أسباب ونتائج أزمة الكساد الكبير في الولايات المتحدة
On 3:48 ص by حسن العليعوامل أزمة عام 1929
تعتبر أزمة عام 1929، المعروفة باسم الكساد الكبير، إحدى أهم الانتكاسات التي شهدها الاقتصاد العالمي بين عامي 1929 و1939. ويرجع سبب حدوث هذه الأزمة إلى مجموعة من العوامل، أبرزها ما يلي:
انهيار سوق الأسهم في 1929
مع بدء تراجع أداء سوق الأسهم في عام 1929، سادت حالة من الذعر بين المستثمرين الذين كانوا قد ضخوا مبالغ طائلة في السوق عندما وصلت أسعار الأسهم إلى مستويات قياسية. وعندما بدأ الانخفاض في الأسعار، بذل هؤلاء المستثمرون جهودًا حثيثة لتصفية أسهمهم، دون أن يجدوا من يشتريها، مما أدى إلى تفاقم الانهيار الذي وصل إلى انخفاض بنسبة 33% في أسعار الأسهم وفقدان الثقة في السوق.
أخطاء السياسات النقدية لبنك الاحتياطي الفيدرالي
تشير بعض الآراء إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي أسهم في تفاقم أزمة الكساد الكبير من خلال رفعه لأسعار الفائدة، مما قلل من إمكانية الحصول على القروض. اعتقد البنك أن تقليل المعروض النقدي يعد إجراءً ضروريًا لتثبيت معيار الذهب الذي كان يربط قيمة بعض العملات بكمية محددة من الذهب. لكن إجراءات تقليل المعروض النقدي أدت إلى انخفاض الأسعار، مما زاد من صعوبة الإقراض والاستثمار، وأدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية.
الضعف الهيكلي في الاقتصاد العالمي
تكشفت العديد من نقاط الضعف في الاقتصاد العالمي مع تغير طبيعته بين الدول. فقد بدأت الدول في التعافي من آثار الحرب العالمية الأولى خلال العشرينيات، ولكن تغيرت اهتمامات وأساليب إنفاق المستهلكين بشكل جذري. فعلى سبيل المثال، أصبح شراء السلع طويلة الأجل مثل الأجهزة الكهربائية والسيارات أكثر أولوية من غيرها.
زاد هذا الاستهلاك من ثروات أصحاب الأعمال بشكل كبير، لكن في المقابل جعلهم أكثر عرضة لتقلبات ثقة المستهلكين. كما أدت زيادة المنافسة بين الدول المصدرة للسلع إلى تدهور التعاون الدولي، الذي كان يعتبر أمرًا ضروريًا لإدارة النظام النقدي العالمي. ونتيجة لذلك، لم تتمكن الدول من التعاون لحل مشكلات الاقتصاد، مما أضعف أي مجهودات فردية للحل.
معيار الذهب وتأثيره
نتيجة للقلق الذي أصاب المستثمرين بعد انهيار سوق الأوراق المالية، بدأوا في استبدال دولاراتهم بالذهب. كانت الولايات المتحدة كغيرها من الدول تعمل بموجب معيار الذهب، حيث يمكن تحويل الدولار إلى ذهب مما أدى إلى تدفق كبير للذهب إلى الولايات المتحدة.
أدى ذلك بدوره إلى قيام البنوك المركزية الأجنبية برفع أسعار الفائدة لمواجهة الضغوط الناتجة عن تدفق الذهب، مما أثر سلبًا على الإنتاج والأسعار وزيادة معدل البطالة في كثير من البلدان، وبالتالي زادت حدة الأزمة الاقتصادية.
نتائج وتأثيرات أزمة 1929
على الرغم من أن جذور الكساد الكبير تعود إلى الولايات المتحدة، إلا أن تأثيراته امتدت لتشمل معظم دول العالم. وقد نتج عن هذه الأزمة العديد من النتائج والتأثيرات تستطيع تلخيصها على الوجه التالي:
التأثيرات الاقتصادية
انكمش الاقتصاد بنسبة تصل إلى 50% على مدى الخمس سنوات الأولى من الكساد الكبير في عام 1929، وانخفض مؤشر أسعار المستهلك (CPI) المستخدم لقياس مستويات التضخم. أدت هذه الانخفاضات إلى إفلاس العديد من الشركات وارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير، حيث وصلت إلى 24.9% بحلول عام 1933.
التأثيرات الاجتماعية
أسفر الكساد الكبير عن دمار كبير في القطاع الزراعي، حيث تراجعت أسعار المنتجات الزراعية بشكل حاد لمدة قاربت العشر سنوات، مما دفع العديد من المزارعين إلى الهجرة بحثًا عن فرص عمل. عاشت هذه الشريحة من المجتمع ظروفًا معيشية صعبة، وتمكن الكساد من التسبب في شعور واسع بالاكتئاب، حيث اعتقد الكثيرون أن الحلم الأمريكي بالرفاهية قد انتهى.
التأثيرات السياسية
زعزعت أزمة عام 1929 ثقة المواطنين في النظام الرأسمالي الأمريكي، الذي كان يقوم على مبدأ عدم التدخل الذي دعا إليه الرئيس هربرت هوفر. ونتيجة لذلك، تم انتخاب فرانكلين روزفلت رئيسًا، حيث ابتدأ بتطبيق مجموعة من السياسات والإجراءات للتخفيف من حدّة الكساد.
التأثير على البنوك
خلال فترة الكساد، انهار نحو ثلث البنوك، حيث فقد المواطنون حوالي 140 مليار دولار من ودائعهم. استخدمت البنوك تلك الأموال للاستثمار في سوق الأوراق المالية، مما دفع الناس للركض لسحب ودائعهم قبل فوات الأوان، ونتيجة لذلك توقفت العديد من البنوك عن العمل.
التأثير على سوق الأوراق المالية
بين عامي 1929 و1932، فقد سوق الأوراق المالية 90% من قيمته، ولم يتمكن من التعافي لربع قرن. مما ساهم في فقدان الثقة العميق في السوق، وخسر المستثمرون والشركات والبنوك أموالهم، حتى أولئك الذين لم يشاركوا في الاستثمار تكبدوا خسائر.
اترك تعليقاً