قصائد مختارة من شعر امرئ القيس
On 5:22 ص by سلمى المهندسصباح الخير أيها الأصدقاء
صباح الخير أيها الأصدقاء،
وحدث بما تراه من حقائق إن شئتَ، وَكن صادقاً
واخبر بأن الأثقال قد زالت في ليلةٍ.
كما نحلٍ من الأعراض بلا مبالاة.
فهن جعلنَ حملَهن عندما استقررنَ.
وخففنَ من أعباء الحراك المنمق.
وعلى أكتافهن تساور أعشابٌ وجاذرٌ،
تغمرها روائح المسك الفاخر والزنبق.
أتبعتهم بعيني، وقد حال بيننا
رمالٌ عميقةٌ ذات جمالٍ فائق.
على مهلٍ عامدين لنيةٍ،
فقد بارحت العقيق أو معبرٍ غامضٍ.
ثم عزيت نفسي حين ودعتهم بجسرٍ
كأحد أوجه بنيان اليهودي المتجه.
إذا زجرتَها خشي أن تروح عنهم
غالياً بعذقٍ من ثمرٍ جنيء.
تذهب إذا ذهبت بجمالٍ شجاعٍ،
ترى في إثر أولئك المنطلقين.
كأن بداخلها هرّاً يجذبها
بكافة المسارات التي تقودني إلى المآزق.
وكأنني وعاملي وصديقي والسيف
على قناةٍ ذات زوائد متشنقة.
تذهب من وطنٍ إلى آخر بلا حدودٍ،
لذِكرى الخريف بين البيض المتألق.
تجوب في آفاق البلاد مغرباً،
وتسحقها ريح الصبا مهما كانت عاتية.
وفي بيتٍ تفوح فيه روائح المسك من حجراته،
بعيداً عن الآفات بلا انزلاق.
دخلت إلى بيتٍ كبيرٍ ذات أعمدةٍ
تغطيه سيولاً إذا وصلتُ إليك.
وقد توقفت في وسط السماء نجومه،
مثل חمدع(نوادي الربرب المتلألئة).
وقد أتممتُ شغلاً قبيل العطس بهيكلٍ
قوي المظهر، ومنه تخرج الأحاديث.
فقد أرسلنا قبلها رُسلاً محملةً،
كذئب الغضا الذي يسير في الصعوبات ويتقي.
فقد ظل كالأغصان الشائكة التي ترفع رأسها،
وسائر أقرانه مثل التراب المدقوق.
وجاء خفيًا تجوب الأرض ببطنه،
تسحب التراب منها لعق ADN طالب.
وقال ألا هذا صعودٌ وفرحةٌ،
وويب ينبغي تدبيره بفقاعة.
فقمنا بأشلاء اللجام ولم نعتد
إلى غصن البان الناعم الذي لم يُحرق.
نقاربُه حتى حملنا غلامنا
على ظهرٍ كصقور العقاب.
كأن غُلامي عندما علا حاله
على ظهر طير في السماء المحلقة.
رأى أرنباً فانقضّ يزدهر أمامه،
فقلت له: صوب ولا تُجهد نفسك،
فاستدارت كالأغصان المفصولة دائرية،
بجيد الغلام ذي القميص المتناسق.
وأدركهن ثانياً من عناقه
كغيث العصر المتناثر المتلألئ.
فصاد لنا عيراً وثوراً وجراداً،
عدةً ولم يرش بماءٍ فيعرق.
وظل غُلامي يضجع الرمح حوله
لكل انطلاق أو لصدٍّ الأعداء.
وقام طويل القامة إذا يُخضبونه،
مثل شخصٍ عزيزٍ فارسي اللسان.
فقلنا: ألا قد كان صيداً للقناص،
فأخفوا علينا كل ثوبٍ مزينٍ.
وظل أصدقائي يتمتعون بنعمةٍ
يصفون بركةً متماسكة المسار.
ورحنا وكأننا من جؤاثي عشيةٍ،
حصاةُ النعاج بين التوازن والمشنق.
ورحنا بكنز الماء يجذبُ وسطنا،
تصوب فيه العين أحياناً وتنطلق.
وأصبح الزهلول يُزلّ غلامي
مثل قدح القدر باليدين المالفتين.
كأن دماء الوحوش عند نحره
تشبه عصارة الحناء بالشيب المتفرق.
صباح الخير أيها الأدلة القديمة
صباح الخير أيها الأدلة القديمة،
فهل يتمكن من كان في العصور الفائتة،
وهل يتمكن إلا سعيدٌ خالدٌ،
قليل الهموم ما يبيت بأوجاعٍ؟
وهل يتمكن من كان أحدث عهدٍ به،
ثلاثين شهراً في ثلاثة أحوالٍ؟
ديارٌ لسلمة، عافات بها الغالي.
ألح عليه كل أسهم هطلةٍ.
وتحسب سلمى لا تزال ترى طلا
من الوحش أو بيضاً بميثاء محلالٍ،
وتحسب سلمى لا نزال كعهدنا،
بوادي الخزامى أو على رسّ وعالٍ.
ليالي سلمة إذ تريك منسوباً،
وجيداً كجيد الرئم ليس بمستحب.
ألا زعمت بسبابة اليوم أنني،
كبرت وأن لا يحسن اللهو أمثالي؟
كذبتَ، لقد أصبى على المرء عرسه،
وأمنع عرسي أن يُزين بها الغالي.
