أجمل قصائد الغزل من العصر الجاهلي
On 1:12 ص by نور الفارسشعر الغزل
يُعتبر شعر الغزل أحد أعرق أنواع الشعر العربي، حيث لم يخلُ الأدب العربي القديم، وخاصة في العصر الجاهلي، من تناول هذا الموضوع. حيث تنوع الغزل في القصائد الشعرية ليشمل وصف جمال المرأة سواء من حيث ملامح وجهها أو جسدها. يوجد نوعان رئيسيان من الغزل: الغزل العذري والغزل الصريح. في هذا المقال، نستعرض بعض القصائد وعبارات الغزل من العصر الجاهلي.
وفي الحي بيضاء العوارض ثوبها
علقمة بن عبده بن ناشرة بن قيس هو شاعر بارز من العصر الجاهلي، وُلد عام 603م، وقدم عدة قصائد في الغزل، ومن أشهر أبياته:
وفي الحَيِّ بَيضاءُ العَوارِضِ ثَوبُها
إِذا ما اسبَكرَّت لِلشَّبابِ قَشيبُ
وَعِيسٍ بَرَيناها كأنَّ عُيونَها
قَواريرُ في أذهانِهِنَّ نُضوبُ
ولستَ لإنسيٍّ ولكنْ لِمَلأَكٍ
تَنزَّلَ من جَوِّ السَّماءِ يَصوبُ
وأنتَ أزلتَ الخُنزُوانَة َ عنهمُ
بِضَربٍ له فوقَ الشُّؤونِ وجيبُ
وأنتَ الّذي آثارُهُ في عَدُوِّهِ
منَ البُؤسِ والنُّعمَى لهُنَّ نُدوبُ
النصيف
برز النابغة الذبياني كشاعر في وصف النساء، ومن قصائده العذبة عندما طلب منه النعمان وصف زوجته، قال:
سَقَطَ النّصيفُ، ولم تُرِدْ إسقاطَهُ
فتناولتهُ واتقتنا باليدِ
بمُخَضَّبٍ رَخْصٍ، كأنّ بنانَهُ
عنم على اغصانه لم يعقدِ
نظرَتْ إليك بحاجة ٍ لم تَقْضِها
نظرَ السقيمِ إلى وجوهِ العودِ
قامتْ تراءى بينَ سجفيْ كلة
كالشّمسِ يومَ طُلُوعِها بالأسعُدِ
أوْ دُرّة ٍ صَدَفِيّة ٍ غوّاصُها
بهجٌ متى يرها يهلّ ويسجدِ
أو دُميَة ٍ مِنْ مَرْمَرٍ، مرفوعة
مِن لُؤلُؤٍ مُتتابِعٍ، مُتَسَرِّدِ
لو أنها عرضتْ لأشمطَ راهب
عبدَ الإلهِ صرورة ٍ متعبدِ
لرنا لبهجتها وحسنِ حديثها
ولخالهُ رشداً وإنْ لم يرشدِ
جفون العذارى من خلال البراقع
يعتبر عنترة بن شداد من أبرز شعراء العصر الجاهلي، واشتهر بغزله العفيف لبنت عمه عبلة. ومن قصائده المميزة:
جُفونُ العَذارى مِن خِلالِ البَراقِعِ
أَحَدُّ مِنَ البيضِ الرِقاقِ القَواطِعِ
إِذا جُرِّدَت ذَلَّ الشُجاعُ وَأَصبَحَت
مَحاجِرُهُ قَرحى بِفَيضِ المَدامِعِ
سَقى اللَهُ عَمّي مِن يَدِ المَوتِ جَرعَةً
وَشُلَّت يَداهُ بَعدَ قَطعِ الأَصابِعِ
كَما قادَ مِثلي بِالمُحالِ إِلى الرَدى
وعَلَّقَ آمالي بِذَيلِ المَطامِعِ
لَقَد وَدَّعَتني عَبلَةٌ يَومَ بَينِه
وَداعَ يَقينٍ أَنَّني غَيرُ راجِعِ
