أحكام فقهية تتعلق بفترة الحيض
On 12:32 ص by ياسمين العبداللهأحكام الحيض
ما يحرم بالحيض
تتعدد الأحكام المتعلقة بالمرأة خلال فترة حيضها، وفيما يلي توضيح لذلك:
- أولاً: الطهارة: لا يُسمح للمرأة الحائض بأن تتوضأ أو تغتسل كما هو معمول به في حالات العبادة، وذلك وفقاً للمدرسة الشافعية والحنبلية.
- ثانياً: الصلاة: لا يُسمح للمرأة الحائض أو النفساء بأداء الصلاة، وهذا بالإجماع بين العلماء. والنفساء هي المرأة التي وضعت مولودها حديثاً ويستمر نزول الدم عليها لمدة غالبية تصل إلى أربعين يوماً. فنزول الحيض يجعل الصلاة غير صحيحة ويعفي المرأة المسلمة من وجوبها مؤقتاً حتى تنتهي من حيضتها. وقد ورد هذا الحكم بشكل واضح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث أمر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بالتوقف عن الصلاة أثناء الحيض، فقال: (إذا أقبلت الحيضة، فاتركي الصلاة، وإذا أدبرت، فاغسلي عنك الدم وصلي).
هذا الإلغاء يَكون كاملاً، فلا يُطلب من المرأة الحائض قضاء ما فاتتها من الصلوات خلال فترة حيضها. وقد تساءلت نساء المسلمين عن سبب وجوب قضاء الصيام دون الصلاة، وأجابت السيدة عائشة رضي الله عنها بوضوح فقالت: (قد كانت إحدانا تحيض في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ثم لا تُؤمر بقضاء).
- ثالثاً: الصيام: لا يُسمح للمرأة الحائض بأداء الصيام، سواء كان فرضاً أو نفلاً، وهذا بالإجماع بين العلماء. وقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه عن الحائض: (إذا حاضت لم تصلي ولم تصم). يختلف الأمر هنا عن الصلاة، إذ يتوجب على الحائض قضاء الصيام إذا كان فريضةً، مثل صيام رمضان. وفي حالة الحيض أثناء صيام كفارة، فإنّ ذلك يتطلب التتابع؛ أي الفرض المستمر مثل صيام شهرين متتابعين، وبالتالي عليها أن تفطر في أيام حيضها ثم تُكمل صيامها، وهذا لا ينتهك شرط التتابع، حيث إن الحيض يعد عارضاً غير متحكم فيه.
- رابعاً: الحج: إذا انطلقت المرأة للحج ثم حاضت في أثناء ذلك، فإنها تُكمل مناسكها مع استثناء الطواف. ودليل ذلك قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (قدمت مكة وأنا حائض، ولم أطُف بالبيت ولا بين الصفا والمروة. فشكوت ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال: افعلي كما يفعل الحاج غير أن لا تُطوفي بالبيت حتى تجيبي). ويعني ذلك أن الاغتسال للحج، مثلاً، أو الاغتسال للوقوف بعرفة مُباحٌ لها، أما الطواف – الذي له أنواع؛ منها ما هو ركن مثل طواف الإفاضة، ومنها ما هو سنة مثل طواف القدوم – فإن الطواف عند المرأة الحائض يُعتبر غير صحيح بأي حال من الأحوال بناءً على رأي الجمهور، بينما ترى الحنفية أن ذلك مكروه فقط.
إذا حاضت المرأة قبل طواف القدوم، يسقط عنها. أما طواف الإفاضة فلا يسقط، ويجب عليها الطواف عندما تطهر، ولا يُعتبر طوافها وهي حائض صحيحاً. يُذكر أن الحنفيّة يرون كراهته وليس عدمه، كما يتم التخفيف في طواف الوداع للحائض إذا طافت طواف الإفاضة، إذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي رضي الله عنها أن تسير دون طواف الوداع بعد أن كانت حائضاً وطهرت.
