أحكام الحيض والنزيف الطهري في الشريعة الإسلامية
On 4:27 ص by سارة النمرةأحكام الحيض
أحكام الحيض
توجد خمسة أحكام متعلقة بالحيض، والتي تتضح فيما يلي:
- **الاغتسال بعد انقطاع الحيض**: يجب على المرأة الحائض أن تغتسل بعد انتهاء فترة الحيض. يستند هذا إلى قول الله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّـهُ). كما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لفاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها: (ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحضين فيها، ثم اغتسلي وصلي).
- **البلوغ**: حيث تصبح الفتاة مكلفة بالطاعات وملزمة بالستر. وقد جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار).
- **الاعتداد بالحيض**: اتفق الحنفيون والحنابلة على أن المرأة المطلقة التي ليست حاملاً تعتد بالحيض، حيث يُعتبر بمعنى “قرء” الوارد في قوله تعالى (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) هو الحيض. لذا، تنتهي عدتها بانتهاء الحيضة الثالثة دون احتساب الحيضة التي وقع فيها الطلاق. بينما المالكية والشافعية يرون أن “قرء” يعني الطهر، وبالتالي تنتهي العدّة ببدء الحيضة الثالثة، حيث يتم احتساب الطهر الذي وقع فيه الطلاق.
- **براءة الرَحم**: أحد أهداف مشروعية العدّة في الإسلام هو التأكد من براءة الرَحم، ويتم ذلك بانتهاء عدّة المرأة إذا كانت تعتمد على الحيض.
- **الكفارة عن الجماع أثناء الحيض**: اعتبرت الحنابلة أن الكفارة واجبة على من جامع زوجته خلال فترة الحيض، سواء كان ذلك في بداية الدم أو نهايته قبل الاغتسال. وذلك بناءً على ما ورد في قوله تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ). وقد أوضح عبد الله بن عباس رضي الله عنه أن معنى (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ) أي إذا اغتسلن، وبالتالي لايُسمح بالجماع إلا بعد انقطاع الدم والاغتسال.
- **عبادات مُحرّمة على الحائض**: حيث تُمنع الحائض من العديد من الأمور وفقاً للشريعة الإسلامية، وسنذكرها في قسم مستقل.
أمور مُحرّمة على الحائض
من المهم الإشارة إلى أن عدة أمور تُحرم على المرأة خلال فترة حيضها، ومنها ما يلي:
- **الصلاة**: يحرم على الحائض أداء الفرائض والنوافل، وهذا يتضمن أمرين:
- الأول: إذا انقطع الحيض وطهرت المرأة قبل انتهاء وقت صلاة من الصلوات، بحيث يكفي الوقت لصيغة تكبيرة الإحرام؛ يُطلب منها قضاء صلاة ذلك الوقت وما قبله، كما في حالة أن تطهر قبل انتهاء وقت عصر فيجب عليها قضاء صلاتي الظهر والعصر.
- الثاني: إذا جاء الحيض على المرأة أول أو أثناء وقت إحدى الصلوات بعد انقضاء وقت يسمح بأداء تلك الصلاة، عليها قضاؤها بعد الطهارة. مثلاً، إذا جاء الحيض بعد دخول وقت صلاة العصر بنصف ساعة، فيجب عليها قضاء صلاة العصر.
- **الطواف**: خارج عن طواف الكعبة وجميع أنواعه، سواء أكان فرضاً أو نافلة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الطواف بالبيت بمنزلة الصلاة إلا أن الله قد أَحَلَّ فيه النُّطْقَ). كما قال لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها عند حيضها في الحج: (افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري).
- **الصيام**: يحرم على الحائض الصوم، كما شهدت عائشة رضي الله عنها: (كنا نحيض عند النبي صلى الله عليه وسلم، فيأمرنا بقضاء الصوم).
- **الطهارة بنيّة التعبد**: لا يجوز للحائض طهارة منها لرفع حدث صغير أو كبير بنية التعبد، حيث يعتبر ذلك تلاعب بالعبادة، ولكن الطهارة المسنونة مثل الغسل للاعتكاف فلا حرج في ذلك.
- **مسّ وحمل المصحف**: يُحظر على الحائض لمس المصحف، والذي يعتبر كل ما كُتب عليه القرآن الكريم. وقد جاء في قوله تعالى: (لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ)، كما أوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يمس القرآن إلا طاهر). أما إذا حملته مع حاجات أخرى، فلا بأس في ذلك.
- **قراءة القرآن**: يحرم على الحائض قراءة القرآن، بشرطين: الأول، إذا كانت القراءة بقصد يعتبر منفصلاً. الثاني، القراءة باللفظ وتحريك اللسان، أما إذا كانت بطريق آخر فلا حرج عليها. وفقاً لمذهب المالكية وفتاوى بعض العلماء، يُجوز للحائض قراءة القرآن.
- **المكث في المسجد**: يُحظر على الحائض البقاء في المسجد، ويستند هذا إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فإنّي لا أُحِلُّ المسجِدَ لحائضٍ)، كما أنه يحرم عليها المرور من المسجد في حالة خشيتها من تلويثه.