وَناحَت وَقالَت كَيفَ تُصبِحُ بَعدَن
إِذا غِبتَ عَنّا في القِفارِ الشَواسِعِ
وَحَقِّكَ لا حاوَلتُ في الدَهرِ سَلوَةً
وَلا غَيَّرَتني عَن هَواك مَطامِعي
فَكُن واثِقاً مِنّي بِحسنِ مَوَدَّةٍ
وَعِش ناعِماً في غِبطَةٍ غَيرِ جازِعِ
فَقُلتُ لَها يا عَبلَ إِنّي مُسافِرٌ
وَلَو عَرَضَت دوني حُدودُ القَواطِعِ
خُلِقنا لِهَذا الحب مِن قَبلِ يَومِن
فَما يَدخُلُ التَفنيدُ فيهِ مَسامِعي
أَيا عَلَمَ السَعدِي هَل أَنا راجِعٌ
وَأَنظُرُ في قُطرَيكَ زَهرَ الأَراجِعِ
وَتُبصِرُ عَيني الرَبوَتَينِ وَحاجِر
وَسُكّانَ ذاكَ الجِزعِ بَينَ المَراتِعِ
وَتَجمَعُنا أَرضُ الشَرَبَّةِ وَاللِوى
وَنَرتَعُ في أَكنافِ تِلكَ المَرابِعِ
فَيا نَسَماتِ البانِ بِاللَهِ خَبِّري
عُبيلَةَ عَن رَحلي بِأَي المَواضِعِ
وَيا بَرقُ بَلِّغها الغَداةَ تَحِيَّتي
وَحَيِّ دِياري في الحِمى وَمَضاجِعي
أَيا صادِحاتِ الأَيكِ إِن مُتُّ فَاِندُبي
عَلى تُربَتي بَينَ الطُيورِ السَواجِعِ
وَنوحي عَلى مَن ماتَ ظُلماً وَلَم يَنَل
سِوى البُعدِ عَن أَحبابِهِ وَالفَجائِعِ
وَيا خَيلُ فَاِبكي فارِساً كانَ يَلتَقي
صُدورَ المَنايا في غُبار المَعامِعِ
فَأَمسى بَعيداً في غَرامٍ وَذِلَّةٍ
وَقَيدٍ ثَقيلٍ مِن قُيودِ التَوابِعِ
وَلَستُ بِباكٍ إِن أَتَتني مَنِيَّتي
وَلَكنَّني أَهفو فَتَجري مَدامِعي
وَلَيسَ بِفَخرٍ وَصفُ بَأسي وَشِدَّتي
وَقَد شاعَ ذِكري في جَميعِ المَجامِعِ
بِحقِّ الهَوى لا تَعذلوني وَأَقصِرو
عَنِ اللَومِ إِن اللَومَ لَيس بِنافِعِ
وَكَيفَ أُطيقُ الصَبرَ عَمَّن أُحِبُّهُ
وَقَد أُضرِمَت نارُ الهَوى في أَضالِعي
أتعرف رسم الدار قفراً منازله
طرفة بن العبد، شاعر جاهلي وُلد عام 543م وتوفي عام 569م، ومن قصائده الغزلية:
أتعْرِفُ رسمَ الدارِ قَفْراً مَنازِلُهْ
كجفْنِ اليمانِ زخرفَ الوشيَ ماثلُهْ
بتثليثَ أو نجرانَ أو حيثُ تلتقي
منَ النّجْدِ في قِيعانِ جأشٍ مسائلُه
دِيارٌ لِسلْمى إذ تصِيدُكَ بالمُنى
واذ حبلُ سلمى منكَ دانٍ تواصُلُه
وإذ هيَ مثلُ الرّئمِ صِيدَ غزالُها
لها نظرٌ ساجٍ اليكَ تواغِلُه
غَنِينا وما نخشى التّفرّقَ حِقبَةً
كِلانا غَرير ناعِمُ العيش باجِلُه
لياليَ أقتادُ الصِّبا ويقودُني
يجولُ بنا ريعانُهُ ويُحاولُه
سما لكَ من سلْمى خيالٌ ودونَها
سَوَادُ كَثِيبٍ عَرْضُهُ فأمايِلُهْ
فذَو النيرِ فالأعلامُ من جانب الحمى