ويا رب يومٍ قد لهوت وليلٍ،
بأنيسة كأنها خط تمثالٍ.
يضئ الفراش وجهها لضجيعها،
كمصباح زيتٍ في قناديلٍ ذابلةٍ.
كأنّ على لباتها جمر مُصطلٍ،
أصاب غضى جزلاً وكفّاً بأشتالٍ.
وهبت له ريحٌ بمختلف الصوايا،
صباً وشمال في منازل قفالٍ.
ومثلكِ بيضاء العوارض طفلةٍ،
لعوب تُنسيني إذا قمتُ سِربالي.
إذا ما الضجيعُ ابتزها من ثيابها،
تميل عليه هونةً غير مُجملةٍ.
كحِقف النقّا يمشي الوليدان فوقه،
بما احتسبا من لين مسٍ وتساهلٍ.
لطيفة طيّ الكشح غير مُفاضةٍ،
إذا انفتلت مرتجّةً غير مئذانٍ.
تنورتها من أذرعاتٍ وأهلها،
بيثرب أدنى دارها نظرٌ عالٍ.
نظرت إليها والنجوم كأنها،
مصابيح رهبانٍ تشب لقفالٍ.
سموت إليها بعد ما نام أهلها،
سُموّ حباب الماء حالاً على حالٍ.
فقالت سباكي الله إنك فاضحي،
ألست ترى السمار والناس أحوالي؟
فقلت: يمين الله أبرح قاعداً،
ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي.
حلَفتُ لها بالله حلفاً فاجراً،
لناموا فمَا إن مِن حديثٍ ولا صالِ.
فلما تنازعنا الحديث وأسمحت،
هصرت بغصنٍ ذي شماريخَ ميلةٍ.
وصِرنا إلى الحسنى ورَقَّ كلامنا،
ورضتُ فذللت صعبةً أيّ إذلالٍ.
فأصبحتُ معشوقاً وأصبح بعلها،
عليه القتام سيئ الظن والبَالِ.
يغُط غطيط البكر شدّ خناقه،
ليقتلني والمرء ليس بقتّالِ.
أيقتلني والمشرفي مضاجعي،
ومسنونةٌ زرقٌ كأنياب أغوالِ.
وليس بذي رمحٍ فيطعني به،
وليس بذي سيفٍ وليس بنبّالِ.
أيقتلني وقد شغفت فؤادها،
كما شغف المهندُ الرجل الطالي.
وقد علمت سلمى وإن كان بعلها،
بأن الفتى يهذي وليس بفعالِ.
وماذا عليه إن ذكرت أوانِساً،
كَغزلانٍ رمل في محاريب أكيالِ.
وبيت عذارى يوم دجن ولجته،
يطُفنَ بجَبّاءِ المرافق مكسالِ.
سباط البنان والعَرانين والقُنا،
لطاف الخصور في تمامٍ وإكمالٍ.
نواعِم يُتبعن الهَوى سُبُلَ الردى،
يقلن لأهل الحلم ضللت بتضلالِ.
صرَفتُ الهوى عنهُن مِن خشية الردى،
ولست بمقليّ الخلال ولا قالِ.
كأني لم أركب جواداً للذّاة،
ولم أتبطّن كائبةً ذات خيلالِ.
ولم أسبإ الزق الرَّوي ولم أقول،
لخيلي كُرّي كَرَةً بعد إجفالِ.
ولم أشهد الخيل المُغيرَةَ بالضحى،
على هيكلٍ عبلِ الجزارَةِ جُوالِ.
سليم الشظى عبل الشوى شنجَ النساء،
له حجَباتٌ مُشرفاتٌ على الفالِ.
وصُمٌ صلابٌ ما يقين من الواجى،
كأني مكان الردف منه على رائلٍ.
وقد أغتدي والطير في وكُناتها،
لغيثٍ من الوسمي رائدُه خالٍ.
تحاماه أطراف الرماح تحامياً،
وجد عليه كل أحمَ هطالِ.
بعقلزةٍ قد أترز الجري لحمها،
كميتٍ كأنها هراوة منوالٍ.
ذعرتُ بها سرباً نقياً جلدُه،
وأكرعه وشي البُرود من الخالِ.
كأن الصوّارَ إذا تجهدَ عدوُّه،
على جمجمة خيلٍ تجول بأجلالِ.
فجال الصوّار واعتدين بقربٍ.
طويل الفرا والروق أخنس ذي ذيلٍ.
فعادى عِداءً بين ثورٍ ونعجةٍ،
وكان عِداءُ الوحش مني على بالِ.
كأني بفَتحاءِ الجناحين لقوةٍ،
صيودٍ مِن العقبان طأطأتُ شِملالي.
تَخَطّف خزّانَ الشريّة بالضحى،
وقد حجرَت منها ثعالب أورالِ.
كأني قلوبَ الطير رطباً ويابساً،
لدى وكرها العنّاب والحشَفُ البالي.
فلَو أَنَّ ما أسعى لأدنى مَعاشةٍ،
لكفاني ولم أطلب قليلاً من المالِ.
ولكني أسعى لمجدٍ مؤثّلٍ،
وقد يدرك المجد المؤثّل أفرادي.
وما المرء ما دامت حشاشة نفسِهِ،
بمُدرِك أطراف الخطوب ولا آلي.
اترك تعليقاً