- خامساً: قراءة القرآن: توجد آراء متعددة بين الفقهاء حول هذا الأمر. الرأي الأول يرى أنه محرم، وهو ما يعتقد به جمهور الفقهاء، مستندين إلى حديث: (لا تقرأ الحائض ولا الجنُب شيئاً من القرآن). ومع ذلك، من المنطقي أن الحديث ضعيف، وقد اعتبره البعض منكرًا أو باطلاً. هناك بعض الفقهاء الذين وضعوا شروطاً لقراءة القرآن، إذ يعتبر الشافعية أنه يجوز لها القراءة قلبياً دون اللفظ، بينما يتيح الحنابلة قراءة جزء من آية، وليس آية كاملة، وقد خالف جمهور الفقهاء الإمام مالك الذي أجاز للحائض قراءة القرآن مطلقاً.
- سادساً: مسّ المصحف أو حمله: اتفق الفقهاء على حرمة مسّ المصحف للحائض، استناداً إلى قوله تعالى: (لا يمسّه إلا المطهرون). ومع ذلك لدى المالكية رأي خاص، حيث يسمحون بمسّه لأغراض التعلم والتعليم، بينما يُجيز الحنفية حمله بحائل ليس من القرآن، لكنهم يكرهون ذلك بأكمام الملابس إلا لأغراض التعلم.
- سابعاً: دخول المسجد: لا يَجوز للمرأة الحائض الجلوس في المسجد أو البقاء فيه في أي حالة، باتفاق العلماء. ومع ذلك، يُسمح لها بالمرور فيه لضرورة طارئة. هذا الاستثناء ورد في السنة الشريفة، حيث طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من عائشة رضي الله عنها إحضار شيء له من المسجد، فتعللت بحيضتها، فقال: (إن حيضتك ليست بيدك). ونرى أن العلماء يكرهون ذلك دون ضرورة، إلا أن الحنفية والمالكية يمنعون ذلك في كافة الحالات دون استثناء. أما دخولها لمصلى العيد، فالأكثر من الفقهاء يجيزونه، باستثناء الحنابلة، بالإضافة إلى دخولها مصلى الجنازة.
- ثامناً: الجماع: يُعتبر جماع المرأة الحائض محرم بالإجماع، استناداً لقوله تعالى: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطرن). وقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأمر بحديثه: (اصنعوا كل شيء إلا النكاح). إنه من الجدير بالذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يباشر نساءه أثناء الحيض ما عدا الفرج، حيث يترك المنطقة من السرة نزولاً إلى الركبة، استناداً لحديث أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها عن رسول الله أنه: (كان يباشر المرأة من نسائه وهي حائض إذا كان عليها إزار).
بناءً عليه، قرر بعض الفقهاء الجواز بشرط وجود ساتر، بينما منع البعض الآخر خوفاً من الاجتياز إلى الوطء الكامل، وهو كبيرة من الكبائر في حق المتعمد. وقد اجتهد الفقهاء في تعيين كفارة من يرتكب ذلك، حيث أوجب الحنابلة نصف دينار من الذهب، واستحب الحنفية والشافعية إخراج دينار من الذهب كصدقة إذا وقع الجماع في الأيام الأولى للحيض، ونصفه إذا وقع في الأيام الأخيرة، بينما الإمام مالك لم يوجب أي كفارة عليه.
- تاسعاً: الطلاق: بوجه عام، لا يجوز تطليق المرأة الحائض، ويستند هذا الحكم إلى حديث يرويه الإمام مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنه، حيث طلق امرأته وهي حائض، فذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (مره فليُراجعها، ثم ليطلقها طاهراً).
- عاشراً: الذكر: يحق للمرأة الحائض أن تذكر الله تعالى بما شاءت من تسبيح أو تكبير أو استغفار أو صلاة على نبي الله. وهذا بخلاف باقي العبادات، حيث كانت النساء في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرجن للصلاة العيد ويمارسون التكبير والدعاء مثلهم مثل الرجال، بما فيهن الحائض.