وقُفٌّ كظَهْرِ التُّرْسِ تجري أساجله
وأنَّى اهتدَتْ سلمى وسائلَ بينَنَا
بَشاشَة ُ حُبٍّ باشرَ القلبَ داخِلُهْ
وكم دونَ سلمى من عدوٍّ وبلدة ٍ
يَحارُ بها الهادي الخفيفُ ذلاذلُه
يَظَلُّ بها عَيرُ الفَلاة ِ كأنّهُ
رقيبٌ يخافي شخصَهُ ويضائلُهْ
وما خلتُ سلمى قبلَها ذاتَ رجلة ٍ
إذا قسوريُّ الليلِ جيبتْ سرابلهْ
وقد ذهبَتْ سلمى بعقلِكَ كلَّهِ
فهَلْ غيرُ صَيدٍ أحْرَزَتْهُ حَبائِله
كما أحْرَزَتْ أسْماءُ قلبَ مُرَقِّشٍ
بحُبٍّ كلمْعِ البَرْقِ لاحتْ مَخايله
وأنْكَحَ أسْماءَ المُرَاديَّ يَبْتَغي
بذلكَ عوفٌ أن تصابَ مقاِتله
فلمَّا رأَى أنْ لا قرارَ يقرُّهُ
وأنّ هوَى أسماء لابُدّ قاِتله
ترحلَ من أرضِ العراقِ مرقشٌ
على طربٍ تهوي سراعاً رواحِله
إلى السروِ أرضٌ ساقه نحوها الهوى
ولم يدرِ أنَّ الموتَ بالسّروِ غائلهْ
فغودِرَ بالفَرْدَين أرضٍ نَطِيّة ٍ
مَسيرَة ِ شهْرٍ دائبٍ لا يُوَاكِله
فيا لكَ من ذي حاجة ٍ حيلَ دونَها
وما كلُّ ما يَهوَى امرُؤ هو نائِله
فوجدي بسلمى مثلُ وَجْدِ مُرَقِّشٍ
بأسْماءَ إذ لا تَستفيقُ عَواذِله
قضى نَحْبَهُ وَجداً عليها مُرَقِّشٌ
وعُلّقْتُ مِنْ سَلمى خَبالاً أُماطله
لعمري لموتٌ لا عقوبة َ بعدَهُ
لذي البثِّ أشفى من هوى ً لا يزايِله
برد نسيم الحجاز في السحر
تغنى عنترة بن شداد بمحبوبته من خلال الأبيات التالية:
بَرْدُ نَسيم الحجاز في السَّحَرِ
إذا أتاني بريحهِ العطِرِ
ألذُ عندي مما حوتهُ يدي
من اللآلي والمال والبدَر
ومِلْكُ كِسْرَى لا أَشتَهيه إذا
ما غابَ وجهُ الحبيبِ عن النظر
سقى الخيامَ التي نُصبنَ على
شربَّة ِ الأُنسِ وابلُ المطر
منازلٌ تطلعُ البدورُ بها
مبرقعاتٍ بظلمة ِ الشَّعرِ
بيضٌ وسمرٌ تحمي مضاربها
أساد غابٍ بالبيضِ والسُّمر
صادتْ فُؤادي مِنهُنَّ جارية ٌ
مكْحولة ُ المقْلتين بالحور
تريك من ثغرها إذا ابتسمت
كاسَ مدامٍ قد حفّ بالدرّر
أعارت الظبي سحر مقلتها
وباتَ ليثُ الشَّرَى على حذَر
خودٌ رداحٌ هيفاءُ فاتنة ٌ
تُخجلُ بالحُسنِ بهجة َ القمر
يا عبلَ نارُ الغرام في كَبدي
ترمي فؤادي بأسهم الشرر
يا عبلَ لولا الخيالُ يطرقُني
قضيت ليلي بالنوح والسَّهر
يا عبلَ كَمْ فِتْنة ٍ بَليتُ بها
وخُضتُها بالمُهنَّدِ الذَّكر
والخيلُ سُودُ الوجوه كالحة ٌ
تخوض بحر الهلاكِ والخطر
أُدَافعُ الحادثاتِ فيكِ ولاَ
أطيق دفعَ القضاء والقدر
بين العقيق وبين برقة ثهمد
