أحكام النسيان في الصلاة
On 5:49 ص by سماء الهاشميسجود السهو
تُعتبر صفة الكمال من صفات الله تعالى، ولا يمكن أن يُشاركه فيها أحدٌ من مخلوقاته، بينما يُعدّ النقص صفةً من طبيعة البشر. لذلك، جاءت التّشريعات الإسلامية متوافقةً مع طبيعة الناس، مُعترفةً بقصورهم عن إدراك الكمال. ومن ضمن تلك التشريعات هو ما وضعه الإسلام من شأن سجود السهو أثناء الصلاة عند حدوث أي خللٍ في أدائها؛ وذلك لتعويض ما حدث من نقص أو زيادة أو شكٍ في الصلاة. وهذا يُشير إلى يُسر العبادات في الإسلام، التي تُعد سمة بارزة في تشريعاته. وقد ورد في الأحاديث النبوية أن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- سها في صلاته وسجد للسهو. يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (إنما أنا بشرٌ أنسى كما تنسون، فإذا نسيتُ فذكروني، وإذا شكَّ أحدُكم في صلاتِه فليتحرَّ الصوابَ، فلْيُتِمَّ عليه، ثم لِيسجدْ سجدتين). لذا ينبغي على المسلم أن يكون على معرفة بأسباب سجود السهو وأحكامه ومواضعه، ليضمن سلامة صلاته ويحصل على أجرها، فليس هناك عذر للمسلم بجهله في أمور العبادات المفروضة.
أحكام السهو في الصلاة
يحدث الخلل في الصلاة وقد يكون في أركانها أو واجباتها أو سننها، وتصحيح هذه الأخطاء له أحكامه عند الفقهاء، وسيتم توضيح ذلك في العناوين التالية.
السهو في أركان الصلاة القولية
قد يترك المصلي ركناً من أركان الصلاة أو ينقله أو يبدله:
- إذا ترك المصلي تكبيرة الإحرام، يُطلب منه إعادة الصلاة، كونها بداية الدخول في الصلاة، ولا يمكن تعويضها.
- إذا نقل المصلي ركناً قوليّاً إلى موضع غير موضعه الصحيح في الصلاة، مثل قراءة الفاتحة أثناء الركوع أو التشهد بدلاً من القيام، فإنه يُوجب سجود السهو، بينما المالكية لا يُلزِمونه بالسجود، بينما يُجوزه بعض الحنابلة على الاستحباب. الحنفية سبقت فصلا في المسألة، فقد يفترض السجود للسهو عند قراءة الفاتحة في الركوع أو السجود، ولكن لا السجود للتشهد في موضع القيام، لأن ذلك يُعتبر مكان ثناء.
- إذا نسي المصلي الركن القولي، يُلزم الجمهور بقضاء ركعة وسجود السهو، حيث أن قراءة الفاتحة تُعتبر ركنًا في جميع الركعات، خلافاً للحنفية الذين يجيزون قضاءها في آخر الركعتين مع سجود السهو. أما بالنسبة للتشهد الأخير أو التسليمة، فإن الشافعية يشترطون الإتيان به ثم يُسجد للسهو. يتفق الفقهاء على بطلان الصلاة في حال عدم سجود المصلي بعد حدوث الخلل.
السهو في أركان الصلاة الفعلية
في حال نسي المصلي ركناً فعلياً، يُمكن تقسيم الفقهاء إلى عدة آراء:
- إذا نسي ركناً فعلياً قبل إنهاء الصلاة، كتقديم السجود على الركوع، يلزمه قضاؤه عند التذكر، ثم يُسجد للسهو في نهاية الصلاة، وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة.
- الحنفية يرون أن ترك سجدتين لا يبطل الركعة الكاملة، بل عليه قضاء السجدة ثم سجود السهو. إذا ترك السجدتين أو الركوع، فيلزمه قضاء ركعة كاملة حسب رأي الشافعية والحنابلة.
- إذا لم يتذكر المصلي الركن إلا بعد التسليم، فعليه الرجوع لقضاء الركعة، بخلاف الحنفية الذين يختلفون عن الشافعية في ركن السجود.
- إذا طال الوقت بين إنهاء الصلاة والتذكر، أو إذا انتقض وضوءه قبل التذكر، فعليه إعادة الصلاة.
- الأغلبية العظمى من العلماء اتفقوا على أن الكلام القليل خلال الفترة الفاصلة بين التسليم والتذكر لا يُفسد الصلاة، بينما يختلف الحنفية في هذا.
