أشعار نزار قباني حول الحب والرومانسية
On 11:25 ص by هدى الشارخقصيدة الحب يا حبيبتي
يا حبيبتي،
هذه قصيدةٌ جميلةٌ كتبت على ضوء القمر.
الحب يتجلى على أوراق الشجر.
وقد نُقِش على ريش العصافير وقطرات المطر.
لكن، أي امرأة في وطني،
إذا أحبت رجلاً،
تُقذف بخمسين حجر.
قصيدة حب بلا حدود
يا سيدتي،
كنتِ أهم امرأة في تاريخي
قبل انقضاء العام.
أنت الآن، أهم امرأة
مع انطلاقة هذا العام.
لا أحصي كمُرتكِزٍ للأيام أو الساعات.
أنتِ امرأةٌ نُسِجت من فاكهة الشعر
ومن ذهب الأحلام.
أنتِ امرأةٌ كانت تعيش في جسدي
قبل ملايين الأعوام.
يا سيدتي،
يا ملاذاً من القطن والغمام،
يا أمطاراً من ياقوت،
يا أنهاراً من نهوند،
يا غاباتٍ من الرخام.
يا من تبحرين كالأسمال في مياه القلب،
وتسكنين بعيوني كسرب حمام.
لن يتغير شيئٌ في مشاعري،
في إحساسي،
في وجداني، وفي إيماني،
فأنا سأظل على دين الإسلام.
يا سيدتي،
لا تعبئي بمرور الوقت وأسماء السنوات.
أنتِ امرأةٌ تبقى راسخة في كل الأوقات.
سأحبك،
عند دخول القرن الواحد والعشرين،
وعند دخول القرن الخامس والعشرين،
وعند دخول القرن التاسع والعشرين.
وسأحبك،
حين تجف مياه البحار،
وتشتعل الغابات،
يا سيدتي،
أنتِ خلاصة كل الشعر،
ورمز لكل الحريات.
يكفي أن أتهجى إسمك،
حتى أكون ملك الشعر،
وفرعون الكلمات.
يكفي أن تعشقني امرأةٌ مثلك،
حتى أدخل في كتب التاريخ،
وترفع لأجلي الرايات.
يا سيدتي،
لا تضطربي مثل العصفور في زمن الأعياد.
لن يتغير شيئٌ فيّ.
لن يتوقف نهر الحب عن الجريان.
لن يتوقف نبض القلب عن الخفقان.
لن يتوقف حجل الشعر عن الطيران.
عندما يكون الحب كبيراً،
والمحبوبة قمراً،
لن يتحول هذا الحب
لخيشة تأكلها النيران.
يا سيدتي،
لا شيء يملأ عيني،
لا الأضواء،
ولا الزينات،
ولا أجراس العيد،
ولا شجر الميلاد.
لا يُعني لي الشارع شيئاً.
لا تعني لي الحانة شيئاً.
لا يُعني لي أي كلامٍ
يُكتب على بطاقات الأعياد.
قصيدة حبيبتي
حبيبتي، إذا سألوا عني يوماً،
فلا تفكري طويلاً،
قولي لهم بكل فخر،
يحبني… يحبني كثيراً.
صغيرتي، إذا عاتبوك يوماً
عن شعرك الحريري،
وكيف حطمت إناء لا يقدر بثمن،
بعدما ربيته شهوراً،
مثل الصيف في بلادي،
يُوزع الظلال والعطورو.
قولي لهم: أنا قصصت شعري،
لأن من أحب هو من يُفضله قصيراً.
أميرتي، إذا رقصنا معاً
على الشموع لحننا المفضل،
وحول زينتنا في لحظاتنا،
وجودنا كان أشعة ونوراً،
وظن الجميع في ذراعي
فراشة تهم أن تحلق.
فواصل رقصك في هدوء،
واستعملي أضلعي سريراً.
تمتمي بكل فخر،
يحبني… يحبني كثيراً.
حبيبتي، إذا أخبروك أنني
لا أملك العبيد والقصور،
وليس في يدي عقد من الماس
لأحيط جيدك الصغير،
قولي لهم بكل عزة،
إنه حبي الأول والأخير.
قولي لهم: كفاني،
فقد أُحب كثيراً.
حبيبتي، يا كل ما لدي،
حبي لعينيك لا يُقدّر بثمن
وسيبقى دائماً كذلك.
