العُقبة الحاديلَها وَمالوا على الأشزانِ فاضطجَعُواعلى طنافِسَ لم تنفضْ وألبادِ
وقال أبو صخر الهذليّ في الغزل:
أَمَا والذي أَبْكَى وأَضْحَكَ، والذيأَماتَ وأَحيا، والذي أَمْرُه الأَمْرُلقد تَرَكَتْنِي أَغْبِطُ الوَحْشَ، أَن أَرىأَلِيفَيْنِ منها، لا يَرُوعُهما الزَّجْرُإِذا ذُكِرَتْ يَرْتاحُ قَلْبي لِذِكْرِها،كما انْتَفَضَ العُصْفُور، بَلَّلَه القَطْرُتَكادُ يَدِي تَنْدَى، إِذا ما لَمسْتُها،وتَنْبُتُ، في أَطْرافِها، الوَرَقُ الخُضْرُوصَلْتُكِ حتى قِيلَ: لا يَعْرِفُ القِلَىوزُرْتُكِ حتى قِيلَ: ليس له صَبْرُفيا حُبَّها زِدْني هَوىً كلَّ ليلةٍويا سَلْوةَ الأَيّامِ مَوْعِدُكِ الحَشْرُعَجِبْتُ لِسَعْيِ الدَّهْرِ بيني وبينَهافلمّا انْقَضَى ما بيننا، سَكَنَ الدَّهْرُ
اترك تعليقاً