تأثير الإيمان بعلم الله الشامل والمطلق
On 5:51 ص by عمر الهذليأثر الإيمان بعلم الله الشامل
تحمل عقيدة الإيمان بعلم الله -سبحانه وتعالى- الشامل آثاراً متعددة، ومن أبرز هذه الآثار:
- الإيمان بأن الله -تعالى- هو الوحيد القادر على معرفة الغيب؛ كما قال سبحانه وتعالى: (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ). وبالتالي، فإن المؤمنين بعلم الله لا يعتمدون على ما يقوله المنجّمون والكهنة حول الغيب، إذ أن علم الغيب المطلق هو من خصائص الله -تعالى- فقط، وقد يطلع الله بعض رسله على ما شاء من الغيب كما جاء في قوله: (إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ).
- الوعي بعلم الله -تعالى- بما في النفوس والسرائر، مما يعزز من تقوى النفس ويجعلها تعتد بفرصة التوبة، إذ أن الله -تعالى- لا تخفى عليه خافية، ويعلم ما في القلوب. وبالتالي، يشعر الإنسان برغبة في مراقبة أعماله والسعي لإرضاء خالقه، كما جاء في قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ).
- السعي لاستخدام الوقت والعمر في الأعمال الصالحة، والابتعاد عن المحرمات، ومراقبة الله -تعالى- واحترامه؛ لأن الإنسان سيسأل عن كل ما قام به يوم القيامة، كما قال سبحانه: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا).
حقائق حول علم الله تعالى
يؤمن المسلم بأن الله -تعالى- عليم بكل شيء في الكون، فهو يدرك ما في النفوس والأرواح، ويرغب في أن يكون عباده على دراية كاملة بذلك، كما قال سبحانه: (اللَّـهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّـهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا). وتهدف هذه المعرفة إلى أن يتعرف العبد على الله -تعالى- وصفاته وطاعته، إذ أن الله يُفضّل الإنسان العليم، ويمنح علمه لمن يحب، كما أنه مُنعِم بتعليم عباده ما لم يكونوا يعلمون مثل الخطوط والمعاني والألفاظ وما يعينهم على فَهْم خالقهم، حيث قال سبحانه: (عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ). من أسماء الله الحسنى العليم، الذي يعني الإحاطة بعلمه لكل ما في الكون.
يشمل علم الله جميع الأمور، سواء كانت موجودة أو غير موجودة، ممكنة أو مستحيلة. كما يعلم أوصاف البشر، وأرزاقهم، وأفعالهم، وما سيكون منهم قبل خلقهم، وقبل خلق السماوات والأرض، كما جاء في قوله: (عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ). ويعلم الله -تعالى- المُنافقين الذين يتمنون العودة إلى الدنيا ليؤمنوا، قائلاً: (وَلَو رُدّوا لَعادوا لِما نُهوا عَنهُ وَإِنَّهُم لَكاذِبونَ). كما يدرك بحاله الأطفال الذين توفوا في صغرهم ويرحمهم برزقهم الجنة، وعندما سُئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن أطفال المُشركين، أجاب: (اللهُ أعلمُ بما كانوا عامِلِين). هذا العلم لله -تعالى- هو علم أزلي، إذ أنه موجود قبل خلق المخلوقات وقد دوّن في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض.
كمال صفات الله تعالى
يتصف الله -تعالى- بجميع صفات الكمال التي لا حدود لها، ومن هذه الصفات صفة العلم، التي تعكس علم الله الأبدي بما كان وما سيكون، بالإضافة إلى علمه بالغيب الذي لا يُطّلِع عليه أحد إلا ما شاء إخبار بعض أنبيائه كجزء من تأييدهم. تعتبر صفة العلم من الصفات الثابتة لله -تعالى- التي ذُكرت في العديد من آيات القرآن، كما في قوله: (فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَمَا كُنَّا غَائِبِينَ) وأيضاً: (وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ). ويحسم أهل السنة والجماعة صفة العلم لله -تعالى- بجميع الأشياء والحوادث في أي زمان ومكان، بالإضافة إلى علمه بالغيب كما في قوله: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ). ولو اجتمع كافة البشر لا يمكنهم الإحاطة بعلم الله -تعالى- أبداً.
اترك تعليقاً