- **الطلاق**: يحظر طلاق الحائض ما لم يكن هناك مال معطَى، بموجب قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ).
- **المباشرة بين السرة والركبة**: يحظر ممارسة أي نوع من الملامسة بين السرة والركبة مع الحائض، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: (كانَتْ إحدَانَا إذا كَانَتْ حائِضًا، فأرَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أنْ يُبَاشِرَها أمَرَهَا أنْ تَتَّزِرَ في فَوْرِ حَيْضَتِهَا).
التعريف بالحيض
الحيض لغةً: هو مصدر للفعل حاض، ويعني السيلان. وفي الاصطلاح الشرعي، هو الدم الذي يخرج من رحم المرأة في أوقات محددة. وقد اختلف الفقهاء حول أقل وأكثر مدة الحيض كالتالي:
- **الحنفية**: يرون أن أقل مدة للحيض هي ثلاثة أيام وأكثرها عشرة أيام، وما أقل من ذلك أو أكثر يعد استحاضة.
- **المالكية**: يقولون إن أقل مدة للحيض ليست محددة، ولكن أكثرها خمسة عشر يوماً. إذا استمر النزيف بعد انتهاء العادة، فإنها تستظهر ثلاثة أيام دون تجاوز العادة.
- **الشافعية والحنابل**: يرون أن أقل مدة للحيض هي يوم وليلة وأكثرها خمسة عشر يوماً، اعتمادًا على العرف والعادة.
أحكام الاستحاضة
أحكام الاستحاضة
دم الاستحاضة لا يمنع المرأة من الصيام والصلاة، كما ورد في حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (جاءت فاطمة بنت أبي حبَيْش إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض فلا أطيق الصلاة، فأجابها النبي: لا، إنما ذلك عرق وليس بحيض). ولكنه ينقض وضوءها، لذا يتعين عليها اتباع خطوات معينة للطهارة للصلاة، منها:
- غسل الفرج قبل الوضوء.
- استخدام القطن أو ما شابه لمنع أو تقليل النجاسة بشرط ألا تكون صائمة، وأن لا تترتب عليه معاناة خاصة.
- الوضوء لكل صلاة.
التعريف بالاستحاضة
الاستحاضة: هي دم مرض يخرج من أدنى رحم المرأة في غير وقت الحيض أو النّفاس، ويعود سببها إلى انقطاع عرق لا يتوقف حتى يتم الشفاء. وعلى العموم، تسمح الاستحاضة للمرأة بأداء الصلوات والصيام.
أقسام المستحاضة السبع
سنوضح هنا أقسام المستحاضة السبع وحكم كل قسم:
- **المبتدأة المميزة**: هي المرأة التي ترى الدم لأول مرة، وتتميز بين الدم القوي والضعيف مع وجود شروط التمييز. حكمها يعتمد على التمييز؛ الدم القوي يعتبر حيضاً والضعيف طهراً.
- **المبتدأة غير المميزة**: هي التي ترى الدم ولكن بشكل موحد دون ميز. حكمها: مدة حيضها يوم وليلة وطهرها تسعة وعشرون يوماً. إذا استمر نزول الدم بعد خمسة عشر يوماً وتغير لونه، فعليها الاغتسال والصلاة إلا إذا أصبح أكثر سواداً أو احمراراً.
- **المعتادة المميزة**: هي التي سبق لها الحيض وتستطيع التمييز بين الدم القوي والضعيف. حكمها: الدم القوي يعتبر حيضاً والضعيف طهراً.
- **المعتادة غير المميزة**: هي التي تعتمد فقط على عادتها. حكمها: تعتمد على عادتها لتمييز الحيض والطهر.
- **المعتادة التي تتذكر الوقت دون العدد**: هي التي تتذكر وقت حيضتها ولكن ليس عدد الأيام. حكمها: تعمل باليقين في الحيض والطهر، وعليها أن تغتسل إذا لم تعرف وقت الانقطاع.
- **المعتادة التي تتذكر العدد دون الوقت**: هي التي تعرف عدد أيام عادتها دون تذكر الوقت. حكمها: مشابه لحكم السابقة.
- **المعتادة الناسية للوقت والعدد**: وهي التي لا تتذكر أي منهما. حكمها: تكون في حالة حيض في ست حالات كما ذكر، وحالة طهارة في خمس.
الفرق بين الحيض والاستحاضة
يمكن التفريق بين دم الحيض والاستحاضة من خلال عدة عوامل، كما يلي:
- **لون الدم**: دم الحيض أسود ثم يتلاشى إلى الأحمر ثم الأصفر، بينما دم الاستحاضة يكون أحمر.
- **رائحة الدم**: لدم الحيض رائحة كريهة، في حين أن دم الاستحاضة لا رائحة له.
- **وقت نزول الدم**: ينزل دم الحيض في أوقات محددة، بينما دم الاستحاضة لا يتقيد بوقت.
- **كثافة الدم**: دم الحيض كثيف، بينما دم الاستحاضة أقل كثافة.
اترك تعليقاً