الشاعر أبي صخر الهذلي: حياة وإبداع
On 11:14 م by أحمد الزهرانيمن هو أبو صخر الهذلي؟
أبو صخر الهذلي، المعروف باسم عبد الله بن سلمة السمهي، ينتمي إلى قبيلة بني هذيل. يُعتبر من أبرز الشعراء العرب في العصر الأموي، حيث اشتهرت قصائده بالمدح، وخاصة تلك التي تخص بني أمية، وبالتحديد الخليفة عبد الملك بن مروان.
قصة الهذلي مع عبد الله بن الزبير
كان أبو صخر الهذلي من أشد الموالين لبني أمية، وقد حظي بشرف مدح عبد الملك بن مروان وأخيه عبد العزيز، بالإضافة إلى غيرهم من كبار بني أمية. ومن المواقف التاريخية الشهيرة له، قصة تتعلق بعبد الله بن الزبير، حيث توجه إليه لطلب العطاء. لكن عبد الله بن الزبير منعه وأشار عليه بأن يذهب إلى بني أمية ليطلب دعمهم، لأنه كان يعلم مدى ولائه لهم ورغباته في مدحهم.
رد الهذلي على ابن الزبير قائلاً: “عليماً تمنعني حقاً لي، وأنا مسلم لم أحدث حدثاً بعد إسلامي”. ولكن ابن الزبير أصر وقال له: “اذهب إلى بني أمية، فاطلب منهم ما تحتاج”.
رد الهذلي قائلاً: “إذاً أجدهم كرماء، ومالهم غزير، وأصلهم عريق، ونسبهم قريب من رسول الله، ليسوا من الأتباع أو التابعين، ولهم مكانتهم في الجاهلية والإسلام”.
غضب ابن الزبير من هذه الكلمات وأمر بسجنه، عازماً على عدم منحه أي عطاء من خزينة المسلمين.
شعر الهذلي
يندرج مدح الأمويين كأهم موضوع شعري لدى أبي صخر الهذلي. لقد ترك الكثير من القصائد التي تتناول مديحهم، بالإضافة إلى قصائد في الغزل، حيث عبر فيها عن حبه للمرأة التي يُقال إن اسمها ليلى بنت سعد. كما كتب في الفخر، متفاخرًا بقومه ومآثرهم. أسلوبه كان يتميز بالبساطة والسهولة، مما جعله قريب من القلوب.
قصائد الهذلي تعكس معرفة واسعة وثقافة غنية، وتحتوي على أسماء العديد من البلدان والأماكن. كما جمع بين الرقة والعذوبة في الألفاظ، واستعمل صيغة القسم والألفاظ التي تدل على الإيمان بشكل متكرر. لاقت قصائده استحساناً كبيراً، ولا تزال تُتداول حتى اليوم بفضل معانيها القيمة ولغتها السهلة.
نماذج من شعر أبي صخر الهذلي
ترك أبو صخر الهذلي العديد من القصائد التي لا تزال تُلقَى حتى يومنا هذا، ومن أبرزها:
قصيدة مدح عبد الملك بن مروان
ألف أبو صخر الهذلي قصيدة في مدح عبد الملك بن مروان حال لقائه به في الحج. بعد أن سمع عبد الملك بالقصة الشهيرة للهذلي مع ابن الزبير، أبدى تقديره لولاء الهذلي لبني أمية وطلب منه أن ينشد هذه القصيدة:
عفت ذا عرق عصلها فرئامـهـا
فدهناؤها وحش أجلى سوامـهـا
على أن مرسى خيمة خف أهلهـا
بأبطح محلال وهيهات عامـهـا
إذا اعتلجت فيها الرياح فأدرجـت
عشياً جرى في جانبيها قمامـهـا
وإن معاجي في الديار وموقـفـي
بدارسة الربعين بال ثمـامـهـا
لجهل ولكني أسـلـي ضـمـانة
يضعف أسرار الفؤاد سقامـهـا
فأقصر فلا ما قد مضى لك راجع
ولا لذة الـدنـيا يدوم دوامـهـا
وفد أمير المؤمنين الـذي رمـى
بجأواء جمهور تسيل إكـامـهـا
من أرض قرى الزيتون مكة بعدما
غلبنا عليها واستحل حـرامـهـا
قصيدة غزل
حظيت المرأة بمكانة كبيرة في شعر أبي صخر الهذلي، ولكنه تناول الغزل ضمن حدود مجتمعه، حيث قال في إحدى قصائده:
ألـم خـيال طـارق مـــتـــأوب
لأم حكيم بعدمـا نـمـت مـوصـب
وقد دنت الـجـوزاء وهـي كـأنـهـا
ومرزمها بـالـغـور ثـور وربـرب
فبات شرابي في المنام مـع الـمـنـى
غريض اللمى يشفي جوى الحزن أشنب
قضـاعـية أدنـى ديار تـحـلـهــا
قناة وأني من قـنـاة الـمـحـصـب
سراج الدجى تغتل بالمـسـك طـفـلة
فلا هي متفال ولا الـلـون أكـهـب
دميثة ما تـحـت الـثـياب عـمـيمة
هضيم الحشا بكـر الـمـجـسة ثـيب
تعلقتـهـا نـفـوداً لـذيذاً حـديثـهـا
ليالي لا عمـى ولا هـي تـحـجـب
فكان لها ودي ومـحـض عـلاقـتـي
وليداً إلـى أن رأسـي الـيوم أشـيب
فلم أر مثلي أيأست بعـد عـلـمـهـا
بودي ولا مثلي على الـيأس يطـلـب
ولو تلتقي أصداؤنـا بـعـد مـوتـنـا
ومن دون رمسينا من الأرض سبسـب
اترك تعليقاً