قصائد رثاء مؤثرة تعبر عن فقدان الأب
On 2:05 ص by سماء الهاشميوالدي
- يقول نزار قباني في رثاء والده:
هل توفي والدك؟
أنا ضال لا يموت أبي
ففي جدران المنزل عبق الإله وذكريات نبي
هنا موضعه.. تلك أشياؤه
تتفجر عن ألف غصن صغير
صحيفته. تبغته. متكاهُ
كأن أبي – بعدُ – لم يغادرنا
وصحن الرماد.. وفنجانه
على حاله.. لم يُشرب بعد
ونظارته.. هل يستطيع الزجاج
أن ينهي عيونًا أشف من المغرب؟
بقاياه في الغرف الواسعة
بقايا النسور على الملعب
أجول الزوايا حوله فحيثما
أمرُّ.. أجد أعشاباً خضراء
أشُد يديه.. أميل عليه
أصلي على صدره المتعب
أبي.. ما زال بيننا والحديث
حديث الكؤوس على المشرَب
يعاشرنا.. فالدوالي الحُبلى
تتوالد من ثغره الطيب..
أبي خبرٌ كان من جنة
ومعنى في سعة الأرحاب..
وعينا أبي.. ملجأٌ للنجوم
فهل تذكر الشرق عيني أبي؟
بذاكرة الصيف من والدي
كروم وذاكرة الكوكب..
أبي يا أبي.. إنّ تاريخًا طيبًا
يمشي خلفك فلا تَعتبِ..
على اسمك نمضي فمن طيبٍ
ذو الشهي المجاني إلى الأطيب
حملتك في صفو عينيّ.. حتى
تهيأ للناس أنني أبي..
أشيلك حتى بنبرة صوتي
فكيف غادرت.. ولا زلت بي؟
إذا النداء أعطى لدينا
ففي البيت ألف فمٍ مُذهب
فتحنا لتموز أبوابنا
ففي الصيف لابد أن يأتي أبي..
سألوني لماذا لم أرثِ والدي
- الشاعر المصري أحمد شوقي يرثي والده بقصيدة:
سألوني: لماذا لم أرثِ والدي؟
ورثاء الأب دينٌ.. أيّ دين!
أيها اللوم، كم أنتم ظالمون!
أين لي العقل الذي يسعد عندك؟
يا أبي، ما أنت في هذا الأول؟
كل نفسٍ محكومة بالمنايا
هلكت قبلك أناس وقرى
ونعى الناعون خير الثقيلين
غاية المرء وإن طال المدى
يأخذ منه بالأصغرين
وطبيبٌ يتولى عاجزًا
نافضًا من علمه خفي حنين
إن للموت يدًا إن ضربت
أوشكت تصدع شمل الفرقين
تنفذ الجو على عقبانه
وتلاقي الليث بين الجبلين
وتحط الفرخ من أيكته
وتنال الببغا في المئتين
أنا من مات، ومن مات أنا
لقينا الموت كلانا مرتين
كنا مهجة في بدنٍ
ثم صرنا مهجة في بدنين
ثم عدنا مهجة في بدنٍ
ثم نُلقى جثةً في كفنٍ
ثم نحيا في علي بعدنا
وبه نُبعَث أُولى البعثتين
انظر الكون وقل في وصفه
قل: هما الرحمة في مرحمتين
فقدا الجنة في إيجادنا
ونعمنا منهما في جنتين
وهما العذر إذا ما أُغضِبَا
وهما الصفح لنا مسترضيان
ليت شعري: أي حي لم يدن
بالذي دَانا به مبتدئين؟
ما أبي إلا أخٌ فارقته
وأمات الرسل إلا الوالدين
طالما جلسنا إلى مائدة
كانت الكسرة فيها كسرتين
وشربنا من إناء واحد
وغسلنا بعد ذلك فيه اليدين
وتمشينا يدي في يده
من رآنا قال عنا: أخوين
نظر الدهر إلينا نظرة
سوت الشر فكانت نظرتين
يا أبي والموت كأس مرةً
لا تذوق النفس منها مرتين
كيف كانت ساعة قضيتها
كل شيء قبلها أو بعدُ هين؟
أشربت الموت فيها جرعةً
أم شربت الموت فيها جرتين؟
لا تخف بعدك حزنًا أو بكاءً
جمعت منّي ومنك اليوم عين
أنت قد علمتني ترك الأسى
كل زين منتهاه الموت شين
ليت شعري: هل لنا أن نتلقى
مرةً أم هذا افتراق الملوين؟
وإذا متُّ وأُودعتُ الثرى
أَنلقَى حُفرةً أم حُفرين؟
ما كنت أحسب بعد موتك يا أبي
- أبو القاسم الشابي يرثي والده ويقول:
ما كنتُ أظن بعد موتك يا أبي
أنني سأظمأ للحياة وأحتسي
من نهرها المتوهج النشوان
وأعود للدنيا بقلب خافق
للحب والأفراح والألحان
ولكل ما في الكون من صور المنى
وغرائب الأهوا والأشجان
حتى تحركت السنين وقدمت
فتن الحياة بسحرها الجنان
فإذا أنا ما زلت طفلاً مولعًا
بتعقب الأضواء والألوان
وإذا التشاؤم بالحياة ورفضها
ضربٌ من الوهاء والهذيان
إن ابن آدم في قرارة نفسه
عبدٌ للحياة الصادق الإيمان
كيف أنساك يا أبي
- قصيدة عبدالله الفيصل في رثاء والده:
أي ذكرى تعود لي بعد عامٍ
لم تزل فيه نازفات جراحي
أي شهرٍ ربيع عمري ولّى
فيه وارتاح في ضلوعي التياحي
أي خطب مروع كنت أخشى
هنا فأبلى عزمي وفل سلاحي
أي يتم ذل كبر أنيني
وأراني أجوب المسا في صباحي
أي يوم ودعت فيه حبيبي
ثم أسلمت مهجتي للنواح
إنه يوم ميتتي قبل موتي
واختلاج الضياء في مصباحي
إنه يوم من تمنيت لو ظل
قريبًا من هينمات صُداحي
إنه يوم فيصل خرّ فيه
الطود لله ساجدًا غير صاح
يومٌ كان للوجود وجودًا
عامرًا بالتقوى وفي كل صلاح
ليتني كنت فديةً للذي ما
توفيت من بعده أفراحي
“فيصلي” يا مهندًا ما أحب
الغمد يومًا ولا ارتوي من طماح
يا حسامًا في قبضة الحق والإيمان
سلّت شباه أعظم راح
راح “عبد العزيز” ملحمة العز
وأسطورة العلى والكفاح
كيف أرثيك يا أبي بالقوافى
وقوافي قاصرات جناح
كيف أبكيك والخلود التقى فيـك
شهيدًا مجسّمًا للفلاح
كيف تعلو ابتسامة الصفو ثغري
كيف تحلو الحياة للمُلتاح
كيف لا أعتبر الوجود جحيمًا
يحتويني في قدومي ورواحي
كيف أقوى على احتباس دموعي
وأنا لا أخاف فيك اللاحي
كيف أنساك يا أبي.. كيف يمحو
من خيالي خيالك الحلو ماح
ليس لي وربّي أرجوه مدّي بالصبر
ولقياك في الجنان الفساح
اترك تعليقاً