قصائد شعرية مخصصة للأطفال
On 6:39 م by طارق النابلسيقصيدة طفلٌ وعيد
للشاعر محمد عبد الرحمن المقرن:
اقضوا مع الألعاب يوم العيد،
فلقد قضيتُ مع المدافع عيدي.
لا فرق يا أطفالُ بيننا،
فالألعاب تنطلق كطلقات الحديدِ.
الفرق بيننا أنني أرى،
ما لا ترون من رجفة وجنودِ.
أنا أعرف القصف الذي لم تعرفوا،
وأعرف صرخة التهديدِ.
الفرق أنني لا أنام عندما يسود،
ليلٌ وقُضيَ ليلكم ببرودة.
عيديتي عند الصباح رصاصة،
بينما تُعَيّدون بلعبة ونقودِ.
ما ضَرّني ثوبٌ مُرقعٌ،
أو لبسكم في العيد كل جديدِ.
قاتلتُ في صغري وأعظم عدتي،
جلدٌ أذيب به جبال جليدِ.
بينما إن مسّ طفلاً شوكةٌ لم يسترح،
آباؤكم إلا بألف ضميِدٍ.
وأنا أسير على الدماء مضرجاً،
بدمٍ أضمده بربط وريدي.
تبكون لحظاتٍ عندما تنكسر لكم،
لعبةٌ ودمعي لا يفك خدودي.
يأيها الأطفال إني مثلكم،
طفلٌ لأحلامي سقيت وردي.
هل عندكم حلوى؟ فإني لم أجد،
سوى رغيفٍ نصفه للدودِ.
هل تضحكون وتلعبون؟ فإنني،
أقضي النهار بحيرتي وشرودي.
يوماً رأيتُ أبي يموت وجدتي،
تبكي وتحضنه بُنَيّ وحيدي.
ورأيتُ أمي حينما أخذوا بها،
ترنو إلي بطهرها المؤودِ.
الجميع من حولي يروع قلبه،
في والدٍ وحليلةٍ ووليدِ.
هذه ربوع الأرض داري لم تعد،
داري التي احتضنت أبي وجدودي.
سحقت بيوت الأبرياء فأين هي،
من روعة الرسم والتشييدِ؟
صارت بيوت الأمنين قبورهم،
جثثٌ وأنقاضٌ وألف فقيدِ.
نادانيَ التراب الذي أغرقت،
بمدامعي وعمرُتها بسجودي.
يا بسمة الطفل البريء جريرة،
أن تذبحي جزعاً بعينٍ حقودٍ.
ما كنتُ، يا أطفال، أحسدكم على،
عيشٌ في ظل المغريات رغيدٍ.
خلو لكم في عيدكم ألعابكم،
فلدي ألعابٌ من البارودِ.
أنا لم أعد طفلاً فما يروي ظمأٍ،
قلبي سوى عيشٍ كعيشٍ أسودِ.
لا توقفوا التلفاز من ألعابكم،
فلربما تبدو دماء شهيدِ.
قد تشمئز نفوسكم من جثةٍ،
تظهر بعد الفاتنات الغيدِ.
لا أطلب الشفقة من آبائكم،
فأنا لأعدائي أشد عنيدِ.
قالوا وحيدٌ، قلتُ ما ضل الهدى،
من عاش بالتوحيد غير وحيدِ.
قالوا طريدٌ، قلتُ في قاموسكم،
أو في سبيل الله اسم طريدِ.
ما كنتُ أحتمل الحياة بذلة،
كالصقر يكره عيشه بقيودِ.
طفلٌ، وما أنا للطفولة، إنني،
فقتُ الرجال بهمتي وصمودي.
قصيدة أغنية إلى الطفولة
يقول أدونيس:
في السرير القلق الدافئ حبٌّ،
يستفيقُ،
هو للناس تراتيلُ، وللشمس طريقٌ.
للطفولة،
تشرق الشمس خجولة؛
في خُطاها يَصغر الكون الكبير،
ويضيق الأبدُ،
فلها الأرض غطاءٌ سرمدٌ،
ولها الدنيا سريرٌ.
أنا بالأمس، لي الآهاتُ بيتٌ،
ولي الفقر سراجٌ والدّم النازف زيتٌ.
كنتُ كالظل، كما دار به الفقر يدورُ،
قدمي ليلٌ وأجفاني نورٌ.
يا طفولة،
يا ربيع الزمن الشيخ وآذار الحياة،
وهَوَى ماضٍ وآتٍ،
في غدٍ، أنت صراعٌ لا يُحَدّ،
وطموحٌ لا يُردّ.
