قصائد الرافعي عن الحب والعاطفة
On 8:29 ص by سعيد التميميأحمل بليت بهذا الحب بمفردي
لقد تحملت عبء هذا الحب وحدي،
وكل شخص لديه مشاعره، ولكن ليس لي.
وإنها الجمال في تمثالها، وأنا الحب،
فلا عاشق قبلي، ولا عاشق بعدي.
وفي كل وادٍ، يكون للغرام بهجة،
فشأني في باريس يساوي شأني في نجد.
ولم أنسَ يومًا أنني زرتها صباحًا،
كما هبّ النسيم بلا وعد.
وكانت أنتَ وهي والدلال يحول بينها،
فأظهرت ما أخفي وتخفى ما أظهر.
وما زلتُ حتى قبلةً كتمتني،
على حذرٍ حتى من الزينة والعقد.
وكنا كالأزهار تتلامس،
ولا جلبة للنسرين في شفتَي الورد.
وكان فمي إليها بمثابة رسالة،
فسلّمها فاهما، وأثقل الدنيا بالرد.
إذا لم يكن عند الحبيبة ما يُقضى،
فقولوا لماذا لا يكون الشوق لدي؟
أنت غارز الحب في ضلوعي
أنت من غرس الحب في ضلوعي،
فكيف لي ألا أسقيه من دموعي؟
لو أردتَ، يا بهاء العيون، لم يخفُت،
لم تُطفئ نيران هذا القلب الجريح.
ولم أخلُ ليلة جافيتني،
من المضجع الجاف إلى مضجعي.
إذا دعاني السهر، لبّى نداءه،
وإن دعوتُ النوم، لم يَعُد.
أسأل ليلي لماذا لم يختفِ،
ومتى يشرق صباح النجم؟
وأحسب الطيور، إذا عادت،
قد حنت لمن أحبّت، فأنشدت.
ذي هيفٍ يقنعني طيفه،
وهو بلا روحٍ لم يُقنعني.
لم ألقَ ممن نظروا في وجهه،
إلا شابًا يعشق أو يدعي.
يا هاجراً أحرقني طرفه،
فكل دواء فيّ لم يُجدي.
كم من حرقة ضاقت بها صدري،
ولوعة كتمتها في أضلعي.
وحسرة في النفس لا تبرح،
قلب الشاب العذري حتى نعي.
أخلفها بعدي لعشاق الهوى،
من موجع القلب إلى موجع.
تستدرج الملك عن عرشه،
بين يدي عرش الحب الرفيع.
وانثر البهجة يوم المعركة،
إلى فؤاد البطل المبدع.
فابعث إلى قلبي شيء من طيفك،
لأعيد إليه النوم الذي مضى.
كم أفتى الحب وكم نهى،
فبتّ باكياً العينين، لم أهجع.
ومن يقوده الحب،
يجره إلى مصيره.
ومات الحب يا ليالي الوداد
لقد قُتل الحب، يا ليالي الوداد،
فاسلمي قلوبا وأكبادا.
مهجة تتأجج عشقًا، لكن،
ألف قلب يغلي بالأحقاد.
وصدور كالنار تحت الرماد،
غطى سواد الرياء شبح الرماد.
وهُموم الحياة تُنشئ للحزن،
وأي إنسان بلا قلب؟
ما أمنت الزمان إلا كما يأمن،
إبليس الزاهد من الزهاد.
كل يوم يُنادي الناس بصوت،
كضجيج الساعات في المحدد.
أين من يأمن العوادي والنا،
بأنواعهم؟ ثمار العنواد.
من تتركه فليلحق بالنضد،
ورب البستان يترقب.
وقتيلا من كان في الغاب حيًا،
تتوالاه أعين الأسود.
أرقني يا طائر الحمام
أيها الحمام، أرقني بمشاعرك،
فهل تجد الحُب كما أجد؟
بتّ على الغصن أغني، ناقمًا،
وأبكي الذين قد ابتعدوا.