كما أشار الشاعر عنترة بن شداد في تغزله بمحبوبته في القصيدة التالية:
بين العقيق وبينَ برْقَةِ ثهْمَد
طللٌ لعبلةَ مستهلُّ المعهدِ
يا مسرحَ الآرام في وادي الحمى
هل فيكَ ذو شجنٍ يروحُ ويغتدي
في أَيمَن العَلميْن دَرْسُ مَعالمٍ
أوهى بها جلدي وبانَ تجلدِي
منْ كلّ فاتنة ٍ تلفتْ جيدُها
مرحاً كسالفة ِ الغزالِ الأغيد
يا عبْلُ كمْ يُشْجَى فُؤَادي بالنَّوى
ويرُعني صَوْتُ الغُرابِ الأَسودِ
كيف السُّلوُّ وما سمعتُ حمائماً
يَنْدُبْنَ إلاّ كُنْتُ أوَّلَ منْشِدِ
ولقدْ حبستُ الدَّمع لا بخلاً بهِ
يوْم الوداعِ على رُسوم المَعهَدِ
وسألتُ طير الدَّوح كم مثلي شجا
بأنينهِ وحنينهِ المتردّد
ناديتهُ ومدامعي منهلة ٌ
أيْن الخليُّ منَ الشَّجيِّ المُكْمَدِ
لو كنتَ مثلي ما لبثت ملوّناً
وهتفتّ في غضن النقا المتأوّد
رَفعوا القبابَ على وُجوهٍ أشْرَقَتْ
فيها فغيّبت السهى في الفرقد
واسْتوْقفُوا ماءَ العُيونِ بأعينٍ
مَكحولة بالسِّحْر لا بالإثمِدِ
والشمسُ بين مضرَّجِ ومبلجٍ
والغُصنُ بين موَشَّحٍ ومقلَّدِ
يطلعنَ بين سوالفٍ ومعاطف
وقلائد منْ لؤلوءٍ وزبرجدِ
قالوا اللّقاء غداً بمنْعَرَج اللِّوى
واطولَ شَوْقِ المستَهامِ إلى غدِ
وتخالُ أنفاسي إذا ردَّدتها
بين الطلول محتْ نقوشَ المبْرد
وتنوفة ٍ مجهولة ٍ قد خضتها
بسنان رمحٍ نارهُ لمْ تخمدِ
باكرتها في فتية ٍ عبسية ٍ
منْ كلِّ أرْوعَ في الكريهة ِ أصيدِ
وتَرى بها الرَّاياتِ تَخفُقُ والقنا
وَتَرى العَجاجَ كمثْل بَحرٍ مُزْبدِ
فهناك تنْظرُ آلُ عَبْسٍ مَوْقفي
والخيْلُ تَعثُر بالوشيج الأَمْلدِ
وبوارقُ البيض الرقاقِ لوامعٌ
في عارض مثلِ الغمام المرعدِ
وذوابلُ السُّمر الدّقاق كأَنّها
تحتَ القتام نُجومُ لَيْلٍ أسوَد
وحوافرُ الخيل العتاق على الصفا
مثْلُ الصواعق في قفار الفدْفدِ
باشرْتُ موكبها وخضتُ غُبارَها
أطفأتُ جَمرَ لهيبها المتوقِّدِ
وكررتُ والأبطالُ بينَ تصادم
وتهاجمٍ وتحزُّبٍ وتشدُّدِ
وفَوارسُ الهيجاءِ بينَ ممانعٍ
ومُدافعٍ ومخادعٍ ومُعربدِ
والبيضُ تلمعُ والرِّماح عواسلٌ
والقومُ بين مجدَّلٍ ومقيدِ
ومُوسَّدٍ تَحْتَ التُّرابِ وغيرُهُ
فوقَ الترابِ يئنُ غير موسَّدِ
والجوُّ أقتمُ والنجومُ مضيئة ٌ
والأفقُ مغبرُّ العنانِ الأربدِ
أقحمتُ مهري تحتَ ظلّ عجاجة
بسنان رمحٍ ذابلٍ ومهندِ
رَغَّمتُ أنفَ الحاسِدينَ بسَطْوتي
فغدوا لها منْ راكعين وسجَّدِ
اترك تعليقاً