السهو في واجبات وسنن الصلاة
يتنوع السهو في واجبات الصلاة عن سننها، حيث يتم تفصيل ذلك كما يلي:
- يعد الحنفية والحنابلة بعض الأمور واجبة في الصلاة، لذا يُلزَم بالقيام بسجود السهو عند نسيانها. مثلاً، إذا نسي المصلي التشهد الأول وقام للركعة الثالثة، فإن كان العودة أسهل، يرجع للتشهد من دون حاجة للسجود، وإذا كان القيام أقرب، فلا يحتاج للعودة للتشهد خلال الركعة. ويجبر الخلل بسجود السهو، كما ورد عن الرسول: (إذا صلَّى أحدُكم فقام من الجلوسِ فإنْ لم يستتمَّ قائمًا فليجلسْ…).
- ترك السنن سهواً أو عمدًا لا يُعتبر خللاً يستدعي سجود السهو، إلا في حالات نادرة. فترك دعاء القنوت في صلاة الفجر يُوجب سجود السهو لدى الشافعية، كما تناول بعض العلماء مسألة ترك الجهر في الصلاة الجهرية أو الإسرار في الصلاة السرية، ورأوا أن ذلك يُجبر بالسجود.
- الجهر في الصلاة السرية أو الإسرار في الصلاة الجهرية يُعد استثناءً في سجود السهو، كما رأى الشافعي وأحمد.
- الأذكار والأدعية المعروفة في الصلاة لا تحتاج لسجود السهو، إلا في حالة اعتبرها بعض العلماء واجبة.
أحكام السهو بالزيادة في الصلاة
الزيادة في الصلاة قد تكون في جنس أو أفعال الصلاة، وتفصيل ذلك كالتالي:
- إذا كانت الزيادة من جنس أفعال الصلاة، كإضافة ركعة أو سجدة، يستوجب ذلك سجود السهو، كما ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- (إذا زادَ الرجلُ أو نَقَصَ فليَسْجُدْ سجدتين).
- إذا أضاف المصلي ركعةً دون قصد بعد الانتهاء من الصلاة، تختلف أحكام سجود السهو حسب وقت تذكره:
- إذا تذكر قبل السجود، يعود مباشرة للتشهد، وإذا لم يفعل عمدًا بطلت صلاته.
- إذا تذكر بعد السجود، تُلزمه جميع المذاهب بخلاف الحنفية بالتشهد بعد الركعة الزائدة ثم يسجد للسهو.
- إذا أتى المصلي بدعاء غير مأثور، فلا يُفسد الصلاة ولا يستدعي سجود السهو.
- إذا كانت الزيادة أقوالاً من جنس الصلاة كالكلام أو رد السلام، تفسد الصلاة عمدًا حسب رأي الجمهور، بينما يختلف الحنفية.
- إذا كانت الزيادة أفعالاً من غير جنس الصلاة، كالإنتقال أو حكة، فإن كان بسيطًا فلا حرج، وإذا كان كثيرًا تُفسد الصلاة.
حكم السهو عند الشكّ في عدد ركعات الصلاة
إذا شعر المصلي بالشك حول عدد الركعات، فقد فصل العلماء في المسألة كالتالي:
- اتفق معظم الفقهاء على أن الشكّ يؤخذ في الاعتبار لمصلحة الأقل، كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عندما قال: (إذا شَكَّ أحدُكُم في صلاتِهِ، فليطرَحِ الشكَّ وليبنِ على ما استيقنَ…).
- أما فقهاء الحنفية، فقد رأوا وجوب إعادة الصلاة إذا بدأ الشك، حيث استندوا إلى حديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حول السهو، وما عدا ذلك يبني المصلي على ظنه ولا فرق بين الظنين.
تعريف الصلاة وحكمها
- تعريف الصلاة: هي عبادةٌ مفروضةٌ لله تعالى يؤديها المسلمون بأقوال وأفعال محددة، تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم، وسميت بالصلاة لأنها تتضمن الدعاء والوقوف بين يدي الله.
- حكم الصلاة: تُعتبر من أهم العبادات في الدين، وتجدر الإشارة إلى أن الناس مجمعون على أنها من فروض الأعيان، حيث تجب على كل مسلم ومسلمة عند أهل العلم. الدليل على فرضية الصلاة واضح في القرآن الكريم والسنة النبوية.
اترك تعليقاً