أحكام عيد الأضحى المبارك ومعانيه
On 6:04 م by سماء الهاشميأحكام عيد الأضحى المبارك
يترقب المسلمون في كل عام هجري مناسبة مهمة تلامس وجدانهم، وهي عيد الأضحى المبارك. يأتي هذا العيد بعد انتهاء مناسك الحج، وتحديداً بعد إتمام يوم عرفة. يرتبط عيد الأضحى بعدد من الأحكام والعبادات التي ينبغي على المسلمين الالتزام بها.
من أبرز هذه الأعمال: ذبح الأضحية، وما يترتب عليها من أحكام، فضلاً عن التكبير في أيام العيد بعد الصلوات المفروضة وغيرها من المسائل. في هذه المقالة، سنتناول جملة من الأمور والأحكام المتعلقة بعيد الأضحى المبارك، مع توضيح آراء العلماء في هذا الشأن.
صلاة العيدين
يُعرف العيد لغة بأنه مصدر يعود، أو قد يُشتق من العادة لأن الناس يتعودون عليه، والجمع منه أعياد. يُعتبر العيد يوماً يجتمع فيه الناس. وقد سُمّي العيد بهذا الاسم لكثرة العوائد الإلهية على خلقه في ذلك اليوم، ولأنه يكرّر سنوياً بالفرح. ليس للمسلمين سوى عيدين، هما عيد الأضحى وعيد الفطر.
أما اصطلاحاً، فهو يوم احتفال يذكر فيه حدث مميز أو يُحتفل بذكرى سعيدة. صلاة العيدين هي عبادة مخصوصة يؤديها المسلمون في ضحى يومي عيد الفطر والأضحى، وفق كيفية معينة.
وقد ثبتت مشروعية صلاة العيدين من خلال نص القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع أهل العلم. الدليل القرآني على مشروعيتها هو قوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)، حيث يُفهم من ذلك أن الصلاة المقصودة هي صلاة العيدين لدلالتها على الأضحية والذبح.
أما الدليل النبوي فهو ما رواه عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- حيث قال: (كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- يصلون العيدين قبل الخطبة). وقد اجتمع المسلمون على مشروعية صلاة العيدين واستمر العمل بها منذ عهد رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حتى يومنا هذا.
حكم صلاة العيدين
تعددت آراء العلماء في حكم صلاة العيدين، مع اتفاقهم على مشروعية هذه العبادة، وفيما يلي بيان أقوالهم:
- يرى فقهاء الحنفية أن صلاة العيدين واجبة على كل من تجب عليه صلاة الجمعة من الرجال، ولا تجب على النساء.
- يعتقد المالكية أن صلاة العيدين سنة مؤكدة على كل من تلزمه الجمعة، وهذا يشمل الرجال دون النساء، وتؤدّى جماعة مع الإمام. أما من فاتته الجماعة ومن لا يُلزم بالجمعة فتكون صلاة العيد في حقه مندوبة.
- يرى الشافعية أن صلاة العيد سنة مؤكدة على كل مكلف، سواء كان ذكراً أم أنثى، ومن المستحب أداؤها جماعة، لكن للحاج يجوز له أداؤها منفرداً.
- يعتبر الحنابلة أن صلاة العيد فرض كفاية، إذ تُفرض على كل من تجب عليه صلاة الجمعة، فإذا أدّاها جماعة سقطت عن الآخرين، وتصير في حق من فاتته جماعة سنة.
يبدأ وقت صلاة العيدين من شروق الشمس وارتفاعها بقدر رمح، ويستمر حتى وقت زوال الشمس، أي قُبيل صلاة الظهر بقليل وهو وقت صلاة الضحى.
ذبح الأضاحي
الأضحية في اللغة مصدر “ضحى” وجمعها أضاحي، وترتبط بالتضحية بالأنعام في أوقات محددة وفق شروط معينة.
يقصد من ذبح الأضاحي القرب إلى الله تعالى، وهي شعيرة متعلقة بأيام عيد الأضحى المبارك، تعبيراً عن الشكر لله واحتفاءً بأحداث تاريخية مرتبطة بسيدنا إبراهيم -عليه السلام-.
حكم الأضحية
الأضحية جائزة مشروعة باتفاق العلماء، وقد استندت على نصوص من القرآن والسنة وإجماع الأمة. فالنبي -صلّى الله عليه وسلّم- ذبح الأضاحي في حياته وحث أصحابه عليها. ومن أدلة المشروعيتها قوله تعالى: (وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ).
وكذلك في سورة الكوثر: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر). وقد روى أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن النبي كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين.
تباينت آراء الفقهاء في حكم الأضحية، ويمكن تلخيص أقوالهم كما يلي:
- رأي جمهور الفقهاء: يذهب الشافعية والحنابلة والمالكية إلى أن الأضحية سنة مؤكدة على من كان قادراً عليها، مستدلين بحديث أم سلمة الذي ورد فيه: (إذا دخلتِ العشر وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمسّ من شعره وبشره شيئًا).
فسّر العلماء هذا الحديث بأنه يدل على اختيار المسلم بين الفعل والترك، حيث يمكنه أن يضحي أو لا يقوم بذلك.
- رأي الحنفيّة والإمام أحمد بن حنبل وابن تيمية: ذهب هؤلاء إلى أن الأضحية واجبة على كل مسلم بالغ عاقل قادر، مستدلين بقوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر)، حيث جاءت بصيغة الأمر، مما يدل على وجوبها للقدرة عليها.
التكبير
يُسَنّ التكبير في ليلتي عيد الفطر والأضحى بالإجماع، ويكون التكبير في هذين العيدين غير مقيد بالصلاة، بل هو مستحب بشكل عام في المساجد والطرقات والأسواق والمنازل. وقد استند هذا إلى قوله تعالى: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
عيد الأضحى يتميز بجوانب خاصة تتعلق بالتكبير، حيث ينقسم التكبير إلى نوعين:
- التكبير المقيد: هو التكبير الذي يردده المسلمون بعد الصلوات المفروضة، ويبدأ هذا النوع في صبيحة يوم عرفة وينتهي عند غروب شمس اليوم الرابع من أيام التشريق.
- التكبير المطلق: يحدث في جميع أوقات النهار، ويبدأ منذ رؤية هلال ذي الحجة وينتهي عند غروب شمس اليوم الرابع من أيام التشريق.
تعددت آراء الفقهاء بشأن صيغة التكبير، وهناك قولان رئيسيان:
- فريق من العلماء يرى أن التكبير يجب أن يكون ثلاث مرات متتابعة
بقولهم: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر). ويذهب فقهاء الشافعية إلى أن صيغة التكبير المستحبة هي: (الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد).
أي إضافة على التكبير من ذكر الله فهي مقبولة.
- فريق آخر يرى أن الأفضل أن يكون التكبير مرتين مرتين
بقولهم: (الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد)، وهذا ما ذهبت إليه الحنابلة.
اترك تعليقاً