قصيدة حبيبتي هي القانون
أيتها الأنثى التي تمتاز بصوتها،
حيث تختلط الفضة بالنبيذ والأمطار،
ومن مرايا ركبتيك، يشرق النهار،
ويستعد العمر للإبحار.
أيتها الأنثى،
التي يُختلط البحر بعينيها مع الزيتون،
يا وردتي،
ونجمتي،
وتاج رأسي،
قد أكون مشاغباً أو فوضوي الفكر،
أو حتى مجنون.
إن كنت مجنوناً، وهذا ممكن،
فأنتِ يا سيدتي،
مسؤولة عن ذلك الجنون.
أو كنت ملعوناً، وهذا أيضاً ممكن،
فكل من يمارس الحب بلا إذن،
في العالم الثالث،
ملعون.
فسامحيني مرة واحدة
إذا تجاوزت حدود القانون.
فما الذي أصنع، يا ريحانتي،
إن كانت كل امرأة أحببتها
صارت هي القانون.
قصيدة كل عام وأنت حبيبتي
كل عام وأنتِ حبيبتي..
أقولها لك بكل بساطة،
كما يقرأ طفلٌ صلاته قبل النوم،
وكما يقف عصفورٌ على سنبلة قمح..
فتزداد الأزاهير المتناثرة على ثوبك الأبيض،
زهرةً..
وتزداد المراكب المنتظرة في مياه عينيك،
مركباً..
أقولها لك بحرارةٍ وعاطفة،
كما يضرب الراقص الإسباني قدمه بالأرض،
فتتشكل ألوف الدوائر
حول محيط الكرة الأرضية..
كل عام وأنتِ حبيبتي..
هذه هي الكلمات الأربع،
التي سألفها بشريط من القصب،
وأرسلها إليك في ليلة رأس السنة.
كل البطاقات التي تباع في المكتبات
لا تعبر عما أريد.
وكل الرسوم عليها،
من شموع وأجراس وأشجار وكرات ثلج،
وأطفال وملائكة،
لا تناسبني.
إنني لا أرتاح للبطاقات الجاهزة،
ولا للقصائد التلقائية،
ولا للتمنيات المصطنعة.
فهي كلها مطبوعة في باريس أو لندن
أو أمستردام،
ومكتوبة بالفرنسية أو الإنجليزية،
لتكون مناسبة لكل المناسبات.
لكن أنتِ لستِ امرأة المناسبات،
بل أنتِ المرأة التي أحبها،
أنتِ هذا الألم اليومي،
الذي لا يمكن التعبير عنه ببطاقات المعايدة،
ولا يُقال بالحروف اللاتينية…
إنما يُقال عندما تدق الساعة منتصف الليل،
وتدخلين كسمكة إلى مياهي الدافئة،
وتستحمين هناك،
ويبحر فمي في غابات شعرك الغجري،
ويستوطن فيها.
لأنني أحبك،
ومع دخول السنة الجديدة،
سيتعزز دخولك كالملوك.
ولأنني أحبك،
أحمل تصريحاً خاصاً من الله،
للتنقل بين ملايين النجوم.
لن نشتري هذه العيد شجرة،
ستكونين أنتِ الشجرة،
وسأعلق عليكِ أمانيي، وصلواتي،
وقناديل دموعي.
كل عام وأنتِ حبيبتي..
أمنية أخاف أن أتمنى،
حتى لا أُتهم بالطمع أو الغرور.
فكرة أخاف أن أفكر بها،
حتى لا يسرقها الناس مني،
ويزعموا أنهم أول من اخترع الشعر.
كل عام وأنتِ حبيبتي..
كل عام وأنتِ حبيبتي..
أعلم أنني أتمناه أكثر مما ينبغي،
وأحلم أكثر من الحد المسموح.
ولكن،
من له الحق أن يحاسبني على أحلامي؟
من يحاسب الفقراء،
إذا حلموا أنهم جلسوا على العرش
لبضع دقائق؟
من يحاسب الصحراء إذا توحمت على جدول ماء؟
هناك ثلاث حالات يصبح فيها الحلم شرعياً:
حالة الجنون،
وحالة الشعر،
وحالة التعرف على امرأة مدهشة مثلك.
وأنا لحسن الحظ،
أعاني من الحالتين جميعاً.
اترك تعليقاً