وأعينى ما زالت تراقب،
وأضلعي لا تزال تتوهج.
إنا كلانا لعاشق مُمزّق،
وقد سرق النوم والسهاد قهري.
فاكرم على مهدي الجوى، كبدي،
لدي مهجة تعشق الجمال.
أيشتم أو يُلام في حبّ الروح؟
عذبها بالصدود ذو هيفٍ،
يبدو مغرماً بشكله.
تتزين في عُشقه الظباء،
وقد أذل الأسد بسرّ جاذبيته.
قُف على داره، واسأله،
هل أقلّ من وعده الذي وعد؟
وغني إن رأيتما الطلل،
الذي أُقفر بعد الأحبة.
عصافير تحسب القلوب من الحب
عصافير يعتبرن القلوب من الحب،
فمن لي بطيور تقتنص قلبي،
وطارت فلما خافت عيني، أفقدتها،
أزالت لها حبا من لؤلؤ رطب.
فيا ليتني طائرٌ أجاور عشّها،
فيدبّ الوحشة بعدي، ويُؤنس قربها.
ويا ليتها قد عششت في قلبي،
تغرد في جناح، وتمرح في الآخر.
ألا يا عصافير الربا، قد عشقت،
فهبي لتعلّمي الهوى والبكاء.
علمني النوح الذي لو سمعته،
لرثيت لأهل الحب من شغفهم.
خذي في جناحيك الهوى الذي بجوانحي،
وروحي بروحي، للتي أخذت لبابي.
نظرت إليها نظرة، فتوجعت،
وثنيت بأخرى فدارت رحى الحرب.
فمن لحظة يُرمى بها حد،
كالسيفين المتحابين.
ومن نظرة ترتد من وجه أخرى،
كالرمي الذي يتقاطع.
فساقت لعيني عينها كل سهم،
قذفتني بقلبي من كل خوف.
وساق لسمعي صدرها كل زفرة،
أقرت بصدري كل كربة.
ودارت بي الألحاظ من كل جانب،
فمنهن في سلبي، ومنهن في نحبي.
فقلت خدعنا، إنها الحرب خدعة،
وهون خطبي أن آسر الهوى قضيتي.
فقالت: إذا لم تنجو نفس من الحتوف،
فحسبك أن تهوى. قلت: ليَ العذر.
إما لامني فيك ملامٌ،
فأكبر ذنبي حبك.
يا من سمعتم بالهوى، إنما الهوى،
دم ودم، ومن جوى يصبُ، آخر يُصاب.
متى ائتلفا، ذلاً وهوانًا يتعاشقان،
وإلا فما رونق الحسن يجذب.
سلوني، أخبركم فلا أحد يدرك،
ما هو الهوى سواي، ولا أحد من صبٍ.
إذا شعراء الصيد عَدوا، فأنا،
شاعر هذا الجمال في العجم والعرب.
وإن أنا تواصلت بالقلوب، تمايلت،
بها نسمات الشعر، قلبًا على قلب.
وبي من إذا شاؤوا، وصفت جمالها،
فوالله ما يبقى فؤاد بلا حب.
من الغيد، أما دلّها فملاذ،
وأما عذابي فهو من ريقها العذب.
ولم يبقِ منها غير لمسة،
ولا هي أبقت للحسان شيئًا.
عرضتُ لها بين التذلّل والرضا،
وقد وقفت بين التدلل والعتب.
وأبصرت أمثال الدمى تحيطني،
فقلت أهذي الشهب أم ظلال؟
فما زال يهدي ناظري نور وجهها،
كما نظر الملاح في نجمة القطبي.
وقد طارت أسرابًا، وأشعرنا الخوف،
فعيني في سرب، وقلبي في سرب.
وقالت: تجلّد، قلت: يا ميّ، سائلي،
عن الحزن يعقوباً ويوسف في الجب.
وما إن أرى الأحباب إلا ودائع،
ترد، إما برضاء أو غضب.
اترك تعليقاً