وغداً أنت ميادينٌ بطولها،
تُنشى الكون وتُبدي وتُعيد،
فيغنيك الكفاحُ،
وتغنيك الجراحُ،
ويغنيك الدّم البِكْر الجديدُ.
يا طفولة،
يا هَوَى ماضٍ وآتٍ،
يا ربيعَ الزمن الشيخ وآذار الحياة.
قصيدة الأم والطفلة الضائعة
يقول بدر شاكر السياب:
قفي لا تغربي يا شمس، ما يأتي مع الليل،
سوى الموتى، فمن ذا يرجع الغائب للأهل؟
إذا ما سدّت الظلماء،
دروبا أثمرت بالبيت، بعد تطاول المحل؟
وإن اللبل ترجف أكباد الأطفال، من أشباحه السوداء،
من الشهب اللماحة فيه مما لاذ بالظل.
من الهمسات والأصداء،
شعاعك مثل خيط على خيوط الحب،
إلى قلب ابنتي من بات داري، من جراحاتي،
وأهاتي.
مضى أزل من الأعوام، آلاف من الأقمار، والقلب،
يعد خوافق الأنسام، يحسب أنجم الليل،
يعد حقائب الأطفال، يبكي كلما عادوا،
من الكتاب والحقل.
ويا مصباح قلبي، يا عزائي في الملمات،
منى روحي، ابنتي عودي إليّ، فها هو الزاد،
وهذا الماء جوعي؟ هاك من لحمي،
طعاماً، آه عطشى أنت يا أمي.
فعبّي من دمي ماء وعودي، كلهم عادوا،
كأنك برسيفون، تخطّفتها قبضة الوحش،
وكانت أمها الولهى أقل ضنى وأوهاماً،
من الأم التي لم تدر أين مضيت،
في نعش،
على جبل؟ بكيت؟ ضحكت؟ هبّ الوحش أم ناما؟
وحين تموت نار الليل، حين يعسعس الوسن،
على الأجفان، حين يفتش القصاص في النار،
ليلمح من سفينة سندباد ذوائب الصاري،
ويخفت صوته لوهن،
يجن دمي إليك، يحن، يعصرني أسى ضار،
مضت عشر من السنوات، عشرة أدهر سود،
مضى أزل من السنوات، منذ وقفت في الباب،
أنادي، لا يرد علي إلا الريح في الغاب.
تمزق صيحتي وتعيدها، والدرب مسدود،
بما تنفس الظلماء من سمر وأعناب.
وأنت كما يذوب النور في دوامة الليل،
كأنك قطرة الطل،
تشرّبها التراب أكاد من فرق وأوصاب.
أسائل كل ما في الليل من شبح ومن ظل،
أسائل كل ما طفل،
أأبصرت ابنتي؟ أرأيتها؟ أسمعت ممشاها؟
وحين أسير في الزحمة،
أصغّر كل وجه في خيالي، كان جفناها،
كغمغمة الشروق على الجداول تشرب الظلمة،
وكان جبينها، وأراك في أبد من الناس،
موزّعة فآة، لو أراك، وأنت ملتمة.
وأنت الآن في سحر الشباب، عصيره القاسي،
يغلغل في عروقك، ينهش النهدين والثغرا،
وينشر حولك العطرا،
فيحلم قلبك المسكين بين النور والعتمة،
بشيء لو تجسد كان فيه الموت والنشوة.
وأذكر أن هذا العالم المنكود، تملأ كأسه الشقوة،
وفيه الجوع والآلام، فيه الفقر والداء.
أأنت فقيرة، تتضرع الأجيال في عينيك فهي فم،
يريد الزاد، يبحث عنه والطرقات ظلماء.
أحدّق في وجوه السائلات، أحالها السقم،
ولونها الطوى فأراك فيها أبصر الأيدي،
تمدّ، أحس أن يدي يدي معهن، تعرض زرقة البرد،
على الأبصار، وهي كأنهن أدارها صنم،
تجمّد في مدى عينيه أدعية، وسال دم.
فأصرخ في سبيل الله تخنق صوتي الدمعة،
بخيط الملح والماء،
وأنت على فمي لوعة،
وفي قلبي وضوء شع ثم خبا بلا رجعة،
وخلّفني أفتش عنه بين دجى وأصداء.
قصيدة قدم الأطفال
يقول أدونيس:
أعطي لكِ المارد والدخان،
يا فرساً شهباء،
نُطعمها الصبير والزؤان.
أُعطي لكِ الألعاب،
والحلم والدفاتر الصفراء،
والحرف والكتابة،
في غرف الحكمة والأمثال،
يا شمسُ يا جنيّة الشلال والسحابة،
يا قدم الأطفال.
اترك تعليقاً