استدراك الفائت من العبادات بسبب الحيض
تُحرم المرأة الحائض من أداء العديد من العبادات، وبعضها يتطلب قضاءً بعد الطهر مثل الصيام وطواف الإفاضة، في حين أن البعض الآخر لا يتطلب قضاءً كالصلوات. وفيما يلي تفاصيل ذلك:
- أولاً: استدراك الصلاة: المقصود بها القضاء للصلوات التي حاضت المرأة في وقتها، وتقع في حالتين. الحالة الأولى: إذا حاضت في بداية وقت الصلاة، كأن يدخل وقت صلاة العصر ثم تحيض المرأة، فوفقاً للحنفية والمالكية، فإن تلك الصلاة تسقط عنها. بينما يرى الشافعية والحنابلة وجوب قضائها. الحالة الثانية: إذا طهرت المرأة من حيضتها في نهاية وقت صلاة ما، وفي هذه الحالة، تقول المالكية إنه إذا كان الوقت المتبقي يسمح بركعة واحدة، فإنه يجب عليها صلاة العصر. وتقول الشافعية والحنابلة إن عليها قضاء الصلاة التي طهرت في وقتها حتى لو لم يتبقى فيه سوى وقت تكبيرة الإحرام، وتقضي معها الصلاة التي تسبقها إذا كانت من بين الصلوات التي تُجمع.
إذا طهرت المرأة قبل طلوع الشمس بمقدار تكبيرة، فإنه يجب عليها أداء صلاة الصبح فقط، ولا تجزئ معها صلاة العشاء لأنها ليست مما يُجمع مع الفجر.
- ثانياً: استدراك الصيام: قد اتفق الفقهاء جميعاً على وجوب قضاء اليوم الذي ينزل فيه الدم بعد الفجر، حتى لو تَوقَّف الدم بعد ساعات أو دقائق. وقد اختلفوا فيما إذا كانت تمتنع عن الأكل والشرب بسبب انقطاع الدم، حيث يرى الحنفيّة والحنابلة أنه يتوجب الإمساك عن الطعام والشراب رغم قضائه بينما لا يرون ذلك الشافعية والمالكية، حيث يرون أن مجرد نزول الدم بعد الفجر يُجوز الإفطار في ذلك اليوم حتى لو انقطع الدم خلال النهار.
أما إذا طهرت قبل الفجر، فقد اتفق الفقهاء كافة على ضرورة صومها لليوم التالي، واشترط الحنفية أن تغتسل قبل الفجر، بينما لم يشترط المالكية ذلك، بل اكتفوا بانقطاع الدم قبل الفجر حتى لو لم تغتسل قبل ذلك، وكذلك لم يشترط الحنابلة ذلك، وأوجبوا الصيام من وقت انقطاع الدم.
- ثالثاً: استدراك طواف الإفاضة: كما ذُكر سابقاً، فإن الطواف محرم على المرأة الحائض، وله أنواع منها اثنان من السنة؛ هما طواف القدوم وطواف الوداع، وهذا الأخير يسقط عنها. بينما طواف الإفاضة هو ركن من أركان الحج، لذا يتوجب على الحائض الانتظار حتى تطهر ثم تغتسل وتؤدي هذا الطواف، ولا يصح الحج إلا به.
الآثار المترتبة على الحيض
ينتج عن حيض المرأة عدد من الأمور الهامة في حياتها اليومية، نذكرها فيما يلي:
- أولاً: البلوغ: يُعتبر نزول الدم علامة على بلوغ المرأة، والبلوغ هو أساس المحاسبة والتكليف الشرعي. وقد أشار إلى ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقبل صلاة الحائض إلا بخمار)، مما يعني أن المرأة التي تحيض يجب عليها ستر عورتها أثناء الصلاة لأنها باتت مُكَلَّفة بالصلاة وغير ذلك من التكاليف الشرعية.
- ثانياً: وجوب الغُسل: وحكم النفساء مماثل لحكم الحائض، إذ تترك العبادات أثناء الحيض ثم تغتسل بعد الطهر. والطهر يعني انقطاع الدم، وله علامات تُعرفها المرأة، وسيأتي بيانها في المبحث التالي.
- ثالثاً: كفارة الوطء أثناء الحيض: يعتبر جماع المرأة الحائض محرم، وأوجب فيه الحنابلة إخراج كفارة مقدارها نصف دينار من الذهب.
- رابعاً: الاعتداد بالحيض لبراءة الرحم: يُحدد فترة العدّة الشرعية للمرأة المطلقة بناءً على استبراء الرحم، واعتبار براءة الرحم يعني خلوه من بقايا العلاقة السابقة. يتعين على ذلك عدد من الحيضات بما يكفي لبراءة الرحم، وممّن يعتد بالحيض الحنفية والحنابلة، حيث يفسرون لفظ “القرء” الوارد في الآية الكريمة: (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)؛ بالحَيضة، فيقولون ببراءة الرحم وانتهاء العدّة بعد ثلاث حيضات تتحصل عليها المطلقة.
التعريف بالحيض
الحيض لغويًا: هو السَّيَلانُ، وشرعًا: هو دَمٌ يُصيب المرأة، يَنزِلُ من أقصى الرحم في غير وقت ولادة، وإلّا سُمِيَّ نَفَاسًا، وفي غير مَرَضٍ، ويأتي في موعد مُحدد من كل شهر، ويتميز بلونه الأسود وكثافته ورائحته الكريهة، كما أن نزوله يسبب آلامًا شديدة للمرأة، تختلف شدتها من امرأة إلى أخرى. وأول ما ورد ذكره في القرآن الكريم في قوله تعالى في سورة البقرة: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى).
للحِيض أحكامٌ تعتبر في غاية الأهمية، إذ ترتبط بمختلف العبادات مثل الصلاة، الصيام، الحج، قراءة القرآن، الطلاق، والجماع وغيرها. وبالتالي، فإن تعلم أحكامه يعد علمًا ضروريًّا للمرأة، حيث أن الجهل به يمكن أن يفسد العبادات ويدفعها للوقوع في المحرمات. وهذا ما تسعى الشريعة الإسلامية لحماية المرأة المسلمة منه. وقد اختلف الفقهاء في تحديد أطول وأقل مدة للحيض كما هو موضح بالتالي:
- القول الأول: حسب الحنفية، أقل الحيض ثلاثة أيام بلياليها، وأكثره عشرة أيام بلياليها.
- القول الثاني: المالكية لا يحددون حداً لأقل مدة الحيض، ولكن أقلّه يكون دفعة واحدة من الدم ثم ينقطع، بينما يعتبر أكثره خمسة عشر يوماً.
- القول الثالث: بالنسبة للحنابلة والشافعية، فإن أقل حد له يوماً وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً بلياليها، وغالبًا ما يكون سبعة أيام.
الفرق بين الحيض والاستحاضة
من المهم الإشارة إلى أن المرأة قد تعاني من الاستحاضة أيضاً، التي تختلف عن الحيض في طبيعتها وأسبابها وأحكامها. فعادةً، يكون دم الحيض حمراء قانية أو سوداء، ويتفاوت اللون اعتمادًا على البيئة والنظام الغذائي للمرأة. قد يظهر الدم بلون يميل إلى الأصفر، كونه بنيًا أو مختلطاً بين الأسود والأصفر، ويُعتبر هذا حيضاً عند جمهور العلماء بشرط أن يكون في وقت الحيضة دون أن يتجاوز الحد الأعلى لمدتها. يرافق ذلك نزول إفرازات شفافة تُعد علامة الطهر الأساسية، حيث كانت السيدة عائشة رضي الله عنها ترشد نساء المسلمين إلى انتظار ظهور هذه العلامة للتأكد من الطهر.
ينبغي التمييز بين الحيض والاستحاضة هنا، حيث أن الاستحاضة تعني استمرار نزول الدم في غير وقته، مع تنزله من عرق يدعى العاذل، حيث تختلف أوصافه عن دم الحيض، حيث يكون دم الاستحاضة رقيقًا وغير كثيف، ولا يتسم برائحة، ولا يُعتبر نجسًا. ويُعتبر دم الاستحاضة حدثًا دائمًا، مما يسمح للمرأة بالصلاة والصيام وغيرهما كما تفعل المرأة الطاهرة، بعكس الحائض. تجدر الإشارة إلى أنه إذا تتابعت الصفراء والكدرة مع الحيض في وقته، فتُعد حيضًا، ولكن إذا رأت المرأة علامة الطهر ثم رأت الصفرة أو الكدرة، فإنها لا تُعتبر حيضًا، بل تُعتبر استحاضة، استناداً إلى الحديث: (كنا لا نُعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئًا). الحكم في الاستحاضة هو الوضوء لكل صلاة، وقد أقرّ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال عن المرأة التي ترى ما يُثير الشك في نفسها حول ما إذا كان ذلك حيضًا أم غيره: (إنما هي عرق).
صفة غسل الحائض
لطهارة المرأة الحائض طريقة للغسل تتبعها، كما طرح الفقهاء في ذلك عدة مسائل. نذكرها فيما يلي:
- صفة غسل المرأة بالترتيب: يجب أن تشمل النيّة، ثم البسملة، ثم غسل اليدين، ثم غسل موضع الدم، ثم الوضوء، ثم تعميم الرأس بالماء مع تخليله، وتعميم الماء على البدن والدلك، مع البدء بالشق الأيمن لكل فعل ثم الانتقال للشق الأيسر. هذه هي الصفة الكاملة للغسل بالطريقة التي فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غسل الجنب، ولا اختلاف بينهما.
جاء في الحديث: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة، غسل يديه، وتوضأ وضوءه للصلاة، ثم اغتسل، ثم يُخلل شعره بيده، حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته، أفاض عليه الماء ثلاث مرات، ثم غسل سائر جسده). وقد أجمع الفقهاء على أن تعميم الجسم بالماء يكفي لتحقيق الطهارة المطلوبة في الحيض والجنابة، حتى لو لم تتبع المرأة صفة الغسل السابقة بالكامل.
- الغسل مع ضفيرة الشعر: إذا كانت المرأة قد ضفرت شعرها وأرادت الاغتسال، فإن من الفقهاء من يرى وجوب نقضها، وهم المالكية والحنابلة، مستدلين بحديث عائشة رضي الله عنها عندما حاضت يوم عرفة وهي في الحج، فقد شكَت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (دعي عمرتك، وانقضي رأسك، وامتشطي وأهلي بحج).
أما القول الثاني فمعظم العلماء يرون أنه ليس من الواجب على المرأة فك ضفائر شعرها إلا أن يكون ذلك مستحبًا. ومن أدلتهم حديث أم سلمة رضي الله عنها، الذي جاء بخصوص نقض الضفيرة، حيث سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: (إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تُسقطين الماء فتنظفين). وقد فضَّل الجمهور هذا الحديث على الآخر، واعتبروا الأول استحبابًا لأنه جاء في سياق غسل الحج.
- استخدام المسك: قد ورد في السنة الشريفة حث رسول الله صلى الله عليه وسلم لنساء المسلمين على استخدام شيء ذو رائحة جميلة أثناء الغسل، حيث قال لامرأة سائلة: (خذي فرصة من مسك، فتطهري بها). وهذا يُعتبر من الاستحباب، ولا خلاف على أن الماء يكفي لتحقيق الطهارة.
- طهارة الثياب التي أصابها من دم الحيض شيء: أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة إلى طريقة تطهير الثوب إذا أصابه شيء من الدم، فقال: (إذا أصاب ثوب إحدى كُنَّ الدم من الحيضة فلتقرصه، ثم لِتَنْضَحْهُ بماء، ثم لتُصلّي فيه). والفرك هنا يعني الفرك أو الغسل، ومما لا شك فيه أن وسائل النظافة الحديثة تُعتبر مطهرة للدم وأكثر.
- التيمم بدل الغسل: إذا لم تجد المرأة الماء للغسل فالتيمم مشروع بدلاً عنه، وهذا يشمل كافة أنواع الطهارة اللازمة لأداء العبادات، كما في الآية الكريمة: (فلم تجدوا ماءً فتيَمّمُوا صعيدًا طيبًا).
اترك تعليقاً