الأسرة
أثر الإيمان والعلم على شخصية الفرد وتجربته النفسية
On 1:27 ص by طارق النابلسيتأثير العلم والإيمان على النفس البشرية
تعتبر مراتب الدين والإيمان مصدراً أساسياً لتعزيز النفس الإنسانية، إذ تلعب مجالات المعرفة والعلم في مختلف التخصصات دورًا محوريًا في تشكيل النفس الإنسانية وتحديها في صور متعددة، مما يساهم في تشكيل الهوية الإسلامية التي أرادها الله عز وجل. ما هي أبرز التأثيرات الإيمانية والعلمية على النفس؟ يمكن تصنيف هذه العوامل إلى قسمين رئيسيين يشملان العوامل الأكثر تأثيرًا:
العوامل الإيمانية
يجب على المسلم أن يتفهم تأثير الإيمان في إصلاح النفس لكي يدرك تجليات تلك التأثيرات في سلوكياته ومشاعره. وتتلخص أبرز آثار الإيمان فيما يلي:
- تأثير الإيمان على طمأنينة القلب وانشراح الصدر: لا يمكن للإنسان، مهما بلغ من مقامٍ رفيع، أن ينكر أن الدوافع الإيمانية التي تحثه على الأعمال الصالحة تُعد مصدراً للراحة والطمأنينة. فمعرفة أسماء الله تعالى وصفاته تعزز من ألوان العبودية التي تحيا في القلب، مما يحقق قناعة تمنح الإنسان سعادة وطمأنينة حقيقية. عندما يدرك العبد أن الله – سبحانه وتعالى – هو الخالق والرازق، وأن بيده مفاتيح خزائن السموات والأرض، تتلاشى همومه وغمومه، ويصبح مؤمناً بأن كل ما يحدث له هو مقدر من الله.
- تأثير الإيمان في تزكية النفس وتطهيرها: يعتبر الإيمان بالله تعالى من أهم وسائل تزكية النفس وتطهيرها من دنس الشرك وما يتبع ذلك. فالشرك، الذي يُعد نقيض الإيمان، يضعف القلب ويدفع الإنسان نحو المادية، مما يمنعه من استشعار حقائق العبودية. لذلك، فإن تقوية الإيمان في النفس تجعلها تتجه نحو المزيد من الكمال والسمو الإنساني شيئاً فشيئاً، حتى تصل إلى مرحلة تكره فيها النفس المنكر بمجرد سماعه، وهذا لا يتحقق إلا لمن طهرت نفسه وزكت حتى بلغ إيمانه ذروته.
- تأثير الإيمان على التوازن النفسي، لا سيما في أوقات البلاء: يساهم الإيمان في توجيه القلب نحو الصلاح عند وقوع المصائب. فعندما يصاب الإنسان بمحنة، قد يفتقد للحكمة في التصرف مما يؤدي إلى اتخاذ مواقف قد تؤدي إلى زواله. بينما الإيمان بالله يجعل المؤمن يتقبل الصعوبات برضا واطمئنان، دون أن يُصاب بالاعتراض أو التذمر، مما يزيد من مكانته عند الله. قال تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّـهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّـهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾.
العوامل العلمية
- تأثير العلم على ترويض النفس: يمكن للعقل السليم والفطرة النقية أن تقود النفس نحو درجات الصلاح والإصلاح. فإذا كان هم الإنسان الأكبر هو إصلاح نفسه، فإنه يسعى ملياً وبتفانٍ لترويضها وتوجيهها للطاعة. ومن هنا، فإن الاستفادة من العلم النافع في هذا المجال تُعد خطوة هامة، حيث يتمكن الشخص من مواجهة تحديات النفس وأمراضها المختلفة. كما ذكر الله، سبحانه وتعالى، في كتابه: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا* فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا* قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا* وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا).
- تأثير العلم في صفاء القلب وطهارة النفس: يعد العلم بصلاح النفوس من أعظم العلوم وأكثرها نفعًا. لذا، يجب على الإنسان أن يبتعد عن كل ما يمكن أن يدنس نفسه. وفي حال كان العلم هادياً إلى طرق الخير والهدى، يصبح سببًا رئيسيًا في طهارة النفس وتزكيتها. إذ إن تزكية النفس وطهارتها تمثل إحدى أهم المكتسبات التي يضيفها العلم النافع، حيث أن النفس بطبيعتها تميل إلى السوء، ولا سبيل للخروج من ذلك إلا من خلال التعليم النافع. ويقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (والمجاهد من جاهد نفسه).
ختامًا، هناك العديد من القيم الإيجابية التي تنجم عن الإيمان والعلم في تشكيل النفس البشرية. غير أن الشخص الحكيم هو الذي يسعى لتهذيب نفسه من الشوائب ويسعى للوصول بها إلى مراتب اليقين والتوازن السلوكي والمعرفي، وهذا لا يتحقق إلا من خلال العلم والإيمان.
اترك